رزان شرف الدين
يطفئ لبنان اليوم شمعة ثانية على الشغور الرئاسي، كما يطفئ اللبنانيون ست عشرة شمعة على انتهاء سنوات ظلام عاشها أبناء الجنوب تحت وطأة الاحتلال. سنتان مرّتا ولبنان دولة بلا رأس، مشهد تكرّر للمرة الثالثة في تاريخه، وبلد بمساحة لبنان الصغيرة لا يتسّع بطبيعة الحال لجمع الأفرقاء، فالمبادرات والاجتماعات الخارجية عادةً ما تجري خارج حدود الوطن.
الشغور الرئاسي عام 1988 انتهى باتفاق الطائف وشغور العام 2008 أفضى إلى اتفاق الدوحة، فهل يكون الخلاص اليوم بمبادرات تتوج باتفاق جديد؟
إصرار البعض على ربط الشغور في سدّة الرئاسة بالذهاب إلى مؤتمر تأسيسي موضوع أخطر من الشغور نفسه، وغير مناسب في الوقت الراهن، يقول الوزير السابق زياد بارود، متسائلاً "من سيتولى هذا الموضوع؟ مجلس مدد لنفسه أربع سنوات إضافية؟، لاسيما بعدما سقطت الوكالة الشعبية عنه، لا أعتقد أن الوقت مناسب لهذه المغامرة".
وموضوع رئاسة الجمهورية، بحسب بارود، لا يمكن حصره بشخص أو باسم، بل يتخطّى الاسماء ليتعلّق بدور الموقع الجامع والقادر على تدوير الزوايا حيث يجب، وجمع اللبنانيين وتمثيل لبنان بالشكل الصحيح، إضافة إلى مواكبة خريطة طريق للبنان للسنوات المقبلة، وهذه الأمور لا بدّ من الاتفاق عليها بمعزل عن الشخص.
وفي السياق، يحسم بارود الجدل حول الرئاسة بالتأكيد على أنّ هناك مرشحين جديين اليوم لا ثالث لهما، النائب ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، والكلام عن أسماء أخرى غير مجد في الوقت الراهن وبمثابة مضيعة للوقت.
وحول مبادرة السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري التي تمثّلت بدعوة قيادات لبنانية إلى طاولة عشاء في منزله في اليرزة، لفت بارود إلى أن موضوع الرئاسة لم يتمّ طرحه خلال العشاء فاللقاء كان جامعاً، وكلام السفير كان واضحاً في هذا المجال، والمبادرة كانت إيجابية، فالسعودية تريد التأكيد للبنانيين أنها إلى جانبهم ولا تفرّق بينهم، ولا مشكلة لديها مع أي طائفة من الطوائف اللبنانية، ودعوة العماد عون كانت لافتة عبر التشديد على أن المملكة ليست مع طرف ضد طرف آخر، فمن حيث الشكل المبادرة السعودية هي بمثابة "مدّ يدّ بمعزل عن التفاصيل غير المعلنة".