اليمين الأوروبي المتطرِّف يجمع تبرّعات لتعطيل قوارب إنقاذ اللاجئين!

2017-06-05 | 15:32
اليمين الأوروبي المتطرِّف يجمع تبرّعات لتعطيل قوارب إنقاذ اللاجئين!
يخطط ناشطون يمينيون متطرِّفون في أوروبا لتنظيم حملةٍ بحرية هذا الصيف لتعطيل قوارب إنقاذ اللاجئين في البحر الأبيض المتوسط، وذلك بعدما اعترضوا إحدى بعثات الإنقاذ في الشهر الماضي بنجاح، بحسب ما كشفت صحيفة الـ"غارديان" البريطانية.
 
وقالت الصحيفة إن أعضاء حركة Identitarian أو "أنصار الهوية"، المناهضين للإسلام والمهاجرين والذين تتراوح أعمار معظمهم بين العشرين والثلاثين وغالباً ما توصف حركتهم بأنها النظير الأوروبي لليمين البديل الأميركي، جمعوا تبرعات قيمتها 56489 جنيهاً إسترلينياً (حوالي 72 ألف دولار) في أقل من ثلاثة أسابيع لتمكينهم من استهداف قوارب تديرها الجمعيات الخيرية للمساعدة في إنقاذ اللاجئين.
 
وبحسب موقع "هافنغتن بوست عربي"، جمعت الأموال من خلال حملة تمويل جماعي مجهولة، كان هدفها المبدئي جمع 50 ألف جنيه إسترليني (أكثر من 60 ألف دولار) لسداد نفقات السّفن، وتكاليف السفر، ومعدات التصوير. فيما أكّد أفراد الحملة أنّهم وصلوا إلى قيمة المبلغ المستهدف لكنهم لا يزالون يقبلون التبرعات.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن إحدى جماعات اليمين المتطرِّف الفرنسية، كانت قد استأجرت قارباً لإجراء عمليةٍ تجريبية في الشهر الماضي،  أيار 2017، مما أدى إلى تعطيل قارب بحث وإنقاذ أثناء مغادرته ميناء كاتانيا الصقلي. وزعم أفراد هذه الجماعة أنّهم تمكّنوا من إبطاء القارب التابع لمنظمةٍ غير حكومية حتى تدخّلت قوات خفر السواحل الإيطالية.
 
وقالت الأمم المتحدة، نهاية الشهر الماضي،  أيار 2017، إنّ المهاجرين الذين لقوا حتفهم في البحر المتوسط هذا العام وصلوا إلى أكثر من 1700 شخص، بحسب وكالة "رويترز".
 
في المقابل، كشفت إحصاءات صادرة عن وكالة الهجرة الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة أنه تم خلال 2017 إنقاذ أكثر من 6453 مهاجراً قبالة السواحل الليبية، وانتشال 228 جثة من المياه. وقد ساعدت بعض الجمعيات الخيرية الإنسانية العاملة في منطقة البحر الأبيض المتوسط في إنقاذ حياة آلاف اللاجئين، وتشكِّل نسبة النساء والأطفال حوالي نصف المهاجرين الذين يحاولون عبور البحر، حسب الغارديان.
 
هل تتحمل الحكومات الأوروبية المسؤولية؟
 
أشارت الصحيفة إلى أن التهديد الذي تشكله جماعات اليمين المتطرِّف يثير غضب الجمعيات الخيرية العاملة في منطقة البحر الأبيض المتوسط. فيما قال مسؤولٌ كبير، طلب عدم الكشف عن هويته، إنّ هناك بعض السياسيين ساعدوا في خلق مناخٍ شجّع أنصار اليمين المتطرِّف على التصرّف بهذه الطريقة.
 
وأضاف المسؤول: "حين تتحدث الحكومة البريطانية ونظيراتها الأوروبية عن "أسراب" المهاجرين، أو تؤكد الخرافة التي تقول إنّ عمليات الإنقاذ هي "عامل جذبٍ" للمهاجرين، أو مثل "خدمة سيارات الأجرة"، فإنّ ذلك يعزِّز جماعاتٍ متطرِّفةٍ مثل هذه. وتتمثّل الحقيقة البسيطة التي ينبغي إدراكها في أنّه بدون عمليات الإنقاذ سيغرق الكثيرون، ولكن المهاجرين لن يمتنعوا عن محاولات العبور".
 
