المقدمة
لبنان باركينغ كبيرٌ وبلا فاليه تجمدّتِ العجَلاتُ في عروقِ العاصمةِ بيروت ونَزَلَ الازدحامُ كالمطر على طرُقاتٍ لبنانيةٍ رئيسةٍ وصولاً الى أعالي الجبالِ التي اختلطَ فيها الرملُ بالبَحصِ بالمياه وشّلعَ خِدْماتِ الزّفتِ الانتخابيّ
هي شتوةٌ واحدةٌ كانت كفيلةً أن تُغرِقَ لبنانَ في بحرِ السيارات حيث تتكرّرُ الحالةُ مِن عامٍ إلى عام ويعيشُ الناسُ داخلَ بواباتِهم الأربعِ يومًا كاملاً لبنانُ الذي تعوّد أن " يَغرَق بشبر مي" لم يكن مجهّزًا لأيِّ خُطةٍ بديلة فيما أعمالُ الحفريات في شوارعِه لا يروقُها العملُ إلا عندَ بدايةِ موسِمِ "الهطولِ" والمدارس فضلاً عن أنّ الورشةَ غالباً ما تكونُ بصفة معجّل ومكرّر وتفتحُ أعمالَها على المشروعِ الواحدِ مرّتينِ في السنة لزومَ نَصْبِ التلزيم. بلدٌ ميْت المواطنُ فيه رخيص وتسعيرةُ الباركينغ غالية مسؤولوه لا يكادونَ يَفضونَ مشكلاً فيما بينَهم حتى يندلعَ آخر من الداخليةِ الى الخارجية فحربِ الجبل التي عادت على متنِ تسعيرِ الخِطاب وغدًا تَكتملُ عُدةُ النصب بنصابٍ يلتئمُ على موازنةٍ مخطوفة منذ اثنتي عشْرةَ سنةً من دونِ أن يعرفَ المواطنُ العالق في الازدحام لماذا دفع الضريبةَ ولمن ولا كيف اتّفق سياسيوه اليومَ على إقرارِ الموازنةِ المسحوبةِ مِن بين الأمواتِ وعلى أيِّ ثمن وأين تبخّرتِ الأحدَ عَشَرَ مليارَ دولار وذابَ معها إبراؤُها الذي كان مستحيلاً . وعلى كلِّ هذهِ المِلفات نحنُ شراكةً معَ المواطنِ السوريِّ المقيمِ الذي نتقاسمُ معه عجقةَ السير والموازنةَ مِن خارجِ الحساب والعيش َالمشتركَ الذي لم يعد يَعرفُ طريقًا آمنةً إلى سوريا ونَفضَ بعض المسوؤلين أيديَهم مِن حوارٍ أو تنسيقٍ يقودُ إلى وضعِ خُططٍ لعودةِ النازحين .
وتحت هذا الضغط استَدعى رئيسُ الجُمهوريةِ العماد ميشال عون اليومَ سفراءَ الدولِ الخمسِ الكبرى وحمّلَهم رسائلَ خطيةً إلى بلدانِهم معتبراً أنّه "أصبحَ لزامًا على الأممِ المتحدةِ والمجتمعِ الدَّوليّ بذلُ كلِّ الجهودِ الممكنةِ وتوفيرُ الشروطِ الملائمةِ لعودةٍ آمنةٍ للنازحينَ السوريين إلى بلدِهم، ولا سيما إلى المناطقِ المستقرةِ التي يمكنُ الوصولُ إليها، أو تلك المنخفضةِ التوتر، مِن دونِ أن يَجريَ ربطُ ذلك بالتوصل إلى الحَلِّ السياسيّ. مُحذرًا مِن "تداعياتِ أيِّ انفجارٍ قد يَحدثُ في لبنان في حالِ تَعذّرَ حلُّ الأزْمةِ في سوريا وعودةُ النازحين اليها، لأنّ نتائجَه لن تقتصرَ على لبنان فقط بل قد تمتدُّ الى دولٍ كثيرة. وفي النزوحِ العراقيّ فإنّ آلافَ العائلاتِ الكُرديةِ انتَقلت إلى أربيل والسّليمانية بعدَ ليلةٍ عاصفةٍ أعادت فيها القواتُ العراقيةُ سيطرتَها على كركوك بأرضِها وآبارِ نِفطِها في أسرعِ عمليةِ حسمٍ عسكريٍّ عَبرَ أزَماتِ المِنطقة.وفي أربعٍ وعِشرينَ ساعة وما إن وَطِئَ قاسم سليماني جبهةَ كركوك حتى كان الحسمُ قد سبقَه إلى هناك في معركةٍ شارك على جبَهاتِها الحشدُ الشعبيُّ والجيشُ العراقيّ واستُبدلَ فرحُ الاستفاء بخَسارةِ الأرض التي تَبيضُ ذَهبًا أسود.