ووري جورج زريق في الثرى والنارُ التي حمَلَها في قلبِه خَمَدَت في المثوى الأخير ذَهب جورج في إغفاءتِه الأخيرة لكنّ أولادَه سيصبحون على وطنٍ اغتالَ أباهم وغداً سيكبُرُ هؤلاءِ الأولادُ على يُتم على بلدٍ وزعماءَ وطوائفَ وأديان ٍأَجهزوا على ربِّ العائلة على وِزارةٍ تبنّت تعليمَهم مجاناً في المدرسةِ الرسميةِ كمَكْرُمة في وقت ٍ يُعَدُّ التعليمُ المجانيُّ من أبسطِ واجباتِ الدولِ اتجاهَ مواطنيها. لم تكنْ قضيةُ جورج زريق قضيةً فرديةً في بلدٍ يعيشُ نحوُ مِليونِ فردٍ فيه بستةِ آلافِ ليرةٍ يومياًفي مجتمعٍ بلغَت فيه حالاتُ الانتحارِ خلالَ الشهرِ الفائتِ واحدةً وعشرينَ حالةً بحَسَبِ إحصاءاتٍ رسمية وكادت قضيةُ جورج تكونُ قِصةَ رأيٍ عامٍ لو تحرّكَ ولاد البلد لكنّ حضرةَ الرأيِ العامّ أعلنها ثورةً افتراضية وارتدى عباءةَ الإفتاءِ ونصّبَ نفسَه قاضياً شرعياً وانقسمَ ما بينَ يجوزُ الانتحارُ شرعاً أو لا يجوز ليُقتَلَ جورج مرتين أما الشارعُ فبقي بلا حَراك ولم تُرصَدْ فيه ثورةُ ما بعدَ البوعزيزي لبنان باستثناءِ كتابةِ الناشط محمّد نصولي على حائطِ وِزارةِ التربيةِ عبارة "جورج شهيد" وجرى توقيفُه وعليه وَصَفت النائبة بولا يعقوبيان نصولي بالبطلِ وطالبَت بأن تُكتبَ العبارةُ على كلِّ الحيطان. وإذا كان الشارعُ مغلوباً على أمرِه وعلى لُقمةِ عيشِه وعلى صِحتِه واستشفائِه وعلمِه وهي قضايا تُسقُطُ حكوماتٍ وتقلِبُ أنظمةً حين يقولُ الناسُ كلمتَهم فما ذريعةُ أولياءِ الأمرِ السياسيّ؟ يومانِ وقضية جورج زريق في الصدارة لكنها لم تتصدّرْ أولوياتِ المسؤولينَ الذين ارتدَوا أناقةَ العيد لقديسٍ عاشَ الفَقرَ والزُّهد حضروا قدّاسَه وقَرِبوا الصلاةَ وهم المذنبون لم يرحَموا مَن في الأرضِ ليشفعَ لهم مَن في السماء ولم يأتوا ولو عرَضاً على ذكرِ مأساةِ جورج وإذا كان الضربُ في الميّتِ حرام فثمةَ نائبٌ بحجمِ أمة اختصرَ بشخصِه مئةً وعشرينَ نائباً على الأمة ومعهم حكومةَ الثلاثين. خلَف العنيزي نائبٌ في مجلسِ الأمةِ الكويتيّ تابعَ مأساةَ جورج زريق وآلمَه ما حدث وعبرَ برنامَجِ الحدَث على الجديد أعلن في اتصالٍ مباشَرٍ مبادرةً إنسانيةً تُجاهَ أسرةِ جورج بوهبِها مبلغاً قدرُه عشَرةُ آلافِ دولارٍ إضافةً إلى راتبٍ شهريّ وهي خُطوةٌ ليسَت بعيدةً مِن الكويت وأهلِ الإمارة يُضافُ إليها إعلاُن وزيرِ الدولةِ لشؤون التجارةِ الخارجيةِ حسَن مراد تكفّلَ الجامعةِ اللبنانيةِ الدَّوليةِ إتمامَ دراسةِ أولادِ الضحيةِ جامعياً . خطوتانِ أسقطتا ورقةَ التوتِ عن الزعماءِ السياسيين وعن نوابٍ ينامونَ على ثرَواتِهم دَخلوا بأصواتِ الناسِ النَّدوةَ البرلمانية وصَمُّوا آذانَهم عن وجعِ الناس. بجسدِه المحترق عَرّى جورج زريق الدولةَ مِن الهَرَمِ إلى القاعدة ولكنْ على مَن سيقرأُ أولادُه مزاميرَهم؟.