لم ينه التفتيش التربوي والنيابة العامة المالية بعد تحقيقاتهما في الدعاوى المقدمة ضد مدير المعهد الفني التربوي الرسمي في طرابلس أشرف كسن في شأن "اختلاسات وتزوير تواقيع موظفين"، و"نقل قسري لمديري دروس وموظفين إلى معاهد أخرى من دون مبررات قانونية"، و"إبرام عقود سياسية وهمية مع أساتذة"، وارتفاع "هستيري" في أعداد الموظفين المتعاقدين وفق آلية "شراء الخدمات" (التعاقد مع عمال الخدمة اليومية في المعاهد والمدارس الفنية للعمل في الحراسة، التنظيفات، تصوير المستندات، الحدائق، أمانة السر، المحاسبة، إدخال معلومات، مكننة، صيانة...)، بحسب ما لفتت صحيفة "الاخبار".
وكانت المحاسبة في المعهد، آسيا السحمراني، تقدّمت في أيار من العام الماضي بشكوى إلى المديرية العامة للتعليم المهني والتفتيش التربوي والنيابة العامة المالية بسبب إقصائها عن الاطلاع على كل السجلات والحسابات والتوقيع على أية ورقة رسمية تخص المعهد عن السنة المالية للعام 2016. ولدى استفسارها عن الأمر، كانت تقابل، بحسب ما جاء في الشكوى، بالتأجيل مرة وبالمماطلة تارة أخرى "ما زرع الشك في نفسي من وجود نيات خبيثة وأعمال غير قانونية تجري خلف الكواليس، إلى أن تحققت من أن المدير أحال فعلياً معاملات إدارية عدة إلى المديرية العامة للتعليم المهني من دون اطلاعي عليها ومن دون أن تحمل توقيعي". السحمراني لفتت إلى إنّه "لدى إلحاحي على معرفة كيفية إحالة تلك المعاملات ذات الطابع المالي إلى المديرية خفية عني، اكتشفت أن مدير المعهد زوّر توقيعي على المستندات".
ولفتت إلى أن "عصابة استحكمت بالمعهد الفني التربوي وتجاهر بأنها مدعومة من الأجهزة الأمنية والسياسيين ولا أحد يستطيع المساس بها أو مساءلتها". علماً أن كسن عمل سابقاً في الحملة الانتخابية للرئيس نجيب ميقاتي، ويروّج في اوساط المعهد بأنّه سيعيّن سفيراً في الكويت بدعم من تيار المستقبل.
يذكر أن السحمراني نُقلت من المعهد بتاريخ 18/5/2018 من دون أن تطلب ذلك، فيما بقي السجل المالي للمعهد في حوزتها، ولم تسجّل عليه أي أوامر صرف!
الى ذلك فان بعض موظفي شراء الخدمات ممن صُرفوا نهاية العام الدراسي الماضي، أكّدوا للصحيفة أنهم اكتشفوا لدى مراجعة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بعد نحو سنة على صرفهم، أن أسماءهم لا تزال مدرجة على جدول الضمان، واشاروا الى أن إحدى المصروفات استحصلت، أخيراً، من المدير على إفادة عمل، رغم أنها لم تذهب إلى المعهد منذ ذلك التاريخ ولم تتقاض أي مستحقات، متسائلين عمّا إذا كان هناك "من يقبض رواتبنا نيابة عنّا؟".
وفيما لم يكن عدد عمال "شراء الخدمات" يتجاوز الخمسة لدى تسلم كسن الإدارة، أكّد مسؤول إداري في المعهد لـ"الأخبار" أن عدد هؤلاء وصل العام الماضي "إلى 57 وُظّفوا لأسباب انتخابية ولا عمل لهم، وأن 32 منهم فقط كانوا يوقعون على سجلات الدوام ومنتسبين إلى الضمان". وكشف أنّ سائق مستشار مسؤول سياسي كبير مسجّل في المعهد كموظف شراء خدمات ويتقاضى راتباً شهرياً ومنتسب إلى الضمان، "علماً أنّه لا يعرف الطريق إلى المعهد"
كما تظهر بعض المستندات اختلافاً بين التواقيع على العقود والتواقيع على سجلات الدوام والموازنة التي تتضمن صرف مبلغ 200 مليون ليرة عن الفصل الأول لموظفي شراء خدمات، عمل معظمهم مدة لا تتجاوز 8 أشهر.
كما اكد أحد عمال شراء الخدمات أنّ "بعض الموظفين لا يعرفون أن أسماءهم مدرجة على لوائح المعهد كموظفين، وهؤلاء لا يداومون ولا يقبضون، ما يعني أن هناك من يتقاضى رواتبهم نيابة عنهم. وهناك أيضاً موظفون يقبضون ولا يداومون، وهناك من يستفيدون من تقديمات الضمان الاجتماعي من دون أن يتقاضوا رواتب"، ولا يستبعد أن يكون هناك من يتقاضى رواتب هؤلاء أيضاً!