ندوة وطنيّة حقوقيّة بمناسبة اليوم العالمي 21 لمناهضة عقوبة الإعدام

2023-10-11 | 08:31
ندوة وطنيّة حقوقيّة بمناسبة اليوم العالمي 21 لمناهضة عقوبة الإعدام


في إطار استعادة النقاش العلمي واللاعنفي حول عقوبة الإعدام، وبمناسبة "اليوم العالمي 21 لمناهضة عقوبة الإعدام" في العاشر من شهر أكتوبر، نظّمّت "الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية" LACR بالشراكة مع المنظمة الفرنسية "معًا ضدّ عقوبة الإعدام" ECPM ندوة وطنية على مدى يوم كامل بجزأين، الأول حول الواقع المحلي والعالمي وآفاق التقدّم الحاصلة، والثاني للتعمّق في الجانب القانوني والبدائل.

افتتح الندوة المحامي رفيق زخريا ممثّلاً الهيئة اللبنانية للحقوق المدنية، والمحامي ريشار سيديّو ممثِّلاً المنظمة الفرنسية ECPM. وقد تضمّنت كلمة زخريا تحية وفاء للراحل وليد صلَيبي رائد مناهضة عقوبة الإعدام في لبنان مع وقوف دقيقة صمت لذكراه. 

خمس جلسات عمل متخصّصة في الجوانب التي تفيدنا الآن في لبنان، من أجل التطوير والعدالة:

●الجلسة الأولى أدارتها الصحافية ديانا سكيني من جريدة النهار، وكانت مخصّصة مع الدكتورة أوغاريت يونان مؤسِّسة الحملة الوطنية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في لبنان منذ العام 1997، حول هذه المسيرة: إنجازات وآفاق. عرضت يونان للإنجازات الاستراتيجية للحملة، وقالت نحن أسّسنا ثقافة مناهضة عقوبة الإعدام في لبنان، بعمل إبداعي وشامل، ولا عودة إلى الوراء، وهذه الإنجازات باتت في صميم الواقع.
ثمّ تحدّثت عن أنّ الكلام الذي يتكرّر في كلّ فترة عن الإعدام، يتطلّب منّا أن نعود ونفهم لماذا نقول لا لعقوبة الإعدام، وفي الأساس نقول لا للجريمة. تمّ تزويد المشاركين بوثيقة "20 حجّة لرفض الإعدام"، تشمل معطيات علمية وإحصائية وقانونية وتاريخية وفكرية ودينية وشهادات للأهالي وإنجازات محلية وعالمية. 
بالنسبة إلى د. أوغاريت يونان، عقوبة الإعدام هي شراكة في العنف، فعقوبة الإعدام تقتل. ومسؤوليتنا ألاّ نكون مع العنف، مع القتل. فنحن نرفض القتل الأول أي الجريمة الأولى، والقانون يعاقب على القتل، فكيف نعود ونطالب بالقتل، بالإعدام؟ وعندها، كيف يعالج القانون القتل بالقتل! ومن يعاقب القانون إذن؟ وهل نحن ببّغاوات نقلّد الجريمة بجريمة؟ نحن نعلن الخداد على ضحايا الجريمة الأولى وعلى ضحايا الإعدام، كما يقول وليد صلَيبي. 

وكانت مداخلة للمحامية لينا العيّا، من جمعية عدل ورحمة، تناولت فيها واقع المحكومين بالإعدام القابعين في السجون، وعددهم الحالي 78 شخصًا، وهم لبنانيون ومن جنسيّات أخرى، مع توضيحات حول الفئات الاجتماعية والعائلية والأعمار وأيضًا زيارات ذويهم إليهم إلخ. وشرحت عن ظروف السجن، بالأخصّ التدهور الكبير داخل السجون في ظروف الغذاء والصحة جرّاء الأزمة الحالية في البلاد. وتطرّقت المحامية العيّا إلى بعض الجوانب القانونية في ملفات هؤلاء المحكومين، مختتمة كلمتها بالتذكير بأن حكم الإعدام يصدر عن المحكمة باسم الشعب، فهل الشعب قاتل!؟

