حكومةٌ على الفحم.. وخُبزٌ بِلا حطب وما بينَهما مرحلةٌ محروقة سياسياً إلى ما بعدَ نهايةِ العهد فالصيفُ حَلّ، تَجُرُّهُ عَرَباتُ الأزَمات من دونِ أن تَعرِفَ طريقاً إلى الحل.. وفي رأسِ الأولويات رغيفُ الخُبرِ الذي تَبخّرَ إتفاقُه معَ وِزارةِ الاقتصاد ولم يَدخُل إلى الفُرن للنضوج واليوم اصَطفّت طوابيرُ المواطنين عندَ أبوابِ المخابز، وعادت خائبةً لتَسمَعَ تصريحاتِ المسؤولين التي تُطبِّقُ حرفياً: "جعجعةً بِلا طحين"، فوزيرُ الاقتصاد يتفاوضُ معَ تجّارِ الأزَمات والزعران كما سمّاهم.. ومعَ ذلكَ فإنّ أياً منهم لم يَلتزِمِ الاتفاق وظَلَّ المواطنونَ عالقون بين خُبزٍ على ورق ووعودٍ فارغة، لاسيما أولئكَ الذين يتعاقدونَ معَ خطِّ الفَقْرِ الدائم ومن هذه العيّنة.. ما أُصيبَ اليوم بالانهيارِ الفعلي إذ حّلَتْ كارثةٌ جديدة على طرابلس لدى سقوطِ مبنى مؤلّف من أربعِ طبقاتٍ في مِنطقةِ ضهر المِغِر وفي انهياراتِ السقوفِ الحكومية فإنّ المرحلةَ المقبلة لن تَحمِلَ معَها إعادةَ الإعمارِ السياسي.. وطبقاً للمعلوماتِ المتصلة بالتأليف سيُقدِّمِ الرئيسُ المكلّف نجيب ميقاتي تشكيلةً وِزاريةً مرمّمة فورَ الانتهاءِ من الاستشاراتِ النيابية غيرِ الملزمة يومَ الثلاثاء المقبل سيَستمِعُ ميقاتي لمطالبِ النواب.. وسيَرمي ما سَمعَه في أقربِ مستوعَبٍ لجمعِ العوادم لكنّ العِبرةَ ستَكمُنُ في توقيعِ رئيسِ الجمهورية وفي طريقٍ مسدود سوفَ تَصِلُ إليه مراحلُ التأليف.. فإنّ ميقاتي سيكونُ رابحاً على خطّين.. سَواءٌ برفْضِ تشكيلتِه فيَبقى رئيساً مكلفاً، أو ببقاءِ الحكومةِ الحالية إلى ما بعدَ نهايةِ العهد، وعندَها تَتسلّم هذه الحكومة صلاحياتِ رئيسِ الجمهورية بالوَكالة تطبيقاً للمادة الثامنة والستين من الُدستور ويشرحُ الوزيرُ السابق الدّستوري زياد بارود أنّ الحكومةَ في هذه المرحلة تعني تصريفَ الأعمال فقط، أي كلَ ما هو مُلحّ ولا يُرتِّبُ أعباءً مالية ولا يُلزِمُ الحكومةَ اللاحقة بقضايا لا تستطيع التراجعَ عنها.. ويُوضِحُ للجديد أنه بعدَ انتهاءِ ولايةِ رئيسِ الجمهورية يُصبحُ التكليف ومَن يُصرِّفُ الأعمال هو الحكومةَ الحالية ما لم يَتِمَّ تأليفُ واحدةٍ جديدة.. وهذا التفسيرُ الدُستوري الذي سيُقوّي فُرصَ ميقاتي وعليه فإنّ الرئيسَ المكلّف وَجَبَ أن يُقدِمَ على طرحِ التشكيلة أياً تكُن العقبات وأن تكونَ منسجمةً معَ إبعادِ السياسيين عنها حتى وإنْ لم تَحصُلْ على توقيعِ الرئيس هو بذلك سيَضعُ المسؤولين على المِحكّ.. وليَذهَبْ بها إلى مجلسِ النواب إذا حازتْ التوقيعَ الرئاسي.. وعندها ليَتحمّل النوابُ مسؤولياتِهم الوطنيةَ برفضِها.. وليَظهروا أمامَ الرأيِ العام فاقدي الأهليةَ والمسؤوليةَ معاً، لأنهم رَفضوا حكومةً في أحلكِ ظروفٍ تَمُرُّ بها البلاد وأياً كانتِ الصيغُ التي سيأتي بها ميقاتي، فإنها تقودُ إلى نهايةٍ واحدة أما رئيسُ مجلسِ النواب نبيه بري فيُلمّح إلى استبدالِ بعضِ الوزراء بآخرين أو ما يسمّيه: "جَمَل مطرح جَمَل يُبرك"، لكنّ الجَمَل بنيّة.. والجمّال الرئاسي بنيّة.. وهنا تَصطدمُ المزرعةُ السياسية ببعضِها البعض.