باريسُ دافئةُ اللونِ والزمنقوسُ قُزَحِ المدُن ساحرةُ العيد باريسُ المدينةُ المزهوةُ كصبية خبأت حُمرةَ زينتِها لترفعَها في شهرِ الميلاد فغلَب الأصفرُ على شجرِها الأحمرِ في شارعِ الشانزليزيه ومِعطفُ الشتاءِ بدّلَ ثيابَه ليسيرَ على خُطى السُّتراتِ الصُّفْر. سبتٌ بلونِ الاحتجاجِ والتظاهراتِ والاعتقالات وإقفالِ بواباتِ المرور ووسائلِ النقلِ عَبرَ الأنفاق أما القنابلُ فكانت مسيّلةً للدموع على كلِّ فرنسا التي هزّها حَراكُ شارع.وهذا الشارعُ المشحون بالأصفر لم يلتحقْ بأيِّ لونٍ سياسيّ حيث لا حزبٌ ولا طائفةٌ ولا قادةٌ محرِّكونَ بل مَجموعاتٌ تُدارُ بلقمةِ عيشِها وتَعترضُ على أداءِ الرئيس وتطالبُه باحترامِها ومُخاطبتِها مباشرةً من دونِ وسطاءَ مِن بيتِه السياسيّ. وفيما أصابت عدوى السُّتراتِ الصُّفْر هولندا وبلجيا كانَ تعليقُ الرئيسِ الأميركيّ دونالد ترامب لافتًا لناحيةِ دعمِه فرنسيينَ لا يرغبونَ في دفعِ مبالغَ ضخمةٍ مِن الأموالِ إلى دولٍ في العالمِ الثالث وأشارَ الرئيسُ الأمريكيّ إلى أنّ المتظاهرينَ في باريس يهتِفون "نريدُ ترامبولم يكن المحتجونَ على هذا التهوّرِ ليطالبوا بترامب الذي زرعَ الشكَّ في قطفِ الحَراكِ بعدَ بلوغِه أسبوعًا رابعا أما التصريحُ الأكثرُ مَدعاةً للسخرية فكانَ للرئيسِ التُّركيّ رجب طيب اردوغان الذي انتقد فرنسا والدولَ الأوروبية وقال إنها أخفقت في امتحانِ الديمقراطية وحقوقِ الإنسان والحريات وهو الرئيسُ نفسُه الذي قبض على تُركيا بصِحافييها وشرطتِها وقُضاتِها ذاتَ محاولةِ انقلاب صخَب فرنسا سيعاينه غداً رئيسُ الحكومة المكّلُف سعد الحريري في زيارةٍ تقودُه إلى لندن ما يعني أنّ الاسبوعَ الطالِعَ لن يحمِل معه متغيّراتٍ في تأليفِ الحكومةِ في انتظارِ عودتِه وتحرّكِ رئيسِ الجُمهوريةِ نحوَ مجلسِ النواب وحِيالَ هذا الأمر قال الرئيس نبيه بري: عندما تصلُنا رسالةٌ منه، وبمعزِلٍ عن مضمونِها، فسنتعاطى معها وَفقَ ما تقتضيهِ الأصولُ القانونيةُ والدستورية وأعرب بري لصحيفة الجمهورية بأنه ما زالَ مقتنعاً بأنّ ثمةَ حلاً لعُقدةِ التأليف وسبقَ أن عرضَه على الوزير جبران باسيل ولم تتِمَّ مقاربتُه حتى الآن ويقومُ الحلُّ على أن يبادرَ رئيسُ الجُمهورية الى التخلّي عن الوزيرِ السُّنّيّ مِن الحِصّةِ الرئاسية لمصلحةِ توزيرِ أحدِ نوابِ سُنّةِ المعارضة بيدَ أنّ الرئيسَ الأول لم يبادرْ مفوّضِاً المُهمةَ الى دورانِ باسيل والرئيسَ الثاني لم يتنازلْ مفوّضًا الى نوابِه رفعَ مستوى النقدِ كاعتبار النائب بَكر الحجيري أنّ النوابَ السنة المعارضين هم مِن الخوارج. قائلا للحريري: يا جبل ما يهزك ريح. و الريح المذكورة اعلاه لا تهز الحريري نعم لكن هزت لبنان واقتصاده ومعيشة ابنائه وضائقتهم في ازمات الاسكان والصحة والخدمات والتلوث وتنامي الفاسدين ولو كانت لدى شوارعنا سترات صفر لما ابقت سترا مغطى على من يحكمنا.