كشف أرشيف الجيش
الإسرائيلي عددًا من الوثائق السرّية التي اشارت الى أسرار تتعلق باجتياح قوات الاحتلال الاسرائيلي للبناني عام 1982 واهدافه.
وبحسب صحيفة "الشرق الاوسط" فقد تبين بشكل مؤكد ورسمي أن هدف الحرب لم يكن الرد على محاولة اغتيال
السفير الإسرائيلي في بريطانيا شلومو أرغوف، ولا الرد على الصواريخ
الفلسطينية التي أطلقت على الكيان الاسرائيلي بل كانت هناك خطة معدة سلفا قبل هذين الحادثين بأسابيع عدة، تتضمن احتلال
لبنان حتى بيروت، وتصفية
المقاومة الفلسطينية المسلحة وتدمير
القوات السورية الموجودة على أرض لبنان، والتي كان قوامها 40 ألف جندي.
وجاء في وثيقة تتضمن الأوامر العسكرية، التي صدرت عشية العملية الحربية وبقيت طي الكتمان حتى يومنا هذا، أن "الجيش الإسرائيلي سيضرب المخرّبين ويهدم البنى التحتية الخاصة بهم من أجل منع إطلاق القذائف من الحدود الشمالية، ومن ثم التحالف مع القوات المسيحية وتدمير الجيش السوري في لبنان".
ولفتت الوثائق الى ان رئيس هيئة الأركان العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال رفائيل إيتان، ومعه قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي أمير دروري اشرفا على وضع الخطة، موضحة انه كان من المفترض أن يشن الجيش الاسرائيلي حربه في السابع من شهر آذار 1982، وقد صدرت فعلاً تعليمات بشن عملية "أورانيم الصغيرة" التي كانت تهدف للإعلان عن إيذان بدء العملية العسكرية
الإسرائيلية في لبنان، وذلك بمشاركة القوات التي عملت تحت مسؤولية قيادة المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي.
وورد في نصّ التعليمات العسكرية التي نشرت لأول مرة في هذه الوثائق: "نتيجة لإطلاق القذائف على بلداتنا أو العمليات العدائية ضدنا فإن من المحتمل أن يبادر الجيش الإسرائيلي للإعلان عن بدء عملياته العسكرية في غضون 24 ساعة".
وكانت التقديرات في تلك الأيام تشير إلى أنه إذا جرى تقييد تحرّكات قوات الجيش الإسرائيلي، فإن السوريين سيمتنعون عن الرّد لأنهم سيعتقدون أن الهجوم يستهدف القواعد العسكرية الخاصة بالفلسطينيين فقط.
وتضمّنت العمليات العسكرية الأولى القيام بعملية إنزال جوية من أجل السيطرة على مناطق في جنوب لبنان بين نهري الليطاني والزهراني، وكذلك المنطقة التي أطلق عليها اسم "فتح لاند" شرقًا. وفي المقابل، خطّط الجيش الإسرائيلي للتقدّم عبر قوات برّية لتطويق مدينة صور الساحلية، في عملية استباقية قبل الإعلان عن شنّ الحرب ضمن خطة "أورانيم". بيد أن هذه الخطة لم تنفذ، والسبب أن الحكومة أرادت سببًا مقنعًا أمام
العالم لهذه الحرب.
وفي شهر نيسان عام 1982 بادر سلاح الجو الإسرائيلي لقصف مواقع فلسطينية، بغرض جرّ
الفلسطينيين (المتمركزين في جنوب لبنان) إلى خرق الاتفاق بالهدنة، الذي كان قد وقّع بين الطرفين في تموز 1981، بوساطة المبعوث الأميركي فيليب حبيب. وردّ
الفلسطينيون فعلاً بقصف شمال الكيان الإسرائيلي بالكاتيوشا. وعندها أطلق الجيش خطة "أورانيم الكبيرة" التي كانت تهدف إلى احتلال لبنان كله حتى
العاصمة، والتحالف مع الفصائل المسيحية في منطقة بيروت وإبادة الجيش السوري في لبنان.
وبحسب الخطة بعد 96 ساعة من بدء العمليات العسكرية كان من المفروض إكمال احتلال بيروت والتأهب للسيطرة أيضا على طريق بيروت - دمشق.
واوضحت الوثائق أن قوات الإحتلال التي كان من المفروض إنزالها عبر الجو كان هدفها السيطرة على مناطق مختلفة في جنوب لبنان، من بينها منطقة القاسمية وقرية بيصور ومحيط نهر الأولي واحتلال مدينتي صيدا وصور.
الى ذلك جرى البحث في الكيان الاسرائيلي عن سبب لتسريع العمليات القتالية بما يسمح بالإعلان عن شن الحرب. وفي الثالث من حزيران جاءتهم الحجّة التي يتذّرعون بها على طبق من ذهب، إذ حاول مسلح فلسطيني من تنظيم متمرد على ياسر عرفات اغتيال شلومو أرغوف، سفير
إسرائيل لدى بريطانيا قرب أحد الفنادق الكبرى بوسط لندن.
عندها أعطيت الأوامر، وانطلقت الحرب التي شارك فيها 100 ألف جندي إسرائيلي و1100 دبابة، وهذه قوة تزيد بنسبة الضعفين عن القوات الإسرائيلية التي خاضت في "حرب تشرين الأول 1973".