"النهار": كيف يسوِّغ "حزب الله" مبررات فتح أبواب المناوشة مع جعجع؟

2021-10-23 | 03:48
"النهار": كيف يسوِّغ "حزب الله" مبررات فتح أبواب المناوشة مع جعجع؟
لم يكن كلامًا عابرا قول الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في إطلالته ما قبل الاخيرة غداة أحداث الطيونة، ان رئيس حزب"القوات اللبنانية" سمير جعجع هو "اللغم الاخير" بالنسبة اليه في الساحة اللبنانية. فالمقصد والأبعاد جلية، والحزب يعتبر انه عطل على مدى الاعوام التي تلت حادث اغتيال الرئيس رفيق الحريري تقريبا كل الالغام والعبوات المكثفة التي زرعها خصومه في وجهه عبر توجيه سيل من الاتهامات اليه وتحميله تبعة أحداث جسام حصلت بحجم اغتيال الحريري نفسه.
ولم يكن سرا أن "اللغم" الأكبر الذي يزعم الحزب أنه عطّل مفعوله وأبعد خطره هو لغم المجموعات الارهابية المتطرفة التي اقتحمت بشراسة وضراوة عمق الساحة اللبنانية بُعيد اشتعال فتيل المواجهات في الساحة السورية عام 2011، وهي كما صار معلوما مجموعات بالغة الاحتراف وتمتلك إلى الايديولوجيا الدينية خبرة قتالية عالية اكتسبتها من تجارب في ساحات عدة. وهذه المجموعات لم تفد إلى قارة مجهولة، فهي وجدت في العمق اللبناني رؤوس جسور وبيئات حاضنة استقبلتها وتفاعلت معها وبنت على اساس هذا الوجود مشاريع بعيدة المدى وحروبا صغيرة متنقلة بين أقاصي البقاع (عرسال) وصيدا وطرابلس والشمال وخلدة والطريق الساحلي.
وقد احتاج الحزب إلى نحو عشرة اعوام من الملاحقات والمناوشات مع هذه المجموعات وبيئاتها المتعاطفة إلى أن أعلن صراحة أنه بات على قناعة بأنه أبعد خطرها ونجح في تفكيك حلقاتها، لاسيما وقد صار وراء قضبان السجون ما يقارب الـ 150 رمزاً من وزن الشيخ احمد الاسير و"أبو طاقية" و"أبو عجينة" والشيخ عمر فستق والشيخ عمر غصن وآخرين.
وقبل ذلك، نجح الحزب في مشاغلة تيار "المستقبل" الذي نجح في تجييش الشريحة الاوسع من الشارع السنّي ضده، كما نجح في اقامة تحالف سياسي مترامٍ قبالته (ائتلاف 14 آذار) كانت مهمته الحصرية منازلة الحزب بأشكال شتى. وانتهت هذه المشاغلة بأحداث 7 أيار عام 2008 ومن ثم بخروج رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من قيادة ائتلاف 14 آذار، مما أفضى لاحقا إلى انفراط عقده تدريجاً وغيابه التام عن ساح الفعل والتأثير.
وقد احتاج الحزب للمواجهة إلى جهد استثنائي امتد لسنوات اتّبع خلالها سياسة الاحتواء والامتصاص ومن ثم التفكيك.
ومن خلال هذا السرد المختصر، يبدو كلام نصرالله عن جعجع وكأنه ينطوي على نوع من الانذار والوعيد موجّه إلى من يعنيهم الامر في الداخل والخارج بان "ساعة المواجهة المباشرة والفعلية" مع رئيس "القوات" قد بدأت للتو، واستطرادا فان "فترة السماح والسكوت والتجاهل" انتهت وانفتحت في المقابل صفحة جديدة تماما عنوانها العريض "المشاغلة والمناوشة والمنازلة المفتوحة مكانا وزمانا".
وعقب عودة حزب "القوات اللبنانية" إلى الساحة السياسية بعد عام 2005 على خلفية التطورات والتداعيات التي نجمت عن اغتيال الرئيس الحريري، تعامل الحزب مع هذه القوة بنوع من الاقرار بالامر الواقع. وقد عبّر نصرالله نفسه عن ذلك بقوله في احدى الاطلالات الاعلامية قبل اعوام: "انهم قوة حاضرة في الشارع المسيحي وينبغي التعامل بواقعية مع هذا الواقع وتقبّله". وبذا كان الحزب وسيده يبديان ضمنا استعدادا "للتعايش والتساكن" مع هذه القوة السياسية، لاسيما ان الحزب مجبر على التعامل معها في حكومات الوحدة الوطنية المتتالية وفي اللجان النيابية وفي الهيئة العامة للمجلس النيابي. وقد سُجل في يوم نوعٌ أبعد من التقارب والتحاور والتهدئة تمثّل بلقاء عُقد ذات يوم بين احد نواب الحزب علي فياض ونائب سابق من كتلة "القوات". وقد تعمد النائب عينه في خطوة نوعية مشاركة الحزب في احدى المناسبات التي جرت في المنطقة الحدودية، فيما لوحظ لاحقا أن جعجع نفسه خفف اطلالاته الاعلامية التي كان يخصصها للرد على خطب نصرالله.
