أكد الرئيس ميشال سليمان أن مستقبل لبنان جيد وأن لبنان سيكون محط إهتمام دولي نظرا للظروف التي مر بها، فعلى الرغم من وجود مليوني لاجئ سوري وفلسطيني لم يحدث أي حادثة طائفية في لبنان وهذا اللبنان يثبت أنه بلد رسالة كما وصفه قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، مشددا على ضرورة تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية وسياسة المحاور واعتماد سياسة خارجية مستقلة كما جاء في خطاب القسم.
واعتبر أن نظامنا اللبناني جيد لكنه بحاجة إلى رقي أكثر في التطبيق والممارسة وعلينا البدء بإقرار قانون إنتخابي عصري وبإقرار اللامركزية الإدارية وإقرار الموازنات وتأمين إستقلال السلطة القضائية وتشكيل هيئة لإلغاء الطائفية السياسية التي لا تلغي المناصفة، فالمقصود ليس إلغاء الطوائف أنما إلغاء الطائفيين ومن ينادي بالدوائر الصغرى وبالقانون الأورثوذكسي يكرس بذلك الطائفية، بل العكس يجب أن يكون النائب منتخبا من شرائح كبيرة من الشعب اللبناني، هذا أمر مهم يجب ألا نتخوف منه وعلينا إنشاء مجلس الشيوخ اللبناني للوصول تدريجيا إلى العلمانية المؤمنة التي يجب أن تتحقق في لبنان وربما تأتي في خطوة لاحقة بعد عشر سنوات أو أكثر لتطبيقها على صعيد الرئاسات لمواكبة التطور العلمي في العالم.
كلام سليمان جاء خلال اختتام واعلان توصيات ورشة العمل الدستورية التي نظمها لقاء الجمهورية على مدى يومين في فندق ميتروبوليتان - سن الفيل تحت عنوان تحصين وثيقة الوفاق الوطني ومناقشة الثغرات الدستورية، في حضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلا بالوزير ميشال فرعون، رئيس الحكومة تمام سلام ممثلا بنائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل، الوزير السابق نقولا نحاس ممثلا الرئيس نجيب ميقاتي، نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، نائب رئيس مجلس الوزراء السابق اللواء عصام أبو جمرة، نائب رئيس مجلس النواب السابق ميشال معلولي. الوزراء: أشرف ريفي، عبدالمطلب حناوي، أليس شبطيني ورمزي جريج، النواب: مروان حمادة، محمد قباني، رياض رحال، وليد خوري، نعمة طعمة، غازي العريضي وأمين وهبي.
وعرض سليمان للتوصيات الصادرة عن ورشة العمل وجاء فيها:
اولا: الوضع العام:
1 - إضطراب الوضع في العالم: من الحرب الباردة إلى حرب عالمية ثالثة مسرحها سوريا والعراق واليمن وتعثر الحلول السياسية.
2 - بدء ظهور التحولات في أوروبا وأميركا بالإضافة الى منطقة الشرق الاوسط نتيجة الثورة الصناعية الرابعة أو الثورة الرقمية.
ثانيا: الوضع في لبنان:
1 - انعكاسات الوضعين العام والاقليمي والعولمة على لبنان جاءت محدودة نظرا لتاريخه وتركيبته ونظامه.
2 - اجتياز لبنان اعتبارا من عام 2005 حتى الآن الاختبار الأصعب في تاريخه المعاصر حيث سجلت نقاط قوة يمكن التأسيس عليها لتمتين وتدعيم الكيان الوطني وأبرزها:
1 - تأكيد نهائية الوطن لكافة أبنائه والاقتناع انه ليس خطأ تاريخيا.
2 - لبنان عربي الهوية والانتماء أكثر من العرب أنفسهم.
ج - تمسك الشعب اللبناني بالعقد الاجتماعي المبني على الشراكة دون الحاجة إلى الوصاية الخارجية، وعدم تسجيل أي حادثة ذات طابع طائفي رغم اللجوء الضخم.
د - نجاح المؤسسات العسكرية بالتصدي لمختلف المخاطر والأعداء.
ه- مناعة النظام المالي اللبناني المرتكز على النظام المصرفي ومصرف لبنان والانتشار اللبناني وبخاصة في دول الخليج.
3 - مقابل نقاط القوة ظهرت جليا مكامن الضعف المتمثلة بالفشل على مستوى الإدارة السياسية، وعدم القدرة على تكوين السلطات الدستورية وتحقيق تداول السلطة بدل الشغور على مستويات عديدة وعدم تنفيذ مواد هامة من إتفاق الطائف والدستور.
ثالثا - مؤتمر لقاء الجمهورية:
1 - حدد لقاء الجمهورية في أهدافه لدى تأسيسه منذ عام واحد بما يلي:تعزيز أسس الجمهورية عن طريق تحصين وثيقة الوفاق الوطني وإستكمال تطبيق الدستور.
2 - إن مرونة الدستور اللبناني هي فضفاضة حتى حدود الإبهام من جهة، والقيود التي فرضت على صلاحيات رئيس الجمهورية من جهة أخرى، أدت الى تعثر دوران عجلة الدولة كما جعلت من هذا الأخير قوة رافضة أو تعطيلية أكثر منها قوة حسم.
