أنا الأمُّ الحزينة.. وما مَنْ يُعزِّيها// هكذا انتهى مِشوارُ فيروز مع زياد// بين يَدَيِ الله جَلَسَت وحيدةً/ قُرب البِكرِ المُسَجَّى// بالقَلبِ حفَّت النعش/ كما حفته على "جَرين السرير"/ "يا ابني.. ومن يوم هالغيبة.. الله يسامحك"/ قالتها فيروز بأعلى صمتِها/ وعلى طريقتها في تِلاوةِ الصلاة/ تمتَمَت/ تنهَّدت/ نَظرت "لفوق.. لمطرح اللي بيوقف الزمان" لتستعيرَ من السماء جَبْراً لقلبِها المَكسور// طال الكلامُ بينها وبين زياد بِلا كلام/ وعند انتهاءِ خِلوتِها/ انزَوَت على حزنِها في قاعةٍ غَصَّت بالمُعَزِّين لكنها كانت وحيدةً في حضرة الغياب// على المشهد أطلَّ طلال حيدر/ خرجَ من الزمنِ الرحبانيِّ الجميل لتكتمِلَ ثُنائيةُ الكلمةِ والصوتِ فوق الَّلحنِ المُسَجَّى// حاملاً على أكتافِه تعَبَ السنين وخيانةَ العمر/ دقَّ مهابيجَ البُكاء/ وما بين الحمدِ والفاتحةِ خبَّأ حُزنَه/ بحُرقَةٍ رَبَّتَ على النعش وقال: "افتَحوا التابوت.. زياد لا يحبُّ الأماكنَ المغلَقة"/ "دقَّ على الخشب كمَنْ يكتبُ قصيدة "يا زياد قوم عربش على خيالك"/ قبل أن يلوِّحَ له مودِّعاً "ويلا أنا لاحقك"// أَبلغُ حزنٍ في العالم هو الصَّمْت