في عهدِ الكورونا الذي اَقعدَ الارضَ وهزمَ دولاً عظمى ..كان لبنانُ بلدًا بأقلِّ الأضرارِ الممكنة فمَن يتابعْ عدادَ الموتِ في ايطاليا ويراقبْ مرارةَ اِسبانيا وِاخفاقَ عبقريةِ اَلمانيا ويُلقِ نظرةً على هلَعِ الولاياتِ المتحدةِ وقربِها من اَن تحتلَّ المرتبةَ الاولى لتسابقَ الصينَ في عددِ الاِصابات .. يكتشِفْ أنّ بلادَنا تقاومُ وأنّ هناك مكانًا للنجاة . وفي عهدِ كورونا لا مكانَ لحُكمِ " المجانين " وأولئكَ الذين تعاملوا مع هذا الوباءِ كوخزةِ إبرة .. وكمرضٍ لا يدخلُ اَجسامَ الدولِ القوية . وهذه اَميركا العظمى .. الدولةُ رقْم واحد لناحيةِ السيطرةِ على العالم ستصبحُ بعدَ أيامٍ الدولةَ العظمى في عددِ الإصاباتِ والضحايا .
وبتسلقِها سُلّمِ المجدِ في الوباء تخطّطُ الولاياتُ المتحدةُ بشخصِ رئيسِها دونالد ترامب لعودةِ دورانِ الحركةِ الاقتصاديةِ ومزاولةِ العملِ اليوميِّ للاميركيين لأنّهم قد يلجأُون الى الانتحارِ ما لم ينخرطوا في أعمالِهم وهذا ما رأت فيهِ الواشنطن بوست اليومَ قرارًا متهورًا وفي منتَصَفِ نَيسانَ سوف يُقدِمُ ترامب على تخفيفِ مستوى الإجراءاتِ في الاِغلاقِ في تسهيلٍ تدريجيٍّ لعودةِ الحياةِ الى طبيعتِها مع أنّ الوباءَ لم " يُلجَم " طبيًا بعد ويمكنهُ اَن يوسّعَ دائرةَ انتشارِه في عددٍ منَ الولايات لكنّ الرئيسَ الاميركيّ يتطلّعُ في هذا القرارِ الى تزويِد صناديقِه الانتخابيةِ بأصواتِ الناس .. ولو على حسابِ أرواحِ الناس . والتهوّرُ له فَرعٌ اخرُ معَ البريطانيّ بوريس جونسون الذي تأخّر في إغلاق بريطانيا أكثرَ مِن اُسبوعين ولم يكن لديه سِوى عبارة " ودّعوا أحباءَكم " الى أن وصل الفيروس الى القصورِ الملَكيةِ وضربَ الامير تشارلز محقّقًا إصاباتٍ فاقتِ ثمانيةَ آلافٍ فيما توقّعت الغارديان وصولَ أعدادِ الموتى اِلى خمسةِ آلافٍ في الأسبوعينِ المقبلين وشكّكت في جِديةِ الحكومةِ في محاربةِ كورونا . جونسون يَحمي الاقتصاد .. ترامب يَحمى انتخاباتِه .. وبقيةُ دولِ العالم تَفقِدُ السيطرةَ بعدما ضَرب الفيروس بلاداً مِن " السند الى الهند " وأجبرَ مليارَ هنديٍ على الحَجرِ الصِّحيِّ بَدءاً من اليوم . ومع هذه الصورةِ المُغلقةِ عالميًا والقاتمةِ صِحياً يبدو لبنان " نُقطةً في بحر " .. وهو يتقدّمُ لناحيةِ الاجراءاتِ العازلةِ والتدابيرِ الصِحيةِ المتخذةِ القادرةِ لتاريخِه على استيعاب الحالاتِ المُثْبتهِ مَخبريًا بأنها مصابةٌ بالفيروس . لبنان المديون حتى النخاع .. والذي دخل ناديَ المتخلفين عن الدفع .. بدا انه " أكبر" من دولٍ ظَهر أنها " هشّة " .. وجُمهورياتٍ من كرتون سقطت بوباء . لا يمتلكُ هذا البلدُ اقتصاداتٍ عظمى لا بل هو البلدُ الذي كان محجوراً عليه سياسيًا قبلَ الحَجرِ الصِّحي .. ومع ذلك فإن مبادرات ابنائه .. واستيعاب وزارته صحته .. وابتكارات شبابه من شأنها اذا ما تعززت حكوميا ان تشيّد الامل على جسور الخطر .
وإذا كان الرئيس الاميركي نفسه قد عَجَزَ عن تأمين كمامات واجهزة تنفس للاميركيين .. فإن نعمت فرام وحده قارع دونالد ترامب .. ووضع في الخدمةاليوم اول جهاز تنفس في لبنان .
هذه المبادرات مع تفعيل عمل البلديات وترشيد القرارات الحكومية من شأنها ان تنشأ الجيش الموحد للحرب ضد كورونا .