قبلَ عِشرينَ سنةً أطلقَ الكارينال مار نصرالله بطرس صفير نداءَ بكركي الأول فقالَ ما قالَ داعيًا سوريا الى الخروجِ مِن لبنان وعلى يومِ وداعِه الأخير كان نداؤُه الثاني فاستدعى الدولةَ إليه وأقامَ عليها جَنَّازَهُ المَهيب خميسُ الكاردينال جاءَ بحياكةٍ جامعة رُصَّتِ الصفوفُ على الصّفوف, وتدافعَتِ الأحزابُ لتأديةِ مراسمِ الحُضور, وتنافسَت حشودُها على السباقِ إلى بكركي قِمةٌ لبنانيةٌ بابويةٌ أوروبيةٌ وعربيةٌ تلاقَت تحتَ شمسِ الصرح تحيةً لبطريركِ الأيامِ الحالكةِ الذي تقدّمت خِصالُ استقلالِه على ما عداها مِن مزايا ولأنّ اسمَه طُبعَ بالمصالحة فقد وافاهُ الجبلُ إلى الجبل فكان وفدُ الحزبِ التقدّميِّ الاشتراكيّ حاشداً وإن بغيابِ زعيمِه وليد جنبلاط وباحةُ الصّرحِ جاورَت جعجع وفرنجية المتصالحَين(2) قبل أشهرٍ في كَنَفِ الكنيسة ومجدُ الرئاسةِ الاولى أُعطيَ للراحل بمنحِ رئيسِ الجُمهوريةِ العماد ميشال عون الكاردينال صفير الوشاحَ الأكبرَ مِن وسامِ الاستحقاقِ اللبنانيّ وفيما أعلن ممثلُ البابا فرنسيس أنّ صفير قامَ برسالتِه في ظروفٍ مُضطربة تولَّى البطريركُ الراعي شرحَ بعضٍ مِن هذه الظروفِ وعلى مرأى صانعيها وقال إنّه شاركَ صفير شخصيًا في معاناتِه وأضاف الراعي: لقد لاقى صفير في السنواتِ الأربعِ الأولى مرارةَ الرفضِ والتهميشِ والإساءةِ والاعتداءِ الجسَديِّ والمعنويّ رافضاً أن يكونَ الحلْقةَ التي تنكسِر وإذا بالوطنِ ينجو وبالجميع يعودُ للالتفافِ مِن حولِه فانطبقَت عليه الآيةُ الإنجيلية "سينظُرون إلى الذي طَعنوه" نَكَأَ الراعي جرحًا مِن زمنِ الصراعِ المارونيِّ المارونيّ الذي كان حاضرًا بفَرعَيه لكنّه ألبس بنفسِه البطريركَ الراحلَ ثوبَ قُرنة شهوان وقال إنّ صفير شاء لقاءَ القُرنة إطارًا جامعًا للقُوى المسيحية وصدىً لصوتِه في المحيطِ السياسيّ وكان لهذا الهدفِ على تنسيقٍ معَ القديس البابا يوحنا بولس الثاني تجنّب الراعي تسميةَ الاحتلالِ السوريِّ عُنوانِ النداءِ الاول لكنّه قالَ إنّ صفير كان يملأُ الفراغَ السياسيَّ مجاهداً مِن أجلِ تحريرِ أرضِ لبنانَ مِن كلِّ احتلالٍ ووجودٍ عسكريٍّ غريب ولم يَنجُ غيرُ الحاضرينَ في الجَنَّازِ مِن غَمزِ الراعي الذي وَصَفَ صفير بأنّه مقاوِمٌ من دونِ سلاحٍ وسيفٍ وصاروخ. وبلغةِ الصواريخِ الأبعدِ مدىً اتّهمتِ السُّعوديةُ إيرانَ بأنها وراءَ الهجَماتِ الحوثيةِ على مِضخاتِ النِّفطِ في المملكة في وقتٍ كان الرئيسُ الأميركيُّ دونالد ترامب ينتظرُ قربَ الهاتفِ مترقّباً اتصالًا من زعماءِ إيران وترامب الذي فشِلَ في إقناعِ أيِّ دولةٍ في السيرِ معه بالانسحاب من الاتفاقيةِ النوويةِ معَ طِهران ترامب الخارجُ من إخفاقاتٍ دَوليةٍ في فنزويلا وكوريا الشَّمالية , وَجد أنه إذا قرّر الحربَ على إيران فلن يعثُرَ له على معينٍ سِوى إسرائيلَ وبعضِ دولِ الخليج ممّن تَدينُ بالولاءِ له ولا ينفكُ عنِ استخدمها مِنصاتِ ضَخٍّ ماليةً للابتزاز. وواقعُ حالِ الرئيسِ الاميركيّ اليومَ هو طلَبُ وساطةِ سويسرا إَ تَرك البيتُ الأبيضُ رقْمَ هاتفٍ معَ السويسريين، الذين يمثّلون إيرانَ في علاقتِها الدبلوماسية، ليكونَ صِلةَ التواصلِ في حالِ رَغِبت طِهرانُ في مفاوضةِ واشنطن. وقال ترامب: "ما عليهم فعلُه، هو الاتصالُ بي، ثُمّ الجلوسُ مِن أجل إبرامِ اتفاقية والجُمهوريةُ الإسلامية التي لم تبدُ مستعجلةً على حَملِ سمّاعةِ الهاتف لن تقطعَ الخطَّ في المقابل فدبلوماسيتُها تتّبِعُ فنَّ الصبرِ وحياكةِ التواصل بأسلوبٍ متأنٍ.
ترامب يناجي " الوسادة الخالية " وايران تفرض عليه عقوبات الانتطار وسويسرا وسيطا بين " الحبيبين اللدودين "