مقدمة النشرة المسائية 25-08-2023

2023-08-25 | 13:18
مقدمة النشرة المسائية 25-08-2023

مقدمة النشرة المسائية 25-08-2023

أنْ يرحلَ طلال سِلمان.. فقد نكّسَ القلمُ العلم/ اللاعبُ في الحبر وصانعُ الخبر.. اليوم هو الخبر/./ انطفأَ "نَسَمَة" الذي لم يعرف لهُ مهنةً إلا الحب/ وملاكُ الموت سيقرأُ الانَ من صفحاتِ أبو أحمد ويتخذُهُ صديقا ًمن ورق/ لم يسقط علينا خبرُ رحيلِه بالمِظلة/ نحنُ الذينَ افتتحنا صباحاتِنا على شغفِ الانتظار/ وعلى سبكِ المباني والمعاني/ واستعاراتِ أمهات الكلام من بطونِ اللغة/ وعلى مجازاتِ التعابير وإصابتِنا في مقتلِ يومياتِنا وتكرارِ أزماتِنا/ وفي الضربِ على وترِ قضايانا الكبرى// صوتُ الذينَ لا صوتَ لهم, سفيرُ الصِحافةِ اللبنانية والعربية/ أقفلَ بابَ الروح على روحِه/ ومذ تقاعدَ حبُرهُ/ غلّفَ نفسَهُ بالنسيان/ وجلسَ يراقبُ المشهدَ عن بُعِد/./ لكنّنا ونحنُ الذينَ تتلمذنا على حروفِهِ وجملِهِ/ تلزمُنا ذاكرةٌ أخرى كي نستوعبَ رحيلَ قامةِ الإعلامِ المكتوب/ على ناصيةِ قضيةِ فلسطين/ ووحدةٍ عربيّة بدّدها كابوسُ انقسامِ الساحات/ وحلُمِ حركةِ القوميينَ العرب حينَ نعاهُ طلال سلمان وكتبَ ممازحاً: "في وداعِ الفضوليينَ العرب"/./ رحلَ طلال سلمان بجسدٍ متعب/ وتركَ خلفَهُ مناديلَ من ورق/ وأرشيفاً من كلمات/ وسيرةَ عملاقٍ على رؤوسِ أشهادِ القلم/ هو الذي انحدرَ من بقاعِ الخارطة واستقرَ في قلبِ العاصمة/ متسلحاً بقلم وبضعةِ قروش/ ومن شغفِ اللغة/ تدرجَ على سُلَّمِ الصحافة/ إلى أن امتلكَ المدققُ اللغوي جريدتَهُ الخاصة فكانتِ السفير/ منبراً للحرية وقضايا الأمة/ ومدرسة تخرّجَ منها كبارُ الأقلام/ وصفحاتٍ طُبِعَت عناوينُها بمآسي كلِّ المراحل/ وضمّت أسماءَ لامعةً في الفكرِ والأدب/ وفتحت ديارهَا لكلِّ الاتجاهاتِ الفكرية والسياسية: حليفةً كانت أم خصمة/ وهي البصمةُ التي لا تُقلَد والتي كرّسَها طلال سلمان طيلةَ عمرِ السفير/ نجا طلال سلمان من محاولةِ اغتيال/ لكنّهُ واجهَ القاتل/ بقلمٍ من رصاص/ وحدّدَ مواصفاتِه ولم يجعلهُ مجهولَ باقي الهوية، كاسراً من حولِه هيبةَ الفخامة, ومنذُ لحظةِ اندلاعِ الحربِ الأهلية في لبنان/ حملَت السفير اسم "المقاتلة" تيمناً بناشرِها/./ على الطريق "الى طلال" بنُيت جمهوريةُ السفير التي فيها عاشت قضيةٌ برمزيةِ فلسطين وقهرِ لبنان/ هو الذي اعتقلتهُ السلطاتُ اللبنانية بتهمةِ نُصرةِ الثورةِ الجزائرية/ وهو الذي عنونَ على اتفاقيةِ كامب ديفيد "الساقطُ عند المغتصِب"/ وهو الذي أُقفِلت جريدتهُ بقرارٍ سياسيٍ كيدي، فاستعارَ "بيروت المساء" وكتب السفير بالحرف الصغير مع دمغةِ الحمامة/ وسلمان هو الذي استقبلَ غسان كنَفاني العائد إلى حيفا في مكاتب السفير/ وفرشَ الظلَ العالي على درويشَ فلسطين/ وحوّلَ الجريدة إلى مسقطِ رأس القضايا العربية ونُصرتِها/ وفي مكاتبها تجولّ حنظلة فرفعَ ناجي العلي مفاتيحَ البيوت قبل ان يُغتالَ في لندن.. فكيف لهذا التاريخ أن يمحوه موت/./ مرغماً/ أقدم طلال سلمان على سحب ِأوراقِ اعتمادِ السفير من بين أيدي القراء/ بعد اثنين وأربعين عاماً/ من سبكِ الروحِ على الورق/ وحانت لحظةُ النهاية/ ولا بد للرحلةِ من نهايةٍ / كما قال/./ واليوم وَضعت تلك الرحلةُ خاتمتَها/ وكتبت آخرَ فصولِها/./ وكما اسس سلمان جريدةً  غمرت قضايا الناس فقد سحبَ اوراقَها في بداية العام الفين وسبعة عشر متأثراً بازمةٍ اقتصادية سوف تدمر بلداً بناه بحبرِ العين/ رحيلُ طلال سلمان هو الخبر/ وفي الحقيقة أن مبتدأَه سيبقى حياً في ذاكرةِ من عايشوه/ وواكبوه/ وكبروا على نواصي حروفِه /./ لم يرحلْ طلال سلمان بل كما قال طلال حيدر:" فتح عتمة خيالو وفات"/./
Download Aljadeed Tv mobile application
حمّل تطبيقنا الجديد
كل الأخبار والبرامج في مكان واحد
شاهد برامجك المفضلة
تابع البث المباشر
الإلغاء في أي وقت
إحصل عليه من
Google play
تنزيل من
App Store
X
يستخدم هذا الموقع ملف الإرتباط (الكوكيز)
نتفهّم أن خصوصيتك على الإنترنت أمر بالغ الأهمية، وموافقتك على تمكيننا من جمع بعض المعلومات الشخصية عنك يتطلب ثقة كبيرة منك. نحن نطلب منك هذه الموافقة لأنها ستسمح للجديد بتقديم تجربة أفضل من خلال التصفح بموقعنا. للمزيد من المعلومات يمكنك الإطلاع على سياسة الخصوصية الخاصة بموقعنا للمزيد اضغط هنا
أوافق