مقدمة النشرة المسائية 25-11-2019
لا جدالَ في الشهادة وما تركتْه مِن مأساةٍ وحُزنٍ ولوعة فحسين شهلوب وسناء الجندي والعائلةُ التي تُرِكَت مفجوعةً مِن ابنةٍ شاهدةٍ على الموت وقُرىً شيّعت وتظاهَرَت وأضاءَت شموعًا.. كلُّ ذلك جرى توقيعُه في أربعينَ الثورةِ وعلى طُرُقاتٍ خَطِفتْها مجموعاتٌ لا مطالبَ لها سِوى ضربِ الناسِ بالناس.. وسَلْبِ صورةِ تظاهرٍ حَضاريةٍ وأخذِها إلى مِنطقةٍ دموية.
فعند فجرِ الأربعينَ كانت مأساةٌ لعائلتَينِ تأثّرت بها العائلةُ اللبنانيةُ على مستوى الوطن بحيثُ لم تعدِ القضيةُ مسألةَ حاجزِ اصطدام ولا مسألةَ تحقيقاتٍ مُتصلةٍ بالتحكّمِ المروريِّ وخبراءِ السير لأنّ الأسبابَ الفعليةَ تَكمُنُ في خطرِ قَطعِ الطُّرُقِ وتنصيبِ حرّاسِ الليلِ والنهار شرطةَ مرورٍ عليها .. بَدءًا بالتدقيقِ في الهُوّيات وصولاً إلى إذلالِ المارّةِ والعابرينَ وانتهاءً بحادثِ الفجرِ في مِنطقةِ الجية. وإذا كان لكلِّ جهةٍ حِزبيةٍ حِساباتُها على الأرضِ مِن الناعمة إلى الجية وخلدة وليلاً في الرينغ معَ أخطرِ مواجهةٍ مِن نوعِها.. فإنّ المتظاهرينَ من أصولٍ ثوريةٍ لا يَمُتُّونَ إلى تلك المظاهرِ العُنفيةِ بصِلة. ولْتخرُجِ الأرواحُ الممسوسةُ مِن هذا الجسَدِ النقيّ.
فهم قدّموا في أربعين نهاراً.. نماذجَ عن حَراكٍ مدنيٍّ لا أرواحَ فيهِ ولا شياطين .. من العروض المدنية إلى سلسلةٍ بشريةٍ فالخُبزُ والمِلحُ والمراكبُ البحريةُ والتجمّعاتُ العابرةُ للطوائفِ والرافضةُ تحصيلَ الحقِّ بالشتائم. كلُّ ما عدا ذلك سيكونُ عملاً مدانًا وشَيطانًا رجيمًا يدخُلُ الحَراكَ بتدبيرٍ مِن نوعِ العنايةِ السياسيةِ الفائقة. لأنّ نتائجَه على الأرض تريدُ سَحبَ الامورِ الى مِنطقةٍ غيرِ آمنة.. وقد كانت حصيلتُها فجرًا سقوطَ شهيدينِ طالب ذووهما بفتحِ تحقيقٍ يصلُ الى نهايتِه لاسيما أنّ الأمنَ كان شاهدًا على ما حدث. أما حزبُ الله فقد
اتهم جهات ٍمليشاويةً ومجموعاتٍ من قطاعِ الطرق التي تمارسُ أبشعَ أساليبِ الإذلالِ والإرهاب بحقِّ المواطنينَ الأبرياء. وقال إنّ هذا الاعتداءَ بمثابةِ الاعتداءِ على كلِّ اللبنانيينَ وعدّوهُ تَهديدًا للسلمِ الأهليِّ والاستقرارِ الاجتماعيّ داعيًا الجميعَ الى تحمّلِ المسؤوليةِ الكاملة وكشفِ الجريمةِ الارهابيةِ ومعاقبة ِالمعتدين.
والارضُ المحتقنةُ لم تحجبِ التداولَ السياسيَّ في الحكومةِ غيرِ المقبلةِ على التأليف.. لكنّ رميَ اسمِ الوزيرِ السابقِ بهيج طبارة اصطدم على ما يبدو مرةً أخرى بشروطِ الوزير جبران باسيل معَ دخولِ مرحلةِ التشاورِ في الاسماءِ والحقائب. والتشاورُ الوحيدُ الذي انتَهى إلى تضامنٍ وتوافقٍ كانَ تلفزيونيًا حيثُ توحّدت مَحطاتُ الالبي سي والام تي في والاو تي في والمستقبل على التضامنِ معَ قناةِ الجديد وطلبَت حجبَها وإزالةَ تردّداتِها عن شرِكاتِ الكابل.. أُسوة ً بقناةِ الجديد واعتراضا ًعلى قرارِ قَطعِ بثِّها وتضامناً معها ومِن خلالِها معَ الحرياتِ العامةِ في البلاد التي باتت تحتَ رحمةِ وخطرِ مجموعاتٍ "يشغلها" قرارٌ سياسيّ "اون .. اوف". والجديد اذا تقدّرُ خُطوةَ المحطاتِ التلفزيونيةِ الأربعِ وتشكرُها على قرارِها الجريء فإنها تؤكّدُ في المقابل أنها ستكونُ على ذاتِ الخُطوة إذا ما تعرّضت أيُّ محطةٍ لبنانيةٍ لإساءةٍ تتسبّبُ بضررٍ مِن هذا النوع.