أضاف خوري في حديث مع الوكالة الوطنية: "أعلم أن هناك محاولة لوضع عنوان عام لتحسين أداء الحكومة، لكن التفاصيل ما زالت غائبة، وما زلنا نسمع مواقف متناقضة من هنا وهناك. وكما يقال، الشيطان يكمن في التفاصيل. فعلى سبيل المثال، الحديث عن خفض الخسائر من 23 مليار دولار إلى 15 مليارا يبدو ممكنا نظريا، ولكن الأرقام ليست دقيقة، وقد لا تكون واضحة حتى بعد صدور الخطة، لأن ما طُرح حتى الآن لا يتجاوز العناوين العريضة من دون أرقام رسمية".
أما عن وضع القطاع المصرفي ومدى قابليته للهيكلة اعتبر خوري أنه " ليس هناك خيار حقيقي آخر. لا يمكن إنشاء قطاع مصرفي جديد من الصفر، لأن ذلك سيكلف الدولة أعباء كبيرة ويتطلب وقتا طويلا. المنظومة المالية الحالية مترابطة مع السوق، وفي القطاع نحو 14 ألف موظف يعيلون آلاف الأسر، إضافة إلى العلاقات التاريخية الممتدة 70 أو 80 عاما بين المصارف المحلية والبنوك المراسلة، ولا يمكن التخلي عن هذه العلاقات بقرار سريع، ولكن القطاع لا يزال قابلاً للحياة بشرط أن تضع الدولة ومصرف لبنان الأطر القانونية والتنظيمية اللازمة، لأن التخلي عن أموال المودعين أو تركها لمصير مجهول ليس خيارا مقبولا".
وأشار خوري إلى ضرورة إعداد خطة اقتصادية شاملة قبل وضع الموازنة، بحيث تكون الموازنة جزءا من رؤية اقتصادية واضحة. أما في غياب هذه الخطة، فستكون الموازنة مجرد عملية حسابية لا تحقق أي أهداف تنموية
وإعادة هيكلة الإدارة العامة، وتحديد الوظائف الضرورية وغير الضرورية، ووضع توصيف دقيق للمهام، إضافة إلى تحديد إيرادات الدولة بوضوح".
وتابع: "يمكن استخدام التكنولوجيا الحديثة لربط الشركات وأرباحها واستيراداتها بنظام واحد، ما يجعل التهرب الضريبي أكثر صعوبة. ويمكن أيضا تخفيض الضرائب والرسوم بشكل ملموس إذا جرى اعتماد التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في إدارة البيانات والتحصيل، مما يسمح بإعداد موازنة تشاركية بدلا من الموازنات التقليدية التي تعتمد على رفع الضرائب".
إضافة إلى ذلك، تحدث خوري عن عاملين أساسيين يجب معالجتهما وهما:
أولا، مسألة الدولة والسلاح، وهي شرط أساسي لعودة لبنان إلى المنظومة المالية والدبلوماسية الدولية.
ثانيا، إجراء إصلاحات بنيوية حقيقية في مؤسسات الدولة والحوكمة، وليس الاكتفاء بالإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، بما يشمل إصلاح القضاء، وتحديث التشريعات، ووضع خطة واضحة للشراكة بين القطاعين العام والخاص لجذب الاستثمارات. ومن دون استقرار سياسي وأمني، لن تأتي أي استثمارات جدية".