عقد المطارنة الموارنة اجتماعهم الشهري في الكرسي البطريركي في الديمان، برئاسة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، ومشاركة الآباء العامين للرهبانيات المارونية، وتدارسوا شؤوناً كنسية ووطنية.
وفي ختام الإجتماع جدد الآباء استنكارهم الهجوم الإرهابي على بلدة القاع ، الذي أوقع فيها خمسة شهداء وعددا من الجرحى، وأظهر دقة الأوضاع وهشاشتها في المناطق الحدودية. وهم إذ يسألون الرحمة لنفوس الشهداء، والعزاء الإلهي لعائلاتهم، والشفاء العاجل للجرحى، ويشيدون بشجاعة الأهالي وصمودهم ووحدتهم في مواجهة الأخطار، ويثمنون ما يقوم به الجيش اللبناني والقوى الأمنية، يهيبون بالدولة اللبنانية أن تولي هذه البلدة والمنطقة عناية خاصة، وأن تتخذ كل التدابير اللازمة لحماية أمن الأهالي وصيانة حقوقهم، ومنع التعديات عليهم، أيا يكن نوعها ومصدرها.
كما أدانوا الأحداث الإرهابية وأعمال العنف التي تجري في البلدان العربية ولا سيما في سوريا، وخصوصاً في حلب، كما في العراق وفلسطين واليمن وغيرها، حيث يعيش الناس أقسى ظروف الحياة على كل الصعد، ابتداء من غياب الأمن، مرورا بنقص الخدمات الأساسية والفقر المدقع وانتهاء بالموت اليومي، سائلين الله أن ينير عقول المسؤولين كي يعملوا على وضع حد لهذه الحروب العبثية، وعلى نشر السلام في هذه المنطقة.
كذلك استنكر الآباء الأعمال الإرهابية التي حصلت مؤخرا في مدينة ميونخ الألمانية ومدينتي نيس وروان الفرنسيتين وأوقعت عشرات الضحايا، ولا سيما الأب جاك هامل الذي ذبح فيما كان يحتفل بالذبيحة الإلهية. وإذ يعربون عن تعازيهم الحارة للشعبين الألماني والفرنسي، يضمون أصواتهم إلى أصوات إخوانهم مطارنة فرنسا في التعبير عن رفض الإرهاب بكل أشكاله والعمل على مكافحته ومواجهته بالتعاضد والوحدة الوطنية. ويتعاطفون معهم في الدعوة إلى الصلاة إلى الله أب الرحمة، كي يبعد الخطر الداهم عن شعوبنا ويساعدنا على العودة إلى أصالة تقاليدنا وقيمنا المسيحية والإنسانية في الانفتاح على الجميع، واحترام الإنسان وحقه في الحياة والكرامة.
من جهة أخرى، هنأ الآباء الجيش اللبناني، قادة وضباطا ورتباء وأفرادا، في عيده السنوي الحادي والسبعين، ويحيون الجهود التي تبذلها المؤسسة العسكرية وسائر القوى الأمنية، في مكافحة الإرهاب، والعمل على ضبط الحدود وحفظ الأمن في كل ربوع الوطن، ويؤكدون على ضرورة تأمين كل الدعم لهذه المؤسسة على الصعد كافة. كما يحيون صمود اللبنانيين ووعيهم الوطني، وتمسكهم بسلطة الدولة كملاذ وحيد يقي لبنان من العابثين بأمنه واستقراره.
وأبدوا، أمام ما يهدد البلاد من مخاطر خارجية وداخلية، شعورهم بقلق شديد تجاه المراوحة السياسية، والتعثر الذي بات يشل المؤسسات الدستورية، وينذر بدخول الوطن في أزمة مفتوحة تهدد النظام السياسي والإقتصادي والإجتماعي بالسقوط المريع. ويزيد من هذا القلق انتشار الفساد الذي ينخر مفاصل المؤسسات الرسمية وبات يدخل شيئا فشيئا في ذهنية المواطنين، ترافقه أخبار الفضائح التي تنتشر بشكل يشوه صورة لبنان في الخارج، ويقوض ثقة اللبنانيين بدولتهم وخصوصا بسبب عجز الطبقة السياسية عن إيجاد أي حل.
وعن طاولة الحوار، تمنى الآباء النجاح لهيئة الحوار المنعقدة حاليا، ويؤكدون من جديد أن المخرج الحقيقي من هذه الأزمة، يبدأ بالإلتزام بالدستور، الذي هو الضامن الوحيد للإنتظام السياسي، والإقدام على انتخاب رئيس للجمهورية قادر على إعادة تكوين السلطة على أسس دستورية وميثاقية وأخلاقية متينة، بدءا بإقرار قانون جديد للإنتخاب يؤمن تمثيلا عادلا وصحيحا لكل الأطياف اللبنانية، وإجراء انتخابات نيابية نزيهة تحمل الى البرلمان وجوها تتميز بالأخلاق العالية، والكفاءة، وحب الوطن، والإستعداد للتضحية بالمصلحة الخاصة في سبيل الخير العام. تلي ذلك خطوات جريئة في الإصلاحين القضائي والإداري، تعتمد الكفاءة والأخلاق العالية، وقاعدة المشاركة المتوازنة بعيدا عن التدخلات السياسية في ممارسة هذين القطاعين.