إذ كان الفلسطينيون يستخدمون الكوفية وسيلة لتغطية وجوههم لإخفاء هويتهم وتجنب الاعتقال من طرف السلطات البريطانية، لتصبح بعد ذلك رمزاً واضحاً للتضامن، فيما تحولت إلى رمز للنضال والمقاومة بعد النكبة سنة 1947.
وقد تم تكريس ظهور الكوفية رمزاً للمقاومة، بعد الظهور الدائم للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، خلال الستينيات من القرن العشرين، وهو يرتديها على رأسه، ويدلي الطرف الأطول على كتفه اليمنى، إذ كان يتم تفسير هذه الحركة على أنها تشبيه لخريطة فلسطين قبل الاحتلال الإسرائيلي.
أما عن دلالات شكل الكوفية، فإن هناك مجموعة من التفسيرات، وهي تشبيه لشبكة السيد، أو خلية النحل، أو ضم الأيدي، أو علامات التراب والعرق الممسوحين من جبين العامل، فيما يقول آخرون إن التصميم يمثل سنابل القمح، في إشارة إلى أريحا، إحدى أولى المدن المعروفة بزراعة الحبوب.
إذ إن تلك التطريزات عبارة عن لغة تحكي قصة وواقعاً بالنسبة للشخص الفلسطيني، ومعنى للحياة، وتاريخ طويل من الصراع من أجل الحرية، والاستقلال بأرض الأجداد.
غصن الزيتون.. رمز الصمود الفلسطيني
يعتبر غصن الزيتون رمزاً آخر من رموز النضال والمقاومة والحرية والصمود، الذي رافق الشعب الفلسطيني منذ عدة عقود، خصوصاً بعد سنة 1974، بعد أن استعمل هذا التعبير الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في خطابه التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وقد استخدم ياسر عرفات غصن الزيتون في خطابه الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث كان ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني في هذا المنبر الدولي من أجل تحديد مصيرهم في تقرير دولة مستقلة، تعبيراً منه عن استعداده للتفاوض منه من أجل إيجاد حل سياسي عادل للقضية الفلسطينية، شريطة أن تكون جميع حقوق الشعب الفلسطيني محفوظة ومعترفاً بها.
وقال الرئيس الفلسطيني الراحل في الخطاب، الذي ما زال محفوراً في ذاكرة الكثيرين من الفلسطينيين، ومناصري القضية الفلسطينية، إنه يحمل بندقية في يد وغصن الزيتون في اليد الأخرى، وإنه لا يسمح لأحد بإسقاط الغصن من يده، تعبيراً على أنه رمز للسلام والصمود والمقاومة الدائمة والمستمرة إلى بعد حين.
ومنذ زمن بعيد، كان يعتبر غصن الزيتون رمزاً صريحاً للإعلان عن السلام والمحبة والرحمة في الثقافات والديانات المختلفة.
أما بالنسبة للشعب الفلسطيني، فقد ارتبط تاريخه واقتصاده بشكل كبير بشجرة الزيتون، فهي تعود إلى آلاف السنين، وتشكل مصدر رزق لآلاف المزارعين، وهي أبرز ما يشهد على أحقية أهل الأرض بالأرض، ومعاناتهم الطويلة بسبب الاحتلال.
إذ إن شجرة الزيتون الفلسطينية، كالفلسطينيين، لم تسلم من اضطهاد دولة الاحتلال، الذين قاموا بقطعها وحرقها، مصادرتها، رغبة منهم في محو الهوية الفلسطينية وقطع جذورها.
وقد تم استعمال غصن الزيتون في الكثير من المحافل، والمناسبات، والأغاني الداعمة للقضية الفلسطينية، تعبيراً عن الرغبة في السلام، والنضال الدائم والتحدي والمقاومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، الذي لم يستجب لغصن الزيتون الذي حمله ياسر عرفات سنة 1974، واستمر في شن حروبه المستمرة إلى غاية سنة 2023، آخرها في شهر أكتوبر، على قطاع غزة.