حضرت قضية الفساد الجمركي بقوة أمس على طاولة اجتماع المجلس الاعلى للجمارك الذي وضع مجموعة اقتراحات لمعالجة مكامن الخلل رفعها الى وزير المال
علي حسن خليل.
وفي السياق علمت صحيفة "
السفير" ان شبكات التهريب الجمركية تتكامل مع شركات شبه وهمية للتحايل على "الضريبة على القيمة المضافة" (TVA)، مع الاشارة الى انه تم في السابق إحالة ملفات تتعلق بشركات وهمية الى
القضاء، لكن الاخير لم يتحرك.
فقد تبين لوزارة المال ان هناك عشرات الشركات تتلاعب على خطين: الاول، يتمثل في التهرب من دفع الرسوم الجمركية، والثاني، يكمن في استردادات غير مشروعة للضريبة على القيمة المضافة الامر الذي يُسبب خسائر للخزينة العامة بقيمة عشرات مليارات الليرات سنويا.
وتشير المعطيات المتوفرة لـ"السفير" الى ان الكثيرين من المخلِّصين الجمركيين يملكون او يديرون مثل هذه الشركات التي لديها سجلات تجارية نظرية، لكنها لا تعمل عملياً، وإنما تشكل مجرد غطاء لعمليات التلاعب.
وتوجه وزير المال
علي حسن خليل الى المخلصين المتورطين في التلاعب برسالة مباشرة، قائلا لهم: "أعرفكم واحدا واحدا.. وسيأتي الدور عليكم".
كما افادت المعلومات ان وزارة المال بصدد إعداد نظام ربط الكتروني مباشر، بين إدارة الجمارك ومديرية الواردات ومديرية الضريبة على القيمة المضافة، لضبط المخالفات، وتحديد الشركات الوهمية.
وفي هذا الاطار اكد خليل انه تم تفعيل الـ"سكانر" على المعابر الحدودية جميعها، حيث يتم اخضاع البضائع المستوردة لفحص دقيق، لافتاً الانتباه الى ان قضية المواد المشعة الموجودة في عدد من المواد التي أدخلت الى
لبنان، سواء في نهاية الثمانينيات أو في السنوات
الأخيرة، هي موضع متابعة وتنسيق مع المركز الوطني للبحوث العلمية، خصوصا أن تأثيراتها قد تستمر لعقود من الزمن.
وقال للصحيفة إنه يدرس بهدوء "فكرة ثورية" بعيدة المدى، تهدف الى إلغاء الجمارك، لتحل مكانها الضريبة على الاستهلاك مع استثناء يتعلق بحماية الصناعات الوطنية، موضحاً انه بصدد تحضير مجموعة من الاجراءات القصيرة والمتوسطة المدى، منها تنظيم دور المخلصين الجمركيين وإعادة النظر في الخطين
الاحمر والاخضر في مرفأ
بيروت وباقي المرافئ، بعدما تبين ان "كونتينرات" كثيرة يجري تمريرها على "الخط العسكري" الاخضر للحؤول دون الكشف التفصيلي على محتوياتها عبر "الاحمر".
وشدد وزير المال على ان جميع اللبنانيين يجب ان يكونوا معنيين بمعركة مواجهة مكامن الفساد، داعيا كل مواطن الى ان يعتبر نفسه شريكا في هذه المعركة وان يُطلع وزارة المال على اي معلومات او معطيات بحوزته، قد تفيد في ضبط المزيد من المخالفات في كل المجالات التي تغطيها الوزارة.
كما تردد
أن خليل يدرس إمكان اتخاذ قرار بوقف العمل كليا بالخط الاخضر لمدة محددة، بهدف تبيان حجم الفوارق في نتائج التدقيق.
ومن الاجراءات التي يحضرها وزير المال ربط كل المعابر الحدودية بغرفة تحكم رئيسية في إدارة الجمارك تتولى الكشف على البضائع ، ودراسة ربط عملية الاستيراد بالنظام العالمي لأمن الحاويات.
كما يسعى خليل الى استكمال برنامج المكننة للتقليل من الاستخدام الورقي والتشدد في الرقابة اللاحقة من خلال تفعيل عمل شعبة
مكافحة التهريب. اضافة الى خفض الكلفة الاجمالية لإخراج "الكونتينر" والتي تزيد بنحو 400
دولار عن الحد الطبيعي، المتعارف عليه عالميا.