حسين طليس
إنطلقت عند الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم مباريات المرحلة التاسعة عشر، الثامنة إياباً، من الدوري العام اللبناني ال56 لكرة القدم. وفيما تتجه الأنظار الى ملعب بلدية برج حمود الذي يشهد إنطلاق المباراة بين فريقي النجمة والعهد، فإن جمهور الفريقين استبق المباراة منذ مساء أمس ليطلق منافسته الخاصة، التي تجلى احتدامها على مواقع التواصل الإجتماعي وتخطت في تشعباتها الطابع الرياضي للحدث، لتطال الجانب الإجتماعي، السياسي، وحتى الديني.
ومن خلفية مشحونة بين الجمهورين، بسبب الأحداث المؤسفة من أعمال شغب وتوقيف لاعبين وإداريين بعد اللقاء الأخير بين الفريقين، على ملعب المرداشية في زغرتا، انطلقت حملات ساخرة على مواقع التواصل الإجتماعي يقابلها حملات مضادة تخللها إطلاق "هاشتاغات" مستوحاة من شعارات الفريقين. وفيما تمحورت سخرية جمهور النجمة بشكل أساسي من القلّة العددية لجمهور نادي العهد، رد جمهور العهد من خلال استعراض النتائج التي حققها الفريق خلال مواجهاته مع فريق النجمة تحديداً، فهذه المباراة رقم 37 بين الفريقين منذ العام 1996، حيث فاز العهد 14 مرة مقابل 12 مرة لفريق النجمة، فيما تعادل الفريقان في 10 مباريات.
لكن الامور لم تقف عند البعد الرياضي للمواجهة، فسرعان ما اتخذ الإنقسام طابعاً سياسياً، لكون فريق العهد محسوب على حزب الله، فيما يحظى جمهور النجمة بشعبية عابرة للإصطفافات الحزبية والطائفية في البلاد، وبالاخص بين الأوساط المؤيدة لحزب الله، ما أدى إلى إنقسامات داخل "البيئة الواحدة" واستقطابات وصلت إلى حد "فبركة" فتاوى دينية نسبت الى مراجع وعلماء تدعوا الى تشجيع فريق على حساب الآخر.
وبالإطلاع على عينة من التعليقات التي انتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي، ينتقد عباس مكان إقامة المباراة، ملعب برج حمود، الذي لا يتسع الا ل8000 شخص، أما السبب فيقول:"مش يعني إنو جمهور العهد كبير وما بساع لا انا عم بحكي عن 30 الف نجماوي وين بدك تحطهم، 20 واحد من جمهور العهد بضلهم يتدبروا حد إحتياط الفريق". بدوره علي يقدم معلومة عامة لمتابعيه:"هل تعلم إنو إذا جمهور العهد شاغب اليوم, قوى الأمن بحطوهن كلن بسجن إنفرادي واحد؟"، فيما تساءل رامي "مزبوطة خبرية آخر مباراة فاز فيها فريق العهد اشترى قنينة بيبسي ليتر ونص وزعها على كل الجمهور وبقي شوي منها لماتش الجاي؟". فيما يذهب أحد مشجعي النجمة بعيداً ليسأل: "صحيح أن دعاء الجوشن هو النشيد الرسمي لنادي العهد؟".
أما جمهور "العهد" الذي كان أقل "حدة" في هجومه الإفتراضي على فريق النجمة، تفاخر بالمحسوبية التي تطلق عليه لكونه "فريق المقاومة"، وطال بسخريته التمايز السياسي بين جمهور نادي النجمة وإدارته "الحريرية"، في حين تركزت السخرية على الجانب الرياضي الذي قدم أفضلية للعهد كونه متقدم في الترتيب الحالي، إضافة إلى تقدمه في مجموع المواجهات بين الفريقين. فيما أطلق أنصار نادي العهد هاشتاغ "#والله_لنطفيها" والمقصود "النجمة".
وفيما لم تتطور المواجهات الإفتراضية إلا في بعض الحالات التي ذهبت بعيداً في التوظيف السياسي للمباراة، عبّرنشطاء عدة عن سعادتهم بالجدل الرياضي السائد على مواقع التواصل الإجتماعي، والذي أعاد "الجو" إلى حقبة التسعينيات التي تمثل "الزمن الجميل" لكرة القدم اللبنانية، وأبعد معظم اللبنانيين ولو لفترة محدودة عن الملفات السياسية المحلية والدولية التي تتصدر الإهتمامات طيلة الفترة الماضية. في حين انتقد آخرون السياق الذي اخذت اليه الامور خاصة لناحية التوظيف السياسي حيث تساءل عباس:" ما حجم التفاهة والسخافة، التي قد يصل إليها إنسان، يربط بين جهود وتضحيات المقاومة وشبابها، بفريق كرة قدم ومباراة؟ بأي قاعٍ هو؟... من المعيب ان نقدّم هذا المستوى في فهم المعركة."
يذكر أنه قد عقد اجتماع تنسيقي بين رابطتي جمهور الناديين في مقر الاتحاد اللبناني لكرة القدم، وتخلل الاجتماع اتخاذ خطوات تنظيمية لمنع حصول احتكاكات. و يسعى نادي "النجمة" لفوز ثامن توالياً، فيما يأمل نادي "العهد" ابعاد خصمه "النجمة" عن صراع المقدمة مع نادي "الصفا" المتصدر.