خمسة مفاهيم كرويّة خاطئة حان وقت تصحيحها
كتبت ريتا الصيّاح
كما في الحياة، كذلك في كرة القدم هناك العديد من الأخبار أو المعتقدات السّائدة، والمنتشرة بشكل واسع، والتّي يصدّقها الكثيرون، وفي الحقيقة هي من نسج الخيال، ولا تمتّ للواقع أو الوقائع بأيّ صلة، وسنعرض لكم خمسة من تلك "الأساطير" التّي يردّدها الكثيرون عن كرة القدم وهي خاطئة:
الهند لم تشارك بكأس العالم ١٩٥٠ بسبب منع اللّاعبين من اللّعب حافي الأقدام
بعد فشل المنافسين الآسيوين بالتّأهّل لخوض نهائيات بطولة كأس العالم ١٩٥٠ والتّي أُقيمت في البرازيل، قام الاتحاد الدّولي لكرة القدم بدعوة الهند للمشاركة، فرفضت الدعوة، وانتشر معتقد أنّ الرّفض أتى بعد قرار الاتحاد الدّولي فرض ارتداء الأحذية، إذ كان من السّائد حينها خوض اللّاعبين للمباريات حافي الأقدام كما فعل لاعبو المنتخب الهندي في الألعاب الأولمبيّة ١٩٤٨.
إلّا أنّ رفض الهند المشاركة بالبطولة لا علاقة له بهذا القرار، بل كان بسبب التّكلفة الباهظة لارسال الفريق إلى البرازيل، كما أنّ الهنود كانوا يعتقدون أنّ البطولة الأولمبيّة أهمّ وأكثر قيمة من كأس العالم.
أهالي نابولي شجّعوا المنتخب الأرجنتيني ضدّ المنتخب الإيطالي إكراما لمارادونا
"في الأدب، هناك روميو وجولييت، وفي كرة القدم هناك مارادونا ونابولي". ربّما هذا هو الوصف الأمثل لعشق مشجعي النّادي الجنوبي للأسطورة التّي صنعت مجد ناديهم ومدينتهم، وقصّة العشق هذه اوصلت البعض للقول أنّ "أهالي نابولي شجعوا الأرجنتين ضدّ ايطاليا اكرامًا لمارادونا".
في بطولة كأس العالم ١٩٩٠ في ايطاليا، تواجه منتخبا الأرجنتين بقيادة مارادونا، وإيطاليا صاحبة الأرض في نصف النّهائي، المباراة لُعبت على ملعب سان باولو في مدينة نابولي.
قبل المباراة حاول مارادونا اللّعب على عواطف أهالي نابولي وحتّى حاول تحريضهم بشكل عنصري قائلًا أنّ في ايطاليا صراع بين الشّمال والجنوب وأنّ إيطاليا لم تهتمّ يومًا بنابولي وأهلها، وطلب منهم تشجيعه والأرجنتين ضدّ منتخب بلادهم.
لكن ردّ النابوليّين كان برفض طلب مارادونا فرفعوا لافتة كتبوا عليها "مارادونا نحبّك، لكن إيطاليا وطننا"، وردّدوا "مارادونا في قلوبنا وإيطاليا في أغانينا" .. أهالي نابولي احترموا الأرجنتين وصفّقوا للنّشيد ولمارادونا لكنّهم لم يخونوا بلادهم من أجله.
الحكم رفع البطاقة الحمراء، لأنّ من ارتكب الخطأ كان آخر المدافعين
في كلّ مرّة يطرد فيها حكمٌ لاعبًا بالبطاقة الحمراء، سيدور نقاش حول مدى صحّة هذا القرار، التّبرير الأسهل يأتينا حين تكون اللّقطة بين لاعب في هجمة مرتدّة وآخر مدافعي الخصم، لنسمع تعليقا من متابعين مخضرمين للّعبة وحتّى من معلّقين يقول "مرتكب الخطأ كان المدافع الأخير فإذًا سينال البطاقة الحمراء".