وبموازاة ذلك كله، سعى الحزب إلى النأي بنفسه عن اي مواجهات او سجالات اعلامية مع فريق "القوات"، وتعمد ايضا طي صفحة العودة إلى خطاب الماضي في مقاربة أحداث في الحرب الاهلية. ويُذكر في هذا الإطار "العقوبة" التي اتخذتها رئاسة الكتلة النيابية للحزب بحق احد ابرز اعضائها المشاكسين وهو النائب السابق نواف الموسوي بعد مشادة كلامية بينه وبين النائب المستقيل نديم الجميل.
وخلال الاعوام العشرة الماضية كانت العلاقة بين الحزب و"القوات" تسير على نمط مقبول، فهي عبارة عن تناقض سياسي بين توجهين من مستلزمات الساحة التاريخية ومن سماتها، إلى ان استشعر الحزب في العامين الاخيرين، وتحديدا منذ انطلاق حراك 17 تشرين ان "ثمة من لعب برأس هذا التنظيم" واعطاه وكالة ومنحه تفويضا "وعهد اليه بمهمة التصدي للحزب والدخول في مكاسرة معه". وعليه رصد الحزب، كما يقول، "ارتفاع منسوب الهجمات الحادة والمكثفة تجاهه من جانب القوات"، إلى ان أتى الكلام النوعي الشهير الذي يقول الحزب ان جعجع أطلقه قبل عام بالتحديد في العشاء الذي جمعه مع رئيس التقدمي جنبلاط في منزل النائب نعمة طعمة، والذي كشف فيه امتلاكه جسما عسكريا مؤلفا من 15 ألف مقاتل، وانه على جهوزية واستعداد لمنازلة نصرالله الذي بات "اضعف من ياسر عرفات" (عشية الاجتياح الاسرائيلي عام 1982).
كان الحزب يتمنى ضمنا لو ان هذا الكلام يندرج في سياق "لعبة التباهي وعرض العضلات"، لكن "حزب الله" يقول إنه أيقن لاحقا ان الرجل "لا يمزح ولا يستعرض" وانما "لعبت برأسه الاطماع الرئاسية وغير الرئاسية"، لاسيما وقد عاد إلى رفع شعار “حماية المنطقة الشرقية". من ذلك الحين أدرك الحزب ان لا مفر من مواجهة التحدي، وانه يتعين التعامل بجدية مع "الخطر المستجد".
وثمة وقائع ومعطيات يزعم الحزب انها لم تشكل عنصر مفاجأة له، منها ان كل المؤشرات توحي بان لا مجال لردم الهوة الآخذة بالاتساع بين "القوات" وتيار "المستقبل"، فخياراتهما باتت عبارة عن "خطين متوازيين". ثم ان جنبلاط ماضٍ قدماً في خيار "التسوية ثم التسوية" الذي سبق له ان رفعه وانه لن يماشي جعجع، وان الواقع المسيحي لا يسمح بالمطلق بالعودة إلى شعارات وممارسات سنيّ الحرب الاهلية لجهة التعبئة والتحشيد.
وعليه ثمة من لا يستحي من القول إن "حزب الله" يبحث منذ فترة عن سبيل مقبول لفتح مناوشات مع جعجع، وربما وجد ضالته المنشودة في احداث الطيونة. ولكن الاكيد ان الحزب ليس في وارد التوجه إلى فتح ابواب المواجهات المفتوحة مع "القوات" بل له من انماط الاعوام الماضية وتجاربها ما يغنيه عن ذلك، ولكن الثابت ان الحزب ليس في وارد التراجع بعد الآن.
اخترنا لك
مناشدات لـ "جمعية المصارف": للدفاع عن حقوق المصارف والمودعين
10:51
رئيس هيئة الطوارئ المدنية ايلي صليبا: لا صحة لانتشار مرض السل في السجون وهناك حالات كبيرة مُصابة بالانفلونزا
10:51
مراسل الجديد: دوي الانفجار الذي سمع في محيط منطقة المحمودية ناجم عن تفجير نفذه الجيش اللبناني والقوة الإسبانية في اليونيفيل لذخائر غير منفجرة
10:38
سلام: لن نقبل النقد دون تقديم البدائل
10:38
الرئيس سلام: أطلقنا على الحكومة اسم "الإنقاذ والإصلاح" وسنتعامل بصدق وشفافية مع اللبنانيين
10:37
الرئيس سلام: سيتبين لكل من يتعرف على قانون الفجوة المالية أنه سيرد للمودعين حقوقهم وسيُغرّم من حوّل أمواله إلى الخارج
10:35
إشترك بنشرتنا الاخبارية
انضم الى ملايين المتابعين
Download Aljadeed Tv mobile application
حمّل تطبيقنا الجديد
كل الأخبار والبرامج في مكان واحد
شاهد برامجك المفضلة
تابع البث المباشر
الإلغاء في أي وقت
إحصل عليه من
Google play
تنزيل من
App Store
X
يستخدم هذا الموقع ملف الإرتباط (الكوكيز)
نتفهّم أن خصوصيتك على الإنترنت أمر بالغ الأهمية، وموافقتك على تمكيننا من جمع بعض المعلومات الشخصية عنك يتطلب ثقة كبيرة منك. نحن نطلب منك هذه الموافقة لأنها ستسمح للجديد بتقديم تجربة أفضل من خلال التصفح بموقعنا. للمزيد من المعلومات يمكنك الإطلاع على سياسة الخصوصية الخاصة بموقعنا للمزيد اضغط هنا
أوافق