وها قد نأينا بأنفسِنا مرةً جديدة وبكلِّ مكوِّناتِنا السياسيةِ وقولاً وفعلاً .. لا بل وأكدنا أننا دولةٌ عضوٌ في حركةِ عدمِ الانحيازِ المندثرة التي يعودُ رَيعُها الى جمال عبد الناصر وجوزف تيتو وجواهر لال نهرو وكلُّه وُضع في تصرّف سعد الحريري العائدِ عن استقالةٍ قسريةٍ غيرِ منفّذة
ووضعَ مجلسُ الوزراء بوليصة تأمينٍ للحريري في جلسةٍ سياسيةٍ تبنّى فيها طبعةً منقحةً ألزمت القُوى النأي عن أيِّ نزاعاتٍ وصراعاتٍ و حروبٍ و عن الشؤونِ الداخليةِ للدولِ العربية
لكنَّ كلَّ هذهِ البِدَع هي لزومُ استقالةٍ لم تكُن موجودة .. فدستوريًا الرئيس سعد الدين رفيق الحريري غادر بيروتَ الى الرياض رئيسًا للحكومة وعاد إلى لبنان رئيسًا لمجلسِ الوزراء وطالبَت به أوروبا وأمريكا رئيساً واستقبلَه مانويل ماكرون في الاليزية ليس بوصفِه زميلَ الدراسة بل لكونِه رئيسَ حكومةِ لبنانَ الشرعيَّ الذي فُرضت عليه الاستقالةُ في زمنٍ صعبٍ ولما سُحِب بعمليةِ إنقاذٍ مِن السُّعوديةِ ظلَّ رئيسًا كاملَ المواصفاتِ مُضافةً إليهِ شعبيةٌ لا توفّرُها أيُّ حملةٍ انتخابية فكلامُ العودةِ عن الاستقالةِ لا تتوافرُ فيه الشروط ولم يحظَ بأيِّ اعترافٍ من الدولِ الغربيةِ والعربيةِ ما عدا الرفضَ اللبنانيَّ لها رئاسة ً وشعباً .. ولم يُدوّنْ سِجلُ الاعترافاتِ بالاستقالةِ سِوى الغرفةِ التي أذاع منها البيانَ المكتوبَ وقناةِ العربيةِ فقط لا غير .. والعودُة مخرِجُها منها وفيها ولم تكن بالتريّث ولا بأرانبَ مِن " كُمِّ السياسيين " .
وبعودتِه سالماً معافىً رَأَسَ الحريري اجتماعَ كُتلتِه النيابية على أن يُطلقَ العجَلةَ السياسيةَ خارجَ لبنان يومَ الجُمُعةِ ومن باريس الأرضِ التي شهِدت أولى أنفاسِه الحرة. وبذلك انتهى شهرُ القلق كما سمّاهُ رئيسُ حزبِ الكتائب سامي الجميل الذي توجّه الى السلطةِ بالقول : حرام ما سببتموه للبنانين مِن توتّر وكأنّ مَن كان يتدخّلُ في شؤون ِالدولِ هو الحكومةُ والجيش
لكنَّ الجميل لم ينأَ بنفسِه عن استنسابيةِ القضاء وقالَ إنّ كتابَ الإحالةِ مِن السلطةِ السياسيةِ بسببِ تصريحِه في بكركي هو على صورةِ هذهِ السلطة ويَجبُ حذفُ اسمِ سمير حمود منه ووضعُ عدنان عضوم مكانَه لأنّ لدينا حنينًا إليه .
وكَشف الجميل عن تزويرٍ وتحويرٍ في الكتاب إذ جرى حذفُ مَقطعٍ مِن التصريح يتناولُ فيهِ صفَقاتِ الكهرَباء
وبذلك يكونُ رئيسُ حزبِ الكتائب هو الصفحةَ الأولى التي على رئيسِ الحكومة أن يبدأَ بها من دونِ أن يطويَها .. فالرئيسُ الذي كان على متنِ سفينةٍ تغرقُ مكلّفُ اليوم معالجة َمِلفِّ سفينتنِ اثنتين معَ كتابِ الاحالةِ وردِّه الى محيلِه والتشديدِ على حريةِ التعبيرِ السياسيّ لأنه أولُ مَن ذاقَ مرارةَ الإطباقِ على الأنفاس .
وبمرارة ابعد مدى وتتجاوز السفن والبحار وملح الارض .. يترقب العالم قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب حيال نقل السفارة الاميركية والاعتراف بالقدس عاصمة اسرائيل وقد اعلنت الرئاسة الفِلَسطينيةُ أنَّ ترامب أبلغَ الرئيسَ الفِلَسطينيّ محمود عباس عزمَه على نقلِ السِّفارةِ مِن تل أبيب إلى القدسلافتةً إلى أنّ "عباس حذّر ترامب في اتصالٍ هاتفيٍّ مِن عواقبِ هذه الخطوة مؤكداً أنّ لا دولةَ فِلَسطينيةً مِن دونِ القدسِ الشرقيةِ عاصمةً لها، وَفقاً لقراراتِ الشرعيةِ الدولية" وحتى الساعة لا يزال ترامب متريثا على وقع اصوات عربية ارتفعت رفضا للقرارات السالبة ما يثبت ان العرب مازالوا يتمعون بقوة ضغط لم يستعملونها في السابق لا مع تهويد الاراضي الفلسطينينة ولا نشر المستوطنات وهدم البيوت ولا مع تطبيق القرارات الشرعية والعرب .. إرادة , فإذا شَهروها في وجهِ المُعتدي الأميركي والاسرائيلي من شأنِهم أن يغيّروا الدنيا .. لكنْ وطالما بقُوا على سياسةِ بيعِ مواقفِهم وشراءِ أبو ديس بديلاُ من القدس فإنّ ترامب وما يعادلُه مِن غُزاةٍ سوف يسحبونَ أموالَهم وأرضَهم