●الجلسة الثانية كانت مخصّصة لواقع إلغاء عقوبة الإعدام في العالم، وأدارها الدكتور مكرم عويس. 
تحدّثت فيها الحقوقية جوليا بوربون فرنانديز Julia Bourbon Fernandez، رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ECPM، وعرضت للإحصاءات العالمية والتطورات الإيجابية المؤثرة. فالاتجاه العالمي بات محسومًا: 147 بلدًا في العالم ألغت الإعدام من مختلف القارات. وحتّى دول "منظمة التعاون الإسلامية" (عددها 57 بينها لبنان)، 19 دولة منها ألغت الإعدام، و14 في حالة تجميد تنفيذ أحكام الإعدام، وهذه معطيات محفِّزة جدًا لنا. وهنأت لبنان لتجميده تنفيذ أحكام الإعدام حوالى 20 سنة، وأعربت عن قلقها من احتمال لجوء السلطة لسبب ما إلى استعادة التنفيذ في حين أنّ لبنان بلد متقدّم في هذه القضية.  
ثمّ تحدّث ممثلان عن وزارة العدل، القاضي أيمن أحمد والقاضية أنجيلا داغر، حيث عرضا لوضع الإعدام في لبنان في ظلّ التوصيات ذات الصلة الناتجة عن "الاستعراض الدوري الشامل UPR" في الأمم المتحدة. كما تطرّقا إلى دور القاضي الملزم تطبيق النصّ، متطلّعين إلى تطوير القانون وتعديل التشريع في المجلس النيابي. كذلك، أكدا على دور وزارة العدل الأساسي في تصويت لبنان الرسمي في الجمعيّة العامة للأمم المتحدة لصالح القرار الخاص بوقف تنفيذ حكم الإعدام moratorium، المرّة الأولى عام 2020 والمرّة الثانية عام 2022. وهذا إنجاز للبنان.
أمّا مداخلة ممثّل المفوضية السامية لحقوق الإنسان OHCHR الخبير علاء قعود، فتمحورت حول الصكوك النافذة في الأمم المتحدة حول إلغاء عقوبة الإعدام، حيث أكدّ على ضرورة التزام لبنان بالتوصيات الخاصة بهذه المسألة في "الاستعراض الدوري الشامل UPR" في الأمم المتحدة. كذلك تحدّث عن أهمية العمل على الضمانات والبدائل في إطار مناهضة عقوبة الإعدام، كي تتماشى مع واقع المجتمع.

●الجلسة الثالثة تناولت واقع واستراتيجيّات المناصرة البرلمانيّة، أدارها الإعلامي رامز القاضي. 
تحدّثت فيها النائبة بولا يعقوبيان، حيث أعلنت عن موقفها الرافض لهذه العقوبة، وعن تقديرها للدور الإنساني والريادي لمؤسّسي مسيرة مناهضة الإعدام في لبنان د. صلَيبي ود. يونان. وأخبرت في سياق كلمتها، عن تأثرها أول مرة بموقف الرئيس سليم الحص الضميريّ المشرِّف، حين امتنع عن توقيع مرسومي إعدام بحقّ شابين في العام 2000. كما لفتت يعقوبيان إلى ضرورة إيلاء الاهتمام بآراء المطالبين بالإعدام، وما يكتبونه في وسائل التواصل الاجتماعي، كي تتمّ دراسة التوقيت للعمل على هذه القضية بدقّة. 
وكانت مداخلة أساسية للدكتورة أوغاريت يونان عن واقع المجلس النيابي إزاء قضية إلغاء عقوبة الإعدام، وهي التي أجرت الأبحاث واستطلاعات الرأي الأولى في لبنان مع النواب منذ العام 2000 وعلى مدى أكثر من مجلس نيابي. وقد أتت النتائج الإحصائية الخطية بأنّ حوالى 70% من النواب هم مع إلغاء الإعدام فورًا أو تدريجيًا. كما عرضت يونان لمشاريع واقتراحات القوانين التي جرى تقديمها في لبنان، يُضاف إليها أنّ "خطة العمل الوطني لحقوق الإنسان" التي أعدّها المجلس النيابي وأقرّها عام 2008 تضمّنت إلغاء عقوبة الإعدام.   