وقال سيمون مردوخ، الباحثٌ في منظمة "Hope not Hate" المناهضة للعنصرية التي ترصد تصرفات الحركة المناصرة للهوية: "صحيحٌ أنّ هذه التصرفات مروِّعة، ولكنها لا تصدمنا. ولا شك أنّ أفعال أولئك الناشطين اليمينين المتطرِّفين الذين يسعون إلى منع عملٍ إنساني يستهدف مساعدة بعضٍ من أكثر الناس عرضةً للخطر في العالم حالياً، ومن بينهم نساءٌ وأطفال معرّضون لخطر الغرق، تكشف معدنهم ومكمن عواطفهم".
 
حملة التمويل الجماعي بدأت في منتصف الشهر الماضي، حين دشّنت جماعةٌ فرنسية تحمل اسم Génération Identitaire موقعاً إلكترونياً تحت اسم defend Europe (الدفاع عن أوروبا) لاستهداف قوارب إنقاذ اللاجئين، محاكيةً أساليب العمل المباشر التي تنتهجها بعض الجماعات الأخرى مثل منظمة السلام الأخضر.
 
وقال بيان مهمة الحملة: "إنّ القوارب المحمّلة بالمهاجرين غير الشرعيين تغمر الحدود الأوروبية، مما يعرِّض بلادنا للغزو. إنّ هذه الهجرة الهائلة تغيّر ملامح قارتنا. نفقد سلامتنا، وأسلوب معيشتنا تدريجياً، وهناك خطرٌ محدق بنا ويجعلنا عرضةً لأن نصبح، نحن الأوروبيين، أقليةً في أوطاننا الأوروبية". وأرفق بالبيان مقطع فيديو مصوّر على ساحل جزيرة صقلية، يظهر فيه ناشطٌ يميني متطرِّف وهو يقول: "نريد تكوين طاقم، وتجهيز قارب، والإبحار إلى البحر الأبيض المتوسط لمطاردة أعداء أوروبا".
 
وبالإضافة إلى جمع التبرعات للقوارب، يطلب البيان أيضاً تمويلاً لإجراء "أبحاث" فوق شعار المنصة المفضّلة لنشر رسائل اليمين البديل، والمتمثلة في موقع 4chan الإلكتروني. وتشجِّع إحدى المناقشات التي نشرت مؤخراً على موقع 4chan المستخدمين على تعقّب قوارب المنظمات غير الحكومية في البحر الأبيض المتوسط، ثم إبلاغ قوات البحرية والشرطة عن هذه القوارب للتحقيق في أمرها، ولا سيما "القوارب المتسكِّعة بالقرب من سواحل شمال إفريقيا". ورغم عدم تحديد موقع عمل هذه العمليات، فمن شبه المؤكّد أنها ستتمركّز في جزيرة صقلية، وستنطلق على الأرجح من مينائي بوتسالو وكاتانيا داخل الجزيرة.
 
وهناك قوارب قويةٌ ومتينة قادرة على الإبحار بسرعةٍ أكثر من 20 عقدة، ويمكن أن تباع بأقل من 10 آلاف جنيه إسترليني (حوالي 12.8 ألف دولار)، وستفي بغرض إبطاء القوارب التي تغادر الميناء وتقوم بإعاقتها. وتزعم إحدى جماعات اليمين المتطرِّف الإيطالية أنها تلقّت عروضاً للحصول على قوارب ودعمٍ من أشخاصٍ يحملون رخصاً لقيادة القوارب.
 
وفي الشهر الماضي أيار 2017، استهدف ثلاثة شبابٍ من أعضاء إحدى الجماعات الفرنسية المناصرة للهوية أحد قوارب البحث والإنقاذ التابعة لمنظمة SOS Méditerranée الخيرية عند مغادرته ميناء كاتانيا الإيطالي. واعترض خفر السواحل الإيطالي أنصار اليمين المتطرِّف واحتجزوهم لفترةٍ وجيزة.
 
ويقول موقع منظمة SOS Méditerranée الخيرية الإلكتروني، إنّها تأسست بسبب "الزيادة الهائلة في عدد القوارب التي تواجه محناً عسيرة، وعدم كفاية التدابير القائمة" لمواجهة أزمة القوارب العالقة في البحر الأبيض المتوسط.
 
ويعود الفضل في إنقاذ أعدادٍ هائلة من اللاجئين إلى جهود المنظمات الإنسانية. ويذكر أنّ منظمة "أطباء بلا حدود" بدأت عملياتها في البحر الأبيض المتوسط، في شهر  أيار من عام 2015، وأنقذت أكثر من 22500 شخصٍ، معظمهم قبالة السواحل الليبية، على مدار الأشهر السبعة التي تبعت هذا التاريخ.
 
