"بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك تم تعديل موعد إغلاق الوحدات السكنية ليصبح الساعة /11/ ليلاً طيلة الشهر الفضيل، نأمل من الجميع الالتزام بآداب الشهر الفضيل ولا سيما عدم الأكل والشرب في الحدائق والشوارع قبل الإفطار وعدم ارتداء الملابس غير المناسبة، والخلوات غير المقبولة، آملين عدم ضبط أحد مخالفاً لمضمونه كي لا نضطر آسفين لتطبيق النظام والقانون عليه".
هذا نص الإعلان الذي أصدرته المدينة الجامعية في جامعة حلب السورية خلال شهر رمضان الحالي.
الإعلان الذي انتشر بشكل واسع على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، أثار جدلاً كبيراً بين السوريين، واضطرت جامعة حلب إلى سحبه والاعتذار بشكل علني من الطلاب.
مدير المدينة الجامعية بحلب حسان قطنه جي، أوضح أن ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي لم يصدر من الجامعة، بل هو عبارة عن اعلان صدر وفقاً لـ "اجتهاد شخصي" من قبل معاون المدير، ضمن المدينة الجامعية، وليس من قبل الإدارة أو الجامعة، مضيفاً أن الهدف منه هو منع أي استفزاز للصائمين الذين قدموا شكاوى وطلب بالحد من تجمعات الاكل والشرب والأراكيل، وضبط سلوك الطلاب فقط نتيجة انتشار سلوكيات وملابس غير مناسبة من قبل الطلاب، لكن البعض فسر التعميم أنه اجبار الجميع على الصيام وهذا غير صحيح فلا علاقة للاعلان بالحياة الخاصة ﻷي شخص والتي هي محط احترام، وأشار إلى أن الغرض من التعميم هو إعلام الطلاب بتعديل موعد إغلاق الوحدات، لافتاً إلى أنه تم سحب الإعلان مباشرةً منعاً لحدوث أي سوء فهم.
قطنه جي قدم اعتذاره وقال "لم أقصد الإهانة ولم أتوقع أن يأخد الموضوع هذه الأبعاد، تم فهم الموضوع بشكل خاطئ، والغاية منه كانت نبيلة، وليس الهدف إزعاج أحد، وتم النظر إلى الموضوع بشكل سلبي".
وأضاف أنه تم التعليق على الموضوع أكثر مما يحتمل"، لافتاً إلى أن "المدينة الجامعية مؤسسة لها نظام خاص ويجب تطبيقه والالتزام به في الحدود الدنيا على الأقل"، وأشار قطنه جي إلى أن ما قصد بالإعلان هو الحدائق العامة والشوارع الخارجية ضمن إطار الجامعة، أما داخل الغرف للطالب حقوقه الشخصية الكاملة في حرية التصرف، وختم حديثه قائلاً "يعيش الطلاب في الفترة الأخيرة حالة من لا قانون، وذلك نتيجة عدم إصدار القوانين وملاحقة الطلاب والتساهل في تطبيق النظام".
بدوره بين رئيس جامعة حلب مصطفى أفيوني أنه تمت إزالة الإعلان، مبينا عدم العمل بمضمون ما جاء في الكتاب بهذا الشكل، ولفت أفيوني إلى رفض الجامعة صدور الإعلان بهذه الطريقة، مبينا أن موضوع الأكل والشرب هو حرية شخصية، كما أشار رئيس الجامعة إلى تنبيه إدارة السكن، والتشديد على عدم صدور أي إعلان بهذا السياق إلا بعد إعلام رئاسة الجامعة.
وأثار الإعلان المنشور استهجاناً كبيراً وانتقادات لاذعة على صفحات التواصل الاجتماعي، واستغرب معلقون سوريون صدوره بهذا الشكل، وطالبوا بضرورة اتخاذ إجراءات رادعة بحق المسؤولين عن صدور مثل هكذا إعلان، ووصف البعض الأمر بأنه هيئة للأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، بدأت تتشكل في سوريا!.
ورأى أغلبية المعلقين أنه يتناقض مع ما أسموه "علمانية الدولة"، في حين وجد آخرون أنه يتناسب مع التعاليم الإسلامية التي تؤمن بها غالبية المجتمع السوري.
الدكتورة في كلية الإعلام نهلة عيسى استهجنت القرار الذي قالت إنه "يمنع الحب العلني في مدينة جامعية تضم آلاف الطلاب والطالبات من كل الطوائف السورية، وبينهم المسلم والمسيحي واللاديني والمريض والذي لا يريد الصوم وهو حر في علاقته بربه".
وأضافت عيسى "المدينة الجامعية مكان سكن يفترض أن يكون قلعة من قلاع التنوير والدفاع عن حرية الرأي والتعبد والفكر، فإذا كانت الجامعات لبست العمامات فعلى البلد السلام، وعندها تذهب هدراً كل دماء الشهداء الذين ماتوا كي تبقى سورية لكل السوريين على اختلاف عقائدهم وافكارهم، وأضافت :يبدو أن الحرب الحقيقة لم تبدأ بعد، لأننا انتصرنا بالسلاح، ولكن خسرنا بالمواطنة، وهذه معركتنا الكبرى التي يجب أن نخوضها جميعآ، ولذلك أدعو جميع من يحب هذا البلد الى خرق جدار الصوت وعدم الصمت، وإلا سيأتي يوم نحسد فيه الافغان!".
الباحث عقيل محفوض علق قائلاً "ماذا يحدث في هذا البلد المشرقي! هل اندحر الإرهاب بالفعل، أم أنه اتخذ لبوساً آخر، وهل ستبقى فيه فسحة للعيش؟".
ودعت صفحات محلية رئاسة جامعة حلب إلى "ضرورة التحرك من أجل المياه الملوثة في الخزانات وانعدام النظافة في الحمامات، بدلًا من فرض اللباس المحتشم ومنع الخلوات".
في المقابل وجد آخرون أن الإعلان الذي أصدرته المدينة الجامعية في حلب، طبيعي ودستوري، يتناسب مع دستور الجمهورية العربية السورية الذي ينص في المادة الثالثة من على أن دين رئيس الجمهورية في سوريا هو الإسلام، والمصدر الرئيسي للتشريع هو الفقه الإسلامي.