●الجلسة الرابعة تناولت إمكانات التأثير في السِلسِلة العقابيّة لأحكام الإعدام. أدارها د. عصام سباط.
القاضية ماري ليّوس، رئيسة لجنة تنفيذ العقوبات، تحدّثت بحماسة كبيرة لصالح قانون تخفيض العقوبات، وشرحت أهميته مع ضرورة تعديل البنود المفتقرة فيه للعدالة لاسيّما بما يخصّ المحكومين بالإعدام، وأوردت أمثلة حيويّة من الواقع، وأعربت عن استعدادها لشرح هذا القانون وتعميمه على المحامين والحقوقيّين، حيث تأسّفت كون العديد لا يعرفون عنه أو يطبّقونه بشكل غير سليم.
المحامي رفيق زخريا قدّم ثلاثة أمثلة من واقع تنفيذ أحكام الإعدام في لبنان، لإظهار البشاعة، والأخطاء القضائية وكذلك الإجرائية أثناء تنفيذ الإعدام. وعرض فيديو مؤثّر جدًا عن تنفيذ الإعدام في ساحة طبرجا عام 1998.
المحامي ريشار سيديّو قدّم أمثلة عن الواقع القانوني وإمكانات التأثير في السلسلة العقابية، من تجربته في فرنسا، وبالأخصّ في بلدان عديدة حيث شارك في الدفاع عن محكومين بالإعدام. كما أشار إلى ضرورة استفادة المحامين في لبنان من "المرصد الأوروبي" الذي يحمي المحامين المدافعين عن المحكومين بالإعدام. وختم بإعجابه بما لدى لبنان من خبرات ومثقفين وحضارة ونضال مدني، معربًا عن تعجّبه في الوقت عينه من الاستمرار في الحفاظ على عقوبة الإعدام!   

●الجلسة الخامسة والأخيرة تناولت قانون العقوبات، وأدارتها الحقوقية ريما ابراهيم. 
تحدّث فيها المحامي والدكتور في القانون عصام سباط، وقد اختار أن يبدأ كلمته بالاعتراف بأنّه كان من أشدّ المؤيدين لعقوبة الإعدام وبات من أشدّ المناهضين لها. عرض د. سباط مواد قانون العقوبات المدني والعسكري، وبينها غرائب في أحكام الإعدام، وقدّم بعض الأمثلة من تجربته في السجون، وكذلك اقتراحات وبدائل.  
الدكتور زياد عاشور، المحامي والناشط في مناهضة الإعدام، أكد على موقفه الجذري الرافض للإعدام، الذي كما قال، لا يجوز أن يخضع لأيّة اعتبارات أو ضمانات. ثمّ عرض لتجربة مرافعة نموذجية في قضية متّهم يواجه حكم الإعدام، تمّت بالشراكة بين محامين من جمعية عدل ورحمة مع نقابة المحامين في باريس ممثّلة بالنقيب شخصيًا.

●اختتمت الندوة بخلاصات شدّدت على أنّ الحقوق كلّها أولويّة، ولا مفاضلة بين حقّ وآخر، وما نستطيع أن ننجزه في أيّ وقت يكون لصالح الجميع. أمّا التوقيت لإلغاء عقوبة الإعدام، فسيكون من خلال خطة استراتيجية تدرس الواقع وتنشط على هذا الأساس. كما شدّدت على أولويّة نشر هذه المعرفة وهذا الوعي العلمي الدقيق حول موضوع الإعدام، كونها ثقافة مهمّشة وفيها الكثير من المغالطات. وقد عبّر الحضور عن استعدادهم لتفعيل مناهضة عقوبة الإعدام في لبنان.
 
 
Download Aljadeed Tv mobile application
حمّل تطبيقنا الجديد
كل الأخبار والبرامج في مكان واحد
شاهد برامجك المفضلة
تابع البث المباشر
الإلغاء في أي وقت
إحصل عليه من
Google play
تنزيل من
App Store
X
يستخدم هذا الموقع ملف الإرتباط (الكوكيز)
نتفهّم أن خصوصيتك على الإنترنت أمر بالغ الأهمية، وموافقتك على تمكيننا من جمع بعض المعلومات الشخصية عنك يتطلب ثقة كبيرة منك. نحن نطلب منك هذه الموافقة لأنها ستسمح للجديد بتقديم تجربة أفضل من خلال التصفح بموقعنا. للمزيد من المعلومات يمكنك الإطلاع على سياسة الخصوصية الخاصة بموقعنا للمزيد اضغط هنا
أوافق