كشفت أعمال التنقيب المتواصلة للسنة الـ17 على التوالي في موقع حفرية الفرير الأثرية في صيدا القديمة، والتي تقوم بها بعثة المتحف
البريطاني بالتعاون مع
المديرية العامة للآثار في
لبنان، النقاب عن المزيد من المكتشفات المهمة التي تظهر التسلسل التاريخي لمدينة صيدون القديمة وأهمية مرفأ صيدا القديم على البحر
الأبيض المتوسط، حيث تركّز البحث هذا العام في الجهة الجنوبية لحفرية الفرير نظراً للأعمال الجارية لإنشاء المتحف وكذلك في موقع الصندقلي القريب من الحفرية.
وتمّ اكتشاف سور صيدا القديم والذي يعود للقرون الوسطى وأجزاء كبيرة من الدفاعات القروسطية للمدينة وبرجين يبعد الواحد عن الآخر مسافة 55 مترا ومقبرتين لمحاربين صليبيين وهياكل عظمية لحيوانات (خنزير - حصان) إضافة إلى نقود نحاسية إسلامية تعود للعهد الأموي.
كما تمّ اكتشاف إناء صيدوني نادر يماثل الإناء المعروض في متحف متروبوليتان في نيويورك ومجموعة كؤوس من ضمن المجموعة المستوردة من
جزيرة إيفيا إلى صيدا، ما يظهر أهمية المدينة في تاريخ البحر الأبيض المتوسط عبر حركة الاستيراد الكبيرة التي كانت تتمّ آنذاك.
وفي حديث إلى
الوكالة الوطنية للإعلام، قالت رئيسة بعثة المتحف البريطاني الدكتورة كلود سرحال: "عملنا هذه السنة في المنطقة الجنوبية في حفرية الفرير وفي موقع الصندقلي القريب من الحفرية، وما وجدناه في المنطقة الجنوبية كلّ الدفاعات في القرون الوسطى لمدينة صيدا، وجدنا سور صيدا القديمة، برجا يفترق عن الثاني 55 متراً وبرجاً آخر والخندق الدفاعي ومنطقة مدينة صيدا القديمة".
وأضافت: "وجدنا أيضاً هياكل عظمية لحيوانات (حصان وخنزير) ووجدنا مقبرتين للصليبيين ماتوا في حرب وكلّهم ذكور ومدفونين في الخندق. وأهمية المكتشفات أنّه كل سنة يكتمل معنا تاريخ صيدا القديم القرون الوسطى وجدنا عملة أموية، وسور صيدا القديمة
اليوم تبيّن معنا وعندما يزورون المتحف يرون الدفاعات التي تعود للقرون الوسطى".
وأشارت إلى أنّ "صيدا من أهم المرافىء وأهم موقع في الشرق لجهة المبادلات التي كانت تتمّ في البحر المتوسط، لذلك وجدنا مجموعة كؤوس للشرب من جزيرة إيفيا في بحر إيجه وهذا يدل على التبادل. وجدنا أيضا هذا الإناء المماثل للإناء المعروض في متحف متروبوليتان في نيويورك ولا يوجد له بديل إلا في صيدا، هذا الإناء كان معروفاً بإناء "سسنولا" في متحف ميتروبوليتان للفنون"، موضحةً أنّ "سسنولا كان رجلاً ديبلوماسياً أميركياً عاش في قبرص في أوائل القرن التاسع عشر واشترى في قبرص وعمل مجموعة خاصة وأعطاها لمتحف الميتروبوليتان للفنون ومن ضمن هذه المجموعة هذه القطعة القادمة من جزيرة إيفيا ولا بديل لها في كل البحر المتوسط إلا في صيدا وهذه أهمية هذا الإناء المكتشف ما يدل أهمية مرفأ صيدا أنّه في كلّ البحر المتوسط لا يوجد بديل له وتمّ إيجاد إناء من القرن التاسع عشر في قبرص والثاني في صيدا".