"دكتاتورية الجغرافيا" تجعل الأردن في عين المعركة
كتب الصحفي الأردني فادي العمرو انه "من جديد يشتبك الأردنيون مع ملف استثنائي حساس ، خلق – كالعادة- اصطفافاً واضحاً بين رأيين ، القابل بالرواية الإيرانية حول جدوى وعوائد الرد على قصف العدو قنصليتهم في دمشق مطلع الشهر الجاري، في مقابل رأيٍ أوسع يشكك في الرواية برمتها ويدفع بوجود تنسيق مسبق جعل الرد باهتاً منضبطاً وأشبه “بالمسرحية”، كما طاب للبعض أن يسميه".
وجاء في المقالة المنشورة عبر موقع "بلكي" الأردني: "للجغرافيا شروطها واستحقاقات تفرضها عنوةً وتفرض بالتالي مسارات وخيارات قد لاتنسجم تماماً مع الأمنيات والمنطلقات العريضة، وفي الحالة الأردنية فرضت “دكتاتورية الجغرافيا/ الموقع” أن نكون في عين المعركة الدائرة منذ عقود ، وعلى أطول خط حدودي مع العدو الذي يحتل فلسطين الحبيبة العربية ولايخفي مطامعه في بلادنا ، وعلى تماس مباشر ومرهق مع ساحاتٍ ملتهبة تشهد صراعات كبرى بالوكالة، مايجعل الأردن في اشتباكٍ دائمٍ مع سيلٍ من الملفات والمخاطر نجح بشهادة القاصي والداني في السير في حقل ألغامها باقتدارٍ ملفت جنّب البلاد دماراً وارتدادات في أحلك ظروف المنطقة وفي أشد لحظات المحيط التهاباً، لكن ذلك لم ولن يتوقف عن حدود ما كان، فجاء التصعيد الصهيوني الإيراني ليضع الأردن مجدداً في قلب العاصفة ويفرض عليه تشابكاً مباشرة مع الحدث ، وبالطبع اختار الأردن بموازاة جهود التبريد أن يتخذ الموقف السيادي الذي لابديل عنه في أدبيات أي دولة تحترم إرثها ووزنها والثوابت التي نشأت عليها، فكان التصدي للمقذوفات التي اخترقت أجواءنا حرصاً على بلادنا من سقوط بعضها، سيما مع مايعنيه قطعها مئات الكيلومترات من تضاؤل هوامش الدقة في بلوغ الهدف، وربما انسجاماً مع التوافقات ، التي أخالها ضمنية، بين جميع الأطراف المعنية لجهة التعاطي مع إصرار ايران على الرد على قاعدة ر . ر (رابح : رابح) ، سيما وأن القراءة الغربية كانت تقول أن منع وصول “معظم” الصواريخ والمسيرات إلى أهدافها سيقلل من إحراج حكومة نتنياهو ويساهم بالتالي في إنجاح مهمة ضبط ردود فعله ومنعه بالتالي من جر المنطقة وربما العالم نحو مساحاتٍ خطيرةٍ مدمرة، وهذا ماكان، فمارس الأردن سيادته على أجوائه ، في مقاربةٍ قد يكون أفضل من عبّر عنها وزير الخارجية “أيمن الصفدي” حين قال عبر ساشة “المملكة” (أن القصة قصة سيادة على الأجواء ، أي أن الأردن كان سيتخذ القرار نفسه لو كانت الصواريخ والمسيرات بالاتجاه المعاكس، أي كانت قصفاً صهيونياً لإيران ، أو غيرها طبعاً)، وهذا يحصر الحكم على القرار في إطار المحددات السيادية الأردنية ، ويفترض أن يقفل باب الغمز من قناة “الإملاءات المفترضة” أو الدفاع عن الكيان الصهيوني، وحاشا أن يكون".