هل تتعاون المنظمات الإنسانية مع مهرّبي البشر؟
 
خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2015، لم تحدث أي عمليات إرسال قوارب بحثٍ وإنقاذ، سواء كانت تابعة لحكوماتٍ أوروبية، أو منظمات غير حكومية، في ظل غرق 1800 شخصٍ وهم يحاولون عبور البحر. وفي شهر نيسان فقط، لقي ألف شخصٍ حتفهم. ويشرف مركز تنسيق الإنقاذ البحري الرسمي في روما على تنسيق كافة عمليات البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط، وفقاً للقانون البحري الدولي.
 
لكن جماعات اليمين المتطرِّف الأوروبية اتهمت بعض المنظمات غير الحكومية بالتعاون مع بعض جماعات الاتجار بالبشر، لجلب المهاجرين إلى أوروبا، وزعمت أنّ قوارب البحث والإنقاذ لا تؤدي دوراً إنسانياً. ويتمثل الهدف الرئيسي للموجة الجديدة من الجماعات اليمينية المتطرِّفة في الحفاظ على بقاء الاختلافات القومية في ضوء الاعتقاد بأنّ المهاجرين سيحلون محل الأوروبيين البيض، وهو موقفٌ تعبِّر عنه المشاعر المعادية للمهاجرين، وللمسلمين، ولوسائل الإعلام، ولكن يعاد تقديمه للجمهور الشاب.
 
وبحسب الـ"غارديان"، من الصعب تحديد عدد الجماعات اليمينية المتطرِّفة، بيد أنّ جماعة Génération Identitaire نظّمت تظاهراتٍ في فرنسا استقطبت حوالي 500 شخصٍ، بينما تحظى صفحتها على موقع فيسبوك بـ122 ألف إعجاب. وتحظى صفحة نظيرتها النمساوية، وهي جماعة Identitäre Bewegung Österreich، على الموقع نفسه بـ37 ألف إعجاب.
 
وحذّر بعض النقاد من تعزيز علاقات هذه الجماعات مع اليمين البديل الأميركي، الذي ساعد في دفع دونالد ترامب للوصول البيت الأبيض.
 
وكان على متن القارب الذي حاول إعاقة قارب منظمة SOS Méditerranée الشهر الماضي،  أيار 2017، أيضاً، لورين ساوثرن، الصحفية الكندية المعروفة بانتمائها لليمين البديل، والتي يحظى حسابها على موقع تويتر بـ278 ألف متابع، ويؤكد وجودها على متن القارب تقارب العلاقات العابر للأطلسي. ويشيد موقع بريتبارت الإلكتروني، وهو الموقع المفضّل لليمين البديل في الولايات المتحدة، في كثيرٍ من الأحيان بالحركات المناصرة للهوية والمؤيدة لترامب في أوروبا.
 
وقال مردوخ: "إنّ المشروع برمته رمزٌ لليمين المتطرِّف الدولي الذي تزداد ثقته بنفسه يوماً تلو الآخر، ويرغب في عرقلة جهود إنقاذ حياة اللاجئين للنهوض بسياسات كراهية الأجانب التي يتبناها".
 
وكان مارتن سيلنر، وهو واحدٌ من أبرز أنصار الهوية في أوروبا، قد استضاف مجموعةً مؤيدةً لترامب في العاصمة النمساوية فيينا ليلة الانتخابات الرئاسية الأميركية الماضية.
 
 
Download Aljadeed Tv mobile application
حمّل تطبيقنا الجديد
كل الأخبار والبرامج في مكان واحد
شاهد برامجك المفضلة
تابع البث المباشر
الإلغاء في أي وقت
إحصل عليه من
Google play
تنزيل من
App Store
X
يستخدم هذا الموقع ملف الإرتباط (الكوكيز)
نتفهّم أن خصوصيتك على الإنترنت أمر بالغ الأهمية، وموافقتك على تمكيننا من جمع بعض المعلومات الشخصية عنك يتطلب ثقة كبيرة منك. نحن نطلب منك هذه الموافقة لأنها ستسمح للجديد بتقديم تجربة أفضل من خلال التصفح بموقعنا. للمزيد من المعلومات يمكنك الإطلاع على سياسة الخصوصية الخاصة بموقعنا للمزيد اضغط هنا
أوافق