قدّمتِ السياسةُ انحناءةً لمَوكِبِ التشييع.. فمرَّ مار نصرالله بطرس صفير مُسجّىً مِن بينِ الأحداثِ وأرقامِ الموازنةِ وزيارةِ ساترفيلد الراسيةِ على شواطىءِ نِفطٍ وغاز وعلى شَمعتِه المئةِ أطفأ صفير قَرناً مِن زَمنٍ سيوارى غداً بما يَختزنُه مِن مراحلَ ومواقِفَ أرسَت بُنيانَ الكنيسةِ السياسية ومجدُ التشييعِ أُعطي للكاردينال صفير.. مِن رعيةٍ اصطفّت مودِّعةً على جنباتِ الطرُق.. إلى الحجيجِ السياسيِّ والشعبيِّ لإلقاءِ النظرةِ الأخيرةِ في بكركي وصولاً إلى نَعشٍ ألّقَ الموت ورَسَمَ على النِّهاياتِ رحيلًا مِن أرزِ الربّ وخشَبِ زيتونِ وادي قادشيا وصلابةِ صخورِ بكركي وبحراسةِ آل الخازن تَبَعَاً لتقليدٍ ضارِبٍ في التاريخ تلا صفير العِظةَ الصامتةَ ومشى على نَبْضِ مواقِفَ انزرعت في وجدانِ رعيتِه وإن كان بعضُها وُضِعَ يومًا في خانةِ الاصطفافِ السياسيِّ لكنيسةٍ جامعة وغدًا تتوافدُ الرّعيةُ إلى جَنَّازٍ غيرِ مسبوق يُخّلدُ كاردينالاً عاصَرَ لبنانَ في حربِه وسلمِه وعانى حتّى من بعضِ رَعيتِه ومنها مَن سيحتشدُ لوَداعِه في اليومِ الاخير وغداً يومٌ وطنيٌّ في كلِّ الوطن لكنَّ موارنةَ لبنانَ سيَعتبرونَ المناسبةَ معدّلَ قياسٍ لوَحدةِ المشاركةِ إذ بدأتِ الدَّعَواتُ الى الحشدِ بينَ تيارٍ وقوات ولأنّ مجدَ لبنان اُعطي له.. فتعلنُ السياسةُ تنسّكَها عن المتابعةِ في خميسِ الكارينال على أن تُستأنفَ حركةُ الملاحةِ الحكوميةِ يومَ الجمُعةِ لاستكمالِ مناقشةِ بنودِ الموازنة وقدِ انفّضت جَلسةُ اليومِ على ضياعٍ في القراراتِ والاتهاماتِ وأَرقامِ التخفيضات.. فيُعلنُ وزيرُ الإعلام جمال الجراح شيئاً ليَظهرَ نقيضُه على لسانِ وزراءَ آخرين أُقرَّ التدبير رقْم ثلاثة بالنسبةِ الى الجراح ولم يُقَرَّ عندَ وزيرِ الدفاعِ الياس أبو صعب.. يُسرّبُ أنّ الرئيسَ الحريري استاءَ مِن وزيرِ الدفاع فألغى جلسةَ المساء ثُمّ يُجري أبو صعب محاكاةً ميدانيةً معَ الحريري عَبرَ الهاتفِ لإثباتِ العكس والدولةُ الضائعةُ في موازنتِها وغيرُ المتّفقةِ على رقْم.. ثبّتَت موقفَها واحدًا موحدًا تُجاهَ الزائرِ الاميركيّ ديفيد ساترفيلد القادمِ على متنِ زورقِ تفاوضٍ إسرائيليٍّ منقّبًا عن الحدودِ البحريةِ والبرية ووَجد مساعدُ وزيرِ الخارجيةِ الاميركية أنه يستمعُ الى الكلامِ نفسِه مِن الرؤساءِ الثلاثةِ ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري معطوفينَ على الرئيسِ الرابع جبران باسيل موقِفٌ صُلبٌ ولا يحيدُ للرباعيةِ اللبنانيةِ التي فرَضَت تفاوضًا متوازنًا على كبيرِ الدبلوماسيينَ الاميركيين وساترفيلد بالأمس.. غيرُه اليوم, إذ إنه في جولاتِه السابقةِ هدّد وأبلغَ واستثنى رئيسَ الجُمهوريةِ مِن لقاءاتِه ووتّرَ البلادَ على طريقةِ الفرض لكنّه لمسَ أنّ لبنانَ لن يمتثلَ للشروطِ الإسرائيليةِ الاميركيةِ في النِّفطِ والغاز.. فاختارَ دورَ الوسيطِ بعدَما درسَ الاخطارَ معَ تل أبيب ولا بدَ أنّه خلالَ الدرس.. تراءى لإسرائيلَ وساترفيلد معًا صواريخُ حسَن نصرالله وهي تلوحُ في أُفُقِ المِنصاتِ الإسرائيليةِ للتنقيبِ عن الغازِ في بحرِ فِلَسطين.. فنظروا تقديريًا الى عُرضِ البحر.