بيفاني والاربعين حرامي

2019-03-06 | 16:53
بيفاني والاربعين حرامي
خَرَجَ مِن مَغارةِ الماليةِ مُديرٌ يَرفعُ سيفَه ...الآن بيفاني. ولو أنّ الدولةَ أخذت بجُملةٍ واحدةٍ مما أفرغَ به هذا الرجلُ  لَأقدَمَت الَأجهزةُ المُختصةُ على إقفالِ إمبراطوريةِ وِزارةِ المال بالشَّمعِ الأحمرِ والحَجْرِ عليها في انتظارِ جلاءِ الملابساتِ معَ سَوقِ الفاعلينَ فيها مِن وزراءَ متعاقبينَ وموظفينَ كبارٍ الى التحقيقِ بتُهمةِ التستّرِ على هدرِ المالِ العام. الآن .. قرّر بيفاني وبعدَ تسعةَ عَشَرَ عامًا أن يُدليَ بأقوالٍ مِن شأنِ معلوماتِها أن ترقَى إلى مستوى الجرائمِ واغتيالِ مالِ الناس وفي مؤتمرٍ صِحافيٍّ خارجَ أسوارِ الوِزارة .. ونازحاً الى نادي الصِّحافة أزالَ بيفاني " البلوكات "الماليةَ السياسيةَ عن حِقْبةٍ يَصِحُّ فيها أنها زمنُ الأوغاد ..مُصنّعي المال الحرام ..لصوصِ الدولةِ المحترفينَ غيرِ المُحترمين ..أولئك الذين يَسرِقونَ تَعَبَ الناس ورزقَهم ويحتالونَ..بأوراقٍ رسمية وأقلُّ كلمةٍ نَطَقَ بها المديرُ العامُّ لوزارةِ المال أننا كُنا أمامَ فظاعاتٍ واستباحةٍ وتهرّبٍ مِن المسؤولية  كاشفًا عمّن يعتبرونَ أنّ الوِزارةَ مُلكٌ خاصٌّ لهم لجنيِ المكاسبِ والتطاولِ على الشَّعبِ والمؤسسات وقال: واجهتُ يوميًا إصراراً سياسيًا هائلاً لعَدمِ إنجازِ الحساباتِ والمراهنةِ على التسويات  وصمَدنا أمامَ الترهيبِ والترغيبِ خدمةً للبنانَ ولمواجهةِ كلِّ أنواعِ الفساد. إنّ مجردَ ما سرَدَهُ بيفاني كانَ مؤلما ًصادماً باعثاً على الخجلِ مِن دولةٍ قامرت بمالِ شعبِها ولعِبت بأوراقِه الصعبةِ في بورصةٍ يديرُها " اربعين حرامي " .. وهذا أقلُّ توصيفٍ لوِزارةٍ كانت فيها المستنداتُ الثبوتيةُ مرميةً للجِرذان والعَفَنِ بحَسَبِ شَرحِ بيفاني الذي قالَ إنّ عمليةَ دفعِ لصندوقٍ معيّنٍ تُسجّلُ في حسابٍ يعودُ الى مؤسسةٍ أخرى فيُحرَمُ واحدٌ ويُعطَى آخر الهِباتُ تُصرَفُ بلا حَسيب ولا رقيب  أوامرُ الرؤساءِ تخالفُ الأصولَ وتخترعُ المراسيمَ الوَهمية تُفتحُ الحساباتُ خارجَ حسابِ الخزينة حيثُ لا يُمكنُ مراقبتُها في مخالفةٍ صارخةٍ للقانون، وتُعطَى بعضُ الجِهاتِ سُلفاتٍ ثُمّ تُبيّنُ المحاسبةُ أنّ المستلِفَ له مالٌ معَ الدولةِ لا العكس ومِن غيضِ بيفاني أنّ الوِزارةَ حَوَت عَشَراتِ المستشارينَ المهيمنين .. القروضُ لم تسجّل، وحسابُ الدين تنقُصُه ملياراتُ الدولاراتِ الواقعةُ على أكتافِ الأجيالِ الصاعدة، وتُوزّعُ سنَداتُ خزينةٍ مِن دونِ قيدِها وثَمةَ سُلَفُ موازنةٍ لم تسدّدْ منذُ التسعينياتِ حَوالاتٌ تمَّ تزويرُها بسَببِ إمكانِ التلاعبِ بالأنظمة فوائدُ على القروضِ غيرُ مُسجّلةٍ على نحوٍ صحيح  وأحدُ المستشارينَ المقرّبين الذي أُعطي كاملَ الصلاحياتِ في مِلفَي التقاعدِ والبلديات كانَ يحوّلُ أموالَ المتقاعدين إلى حسابِه الشخصيّ، وقد جرى توقيفُه وسأل المديرُ العامُّ لوِزارةِ المال: أليس مستغرباً أن يُحمّلنا المسؤوليةَ مَن حاولَ إلغاءَ دورِ المديرِ العامّ والإدارةِ بالكامل، ليُهيمنَ على الوِزارةِ بالمحسوبينَ والمستشارينَ والعاملينَ غيرِ النظاميين؟ وكانَ بيفاني مُعتدًا بمَسيرةٍ لم يكُن فيها مِن الزّلم قائلاً : لم أستفِدْ ولم أَنبطِح.. لا سِعرَ لي  رفضتُ التسويات ولم أتصرّفْ بجُبن. وكمَن يخاطبُ الرئيس فؤاد السنيورة جُملة ً وتفصيلًا قال بيفاني : كان لديك تُهمةٌ فاتّهم. أما إن كنتَ مستاءً من جلاءِ الحقيقةِ فاستتر. فمَن سيدقّقُ غدًا في ما أدلى به المديرُ العامُّ في بيتِ المال اللبناني ؟ مَن سيحقّقُ في مستوى جرائمِ الإبادةِ التي كَشف عنها هذا الرجل ونرجو منكم ألا تحدّثونا عن مجلسٍ أعلى لمحاكمةِ الرؤساءِ والوزراء .. الذي " بُعِثَ" حيا ً اليومَ في الجلسةِ التشريعيةِ بانتخابِ أعضائِه مِن نوابٍ وقُضاة ..فتكوينُ المجلسِ المذكور يؤكّدُ بالوجهِ الدستوريّ أنه غيرُ قابلٍ لمحاكمةِ أحد .. وأنَّ انعقادَه يتطلّبُ حدوثَ معجزة ..أما التصويتُ فيستلزمُ الثُلُثين .. والويلُ إذا اجتمعَ الضِّدّان وتحالفَت القُوى السياسية .. فعندئذٍ تُصدِرُ احكامًا بالبراءةِ عن نفسِها لأنها تشكّل : الخَصمَ والحكَم. فالمجلسُ الأعلى مجردُ كِذبةٍ مُغلّفةٍ بالقانونِ .. يتمثّلُ فيها سبعةُ نواب .. مُهمتُهم محاكمةُ مَرجيعاتِهم السياسية .. وثمانيةُ قضاةٍ ممّن يُعيّنُهم السياسيون .. وحتى ان اختيارهم جاء " غب الطلب " ووَفقًا لبُعدِ نظرِ القاضي جان فهد مِن دونِ الاحتكامِ الى الدّستور ..ولكنْ داخلَ الجلسةِ التشريعيةِ تصدّى النائب جورج عُدوان لهذهِ الآليةِ وكَشَفَ أنه لم يَجرِ اعتمادُ معيارٍ واحدٍ وواضحٍ في موضوعِ قَبولِ ترشّحِ وانتخابِ أعضاءِ المجلسِ الأعلى لمحاكمةِ الرؤساءِ والوزراء"."لفت إلى أنَّ هناكَ جُزءًا يتعلّقُ بمخالفةِ الدستورِ والقانون، معترضًا على هذا الموضوع ومقاعدُ القاعةِ العامةِ افتَقدت نائبينِ.. ديما جمالي بطعنٍ دُستوريّ .. ونواف الموسوي بطعنٍ حِزبيّ .. أرداه نائبًا مغيّبًا لمدةِ عامٍ كاملٍ ومِن دونِ الوقوفِ دقيقةَ صمتٍ ناطقة عن غيابِه مِن قبلِ زملائِه نوابِ الامة.
Download Aljadeed Tv mobile application
حمّل تطبيقنا الجديد
كل الأخبار والبرامج في مكان واحد
شاهد برامجك المفضلة
تابع البث المباشر
الإلغاء في أي وقت
إحصل عليه من
Google play
تنزيل من
App Store
X
يستخدم هذا الموقع ملف الإرتباط (الكوكيز)
نتفهّم أن خصوصيتك على الإنترنت أمر بالغ الأهمية، وموافقتك على تمكيننا من جمع بعض المعلومات الشخصية عنك يتطلب ثقة كبيرة منك. نحن نطلب منك هذه الموافقة لأنها ستسمح للجديد بتقديم تجربة أفضل من خلال التصفح بموقعنا. للمزيد من المعلومات يمكنك الإطلاع على سياسة الخصوصية الخاصة بموقعنا للمزيد اضغط هنا
أوافق