في حقيقة الأمر، لا علاقة بين "آخر مدافع" والبطاقة الحمراء، ولا ذكر لهذا الأمر بهذه الطريقة في قوانين اللّعبة، فالبطاقة الحمراء تُمنح بسبب قساوة الخطأ المُرتكَب وطبيعته ولأنّه منع هدفا محقّقا، ولكن ولأنّ في أغلب الهجمات خاصّة المرتدّة والسّريعة منها، يجد آخر لاعبي الدّفاع نفسه وجها لوجه مع المهاجم ويضطر لاتخاذ ردّة فعل سريعة لحماية مرمى فريقه من هدف أكيد فيرتكب خطأ يستوجب الطّرد، فالطّرد أتى إذًا للمدافع الأخير الذّي منع هدفًا بطريقة غير قانونيّة وليس "لأنّه المدافع الأخير".
لقد عوّض النّادي سعر لاعبه الجديد الخيالي من بيع قمصانه فقط
كم مرّة سمعنا أنّ ناديا ما عوّض المبلغ الخيالي الذّي دفعه من أجل شراء لاعبه الجديد من بيع قمصانه بعد فترة وجيزة من انتدابه؟.
لقد انتشر ذلك الاعتقاد بعد انتقال بول بوغبا إلى مانشستر يونايتد، وقيل الكلام نفسه عن زلاتان ابراهيموفيتش وكريستيانو رونالدو ونيمار وغيرهم.
ربّما كانت تلك المقولة طريقة الجماهير لاظهار قيمة لاعب فريقهم الجديد وأنّه مكسب منذ اللّحظة الأولى لقدومه، ولكنّها غير صحيحة بأيّ شكلٍ من الأشكال، فأوّلًا النّادي لا يحصل سوى على نسبة تتراوح بين ١٠ و١٥ بالمئة من قيمة بيع القمصان، فالمبلغ الأكبر يذهب للشّركة المصنّعة.
أضف أنّه خلال العام ٢٠١٦ قام نادي مانشستر يونايتد ببيع ٢،٨٥ مليون قميص بالمجمل، ولو حصل النّادي على المبلغ كاملا (وليس نسبة ١٠ أو ١٥% منه) لما كان كافيا لتعويض سعر بوغبا البالغ ١٩٠ مليون جنيه استرليني.
بيليه حقّق أهدافًا كثيرة لأنّه كان يلعب بلا قانون التّسلّل
هي أسوأ خرافة منتشرة بين النّاس، ناتجة عن جهل بقوانين كرة القدم، وتغذّت على تعصّب بعض عشّاق اللّاعب الواحد. فعند الكلام عن بيليه وعظمته وحسّه التّهديفي يُقال أنّه حقّق ما حقّقه بسبب سهولة اللّعب من دون قانون تسلّل وأنّه لو كان في أيّام مارادونا أو ميسي ورونالدو لما حقّق نصف تلك الأرقام.
قائلو هذه العبارة إنّما يرتكبون "جريمة" بحقّ كرة القدم، فأوّل ظهور لقانون التّسلّل في يعود للعام ١٨٦٣!!! واعتُمد كقانون واضح ابتداءً من العام ١٩٢٥.
القانون شهد تعديلات كثيرة حتّى اتخذ شكله الحالي والذّي يمكن اختصاره أنّ كلّ لاعب يُعتبر متسلّلًا إن كان مشتركًا في تسجيل الهدف ولم يكن بينه وبين المرمى لاعبين (أحدهما حارس المرمى) من الفريق الخصم مع أفضليّة للمهاجم في حال تواجده ولاعب الفريق الخصم على "نفس الخطّ".
لعب بيليه كرة القدم بين عامي ١٩٥٧ و١٩٧٧، ممّا يعني أنّ قانون التّسلّل كان مطبّقًا في تلك الفترة، وكان أصعب على المهاجمين ممّا هو الآن، إذ أنّ في كلّ مرّة سجل فيها الأسطورة البرازيليّة هدفًا من موقع كان فيه متساويًا مع آخر مدافع كان يتمّ الغاء هدفه، لا بل أيضًا لو هو سجّل وكان أحد زملائه في موقع تسلّل، ولو لم يكن مشتركًا في تسجيل الهدف، لاعتبر هدف بيليه تسلّلًا وأُلغيَ.