أصبح لبلدية بيروت رئيس/ أما الجمهورية فرئيسها عالق في عنق الرحم السياسي/ ومعلق على حبل الخلاص الخارجي/./ وباستثناء الديمان ولقاء الراعي- سليمان/ وانتظار "غودو" لودريان القادم على أذيال أيلول/ فإن الأحداث توقفت عند كوع الكحالة/ التي شيعت اليوم الضحية الثانية فادي بجاني إلى المثوى الأخير/./ التعادل السلبي بخسارة الأرواح، فتح شهية البعض للعب على وتر فتنة لم يستطع إيقاظها/ وأعاد فرز الأصوات بين مؤيد لسلاح المقاومة المكفول بوكالة غير قابلة للعزل طالما هناك أراض لبنانية لا تزال محتلة/ وبين سياديين لم تر عيونهم ما هو أبعد من أنوفهم/ للضغط باتجاه تحرير ما تبقى من أرض محتلة/ وبين من يسعى لوضع المؤسسة العسكرية موضع الشبهة على قاعدة أن الجيش اللبناني عامل "ديليفري" لدى حزب الله/ ويضعه بين نارين: إما تحمل المسؤولية وهذا الشرط حمال أوجه/ أو أن يقوم بدور "شاهد الزور"/ وفي كلتا الحالتين فإن المستهدف من وراء الكوع هو المؤسسة العسكرية/ وهي المؤسسة الوحيدة التي لا تزال متماسكة حول لحمها الحي، وتشكل صمام الأمان في زمن الشغور والفراغ وانهيار المؤسسات وتحلل الدولة/./ سحب الجيش بحكمة قيادته فتيل التفجير/ فض الاشتباك/ واحتوى العواقب/ حفظ الأمن/ وختم على شحنة الذخائر بالشمع الأحمر/ وترك أمر تسليمها لأصحابها بعهدة القرار السياسي أو أقله لصدور أمر قضائي يحدد مصير الشحنة/./
فماذا لو قطع حزب الله بدوره دابر الأزمة/ وتبرع بالذخيرة للجيش؟/ ليعيد التوازن إلى المعادلة الذهبية/ فجنود الجيش هم أيضا حراس الحدود/ من شجرة العديسة/ إلى الوزاني وتلال كفرشوبا/ وضباطه واجهوا بصدورهم خروقات جنود الاحتلال وجرافاته ما بعد المزارع وتلالها وأجبروهم على التراجع/./ وبذلك يكون حزب الله قد نقل الرصاص من "العب إلى الجيبة" على قول المثل/ خصوصا وأن الجيش اللبناني يتعرض يوميا لامتحان في الأمن ونجا من الأفخاخ السياسية والطائفية/ ومن الأحداث المتنقلة/ من أعالي القرنة السوداء وجارتها بقاعصفرين/ ومن عين الحلوة إلى عين إبل/ إلى كوع الكحالة ورصاصة وزير الدفاع الطائشة/./ وسط هذا الوضع الدقيق/ جرى الإفراج عن تقرير التدقيق الجنائي الصادر عن شركة ألفاريز أند مارسال/ وتسليم نسخ منه إلى النواب/ ومما جاء في التقرير أن الهندسات المالية التي قام بها المصرف المركزي بلغت كلفتها 115 تريليون ليرة بين العام 2015 والعام 2020 / وأن ثلاثة وعشرين شخصا ومؤسسة وجمعية ومهرجانا استفاد كل منهم من دون أي حق من دعم مالي يفوق المئة الف دولار على زمن سعر "الألف وخمسمية"/./ وهو الزمن الذي توقفت عنده رواتب موظفي تلفزيون لبنان الرسمي/ الذين أضربوا اليوم/ فانطفأت الشاشة/ بقرار من وزير الإعلام زياد مكاري/ الذي جمد البث لوقف الهدر/./ وباتت بيروت عاصمة الإعلام العربي بلا تلفزيون وطني/./