استراتيجية النظام السوري: "مصالحات" أم "تهجير قسري"؟!
هند الملاح
صرّح وزير الخارجية السوري أن مباحثات جنيف لا تحقق تقدما، مشيرا بشكل لافت إلى أن الحل الوحيد هو في المصالحات.
ماذا تعني المصالحة بالنسبة للنظام السوري؟!
"منذ بداية الحرب اعتمد النظام السوري بشكل كبير على المصالحات، واعتبرها امرا اساسيا وعمل عليها بشكل جدّي"، بحسب ما يقول الصحافي ابراهيم بيرم في اتصال مع موقع "الجديد". ويضيف أن النظام "اقدم على المصالحات في كل مكان قابل لتنفيذها، متجاوزا تجاوزات المسلحين، وقسم كبير مِن مَن اقدم على تسوية وضعه، اعاده النظام الى الجيش. كما انشأ وزارة مصالحة ووضع علي حيدر وزيرا عليها، للدلالة على اهمية هذه الخطوة".
ويتابع بيرم "النظام لا يترك فرصة للمصالحة إلا ويباشر فيها، وهو يبادر في التواصل مع المجموعات المسلحة، ووجهاء القرى والبلدات الخارجة عن سلطته، لاجراء مصالحة. ونجح في ذلك في عشرات القرى المحيطة بدمشق، ما خفف كثيرا من الثقل على جيشه واعاد الاستقرار الى محيط العاصمة".
لطالما شكك النظام السوري في مراحل سابقة بالطرف الآخر، ورفض وصفه كمعارضة وطنية. ما الذي غير موقف النظام وجعله يفاوض من لا يعترف به؟!
من الممكن ان تكون استعادة الجيش السوري لمكانته، قد جعلته يعيد التفكير بالحل العسكري، بحسب بيرم. "القيادة السورية تنطلق من موقع قوة الآن، بعد ان حسن الجيش السوري مواقعه مسيطرا على مساحات جديدة. كما ان النظام ابقى علاقاته مع الجميع من المعارضين، وبقي يحاول بناء علاقات مع قنوات اتصال، إما من فوق الطاولة او من تحتها".
ويختم بيرم مشيرا الى ان "هذا المسلك ايجابي واثبت رغبة النظام في التعاون".
يعرّف معجم المعاني الجامع المصالحة بأنها "عملية جعل طرفين في نزاع يقبلان حلا يرضي كليهما، ويكون الوسيط بينهما طرفا ثالثا، ليس طرفا في النزاع . ويكون الاتفاق عن محض الإرادة، إذ أن عملية المصالحة بخلاف التحكيم لا تلزم المتنازعين على قبول الحل المقترح".
هذا الامر لا ينطبق مع المصالحات التي تتم في سوريا، بحسب الصحافي السوري منهل باريش، الذي يشير في اتصال مع موقع "الجديد” الى ان المصالحات التي تتم في سوريا فاقدة لمعناها لأنها لا تتم بناء على رضى الطرفين ووصفها بالتهجير القسري. ويضيف أن المصالحات التي تمت في سوريا كانت عبر "خروج المقاتلين واهاليهم وقسم من الناس من المدن المحاصرة، أي الاستسلام بشكل او بآخر ، واخلاء السكان رغما عن ارادتهم".
ويشير باريش الى ان "كل المصالحات التي تمت حصلت بعد حصار وتجويع واغلاق منافذ المناطق بشكل كامل، واعتقال كل من يحاول الخروج من مدنيين واطفال وغيرهم".
قصص المصالحة بدأت مع جنوب دمشق وانتقلت الى باقي المناطق، بحسب ما يضيف باريش، "معضمية الشام التي تسري فيها المصالحات منذ فترة، اضافة الى قدسيا وجميع المناطق في طوق دمشق، التي أجرت المصالحات بعد حصار طويل ومنهك".
الاهالي الذين خرجوا من مناطقهم، يقول باريش "هربوا من الجوع، لم يعد بامكانهم تأمين الطعام في هذه المناطق، هم قبلوا بالمصالحة بعد ان لجأوا الى القمامة ليأكلوا منها والى طهي الحيوانات واوراق الشجر".
المعارضة بشكل رسمي لم توافق على اي اتفاق من الاتفاقيات التي تمت، ويختم باريش "الموافقة تمت من قبل الفصائل المحلية في هذه المناطق".