3 - من أجل ذلك وبغية إطالة عمر وثيقة الوفاق الوطني والدستور المنبثق عنها عقدنا طيلة نهار أمس 03/12/2016 ورشة عمل شارك فيها مسؤولون مارسوا السلطة وقانونيون ودستوريون حيث ناقشنا خلالها الثغرات الدستورية التي يسرني اليوم أن أعلن توصياتها.
4 - هذه المناقشات بنيت على عمل لجنة خاصة شكلت من أعضاء اللقاء التي استندت إلى:
1 - إقتراحات وضعتها خلال ولايتي الرئاسية لجنة متخصصة برعايتي وبرئاسة النائب مخايل الضاهر (أتمنى له الصحة).
2 - المبادىء الثمانية التي أعلنتها في خطاب نهاية الولاية.
3 - الممارسة الواقعية والثغرات التي ظهرت خلال فترة الشغور الرئاسي.
5- تجدر الإشارة أن بعض صائغي الطائف يصرون أن صلاحيات الرئيس هي كاملة وغير منقوصة فيما يعتبر آخرون إن الرئيس هو مجرد سلطة بروتوكولية لذلك تمت المناقشة في روحيه توزع المسؤوليات وليس تنازع الصلاحيات وقبل الإعلان عن التوصيات يهمني ان أوجز الصلاحيات التي يتمتع بها الرئيس من خلال تجربتي ووجهة نظري وفقا لما يلي:
1 - صلاحيات منصوص عنها صراحة في الدستور:
الإستشارات - مرسوم التسمية والتشكيل -الإطلاع على جدول الأعمال وعرض أمر طارىء من خارجه - تأجيل انعقاد المجلس النيابي لمدة شهر - توجيه رسالة - حل المجلس (56-77) الطعن - إعادة النظر بالقرارات - إصدار ونشر القوانين وردها - إحالة المشاريع إلى المجلس النيابي - إعادة النظر بالدستور - إصدار الموازنة بعد نهاية كانون الثاني - توقيع نفقات ونقل إعتمادات.
القاضي الأول: قسم الهيئات القضائية والرقابية والتأديبية أمامه - التشكيلات القضائية - توقيع الإعدام ومنح العفو الخاص.
2 - الصلاحيات الناتجة عن ممارسة المهام المناطة به:
- العلاقات الخارجية التفاوض التمثيل الدبلوماسي ( إنتداب وقبول إعتماد السفراء) إستدعاء السفراء وتوجيه رسائل إلى الدول - العلاقة مع المنظمات الدولية.
- القائد الأعلى للقوى المسلحة ( ترقيات - تشكيلات)، رئاسة المجلس الأعلى للدفاع.
- ترؤس مجلس الوزراء (جدول الاعمال).
- رئاسة هيئة الغاء الطائفية السياسية (لم تمارس).
3 - الصلاحيات المتمثلة بدور الرئيسومواقفه المستمدة من كونه رئيس
الدولة ورمز وحدة الوطن يقسم بالسهرعلى إحترام الدستور والقوانين
والإستقلال والسيادة وسلامة الآراضي:
- الخطابات في المناسبات الكبرى والنشاطات وأمام الدبلوماسيين وفي المؤتمرات.
- رعاية الحوار.
- رعاية وإطلاق الخطط والمشاريع الإنمائية والإجتماعية والثقافية.
رابعا: التوصيات الصادرة عن المؤتمر:
لا بد من الإشارة قبل عرض التوصيات إن مقدمة الدستور تمثل روح الدستور بصورة عامة التي يجب أن تكون ماثلة دائما في ذهن المتعاطين في الشأن العام ولا يمكن أن تحصر بمواد دستورية مثل الجمهورية ديموقراطية برلمانية، النظام قائم على فصل السلطات وتعاونها، إلغاء الطائفية السياسية وعدم شرعية أي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك وعلى هذا الأساس يمكن تبويب الإقتراحات لسد الثغرات على الشكل التالي: (هذا لايعني ان هذه التوصيات حصلت على اجماع المشاركين).
أ - في الأكثريات ومتطلبات النصاب
المادة 25: إضافة: حل المجلس النيابي إذا شغر نصف مقاعده.
المادة 49: اعتماد الموافقة على مبدأ تخفيض نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الى الغالبية المطلقة أو إعطاء رئيس الجمهورية حق حل مجلس النواب عند تعذر توفر نصاب الثلثين.
المادة 55: إعطاء رئيس الجمهورية حق حل المجلس النيابي بموافقة أكثرية ثلثي مجلس الوزراء.
المادة 56: اعتماد أكثرية الثلثين للاصرار على قرارات مجلس الوزراء في المواضيع العادية التي يطلب رئيس الجمهورية إعادة النظر فيها.
المادة 65: إضافة: وجوب وضع آلية تعيينات بموجب قانون لتعيين موظفي الفئة الاولى في الدولة.
ب - في المهل المحددة لمختلف السلطات
المادة 53: إعطاء مهلة لرئيس الحكومة المكلف لتشكيل الحكومة على أن تعاد الاستشارات النيابية في نهايتها. (لم يتم التوصل الى توصية نهائية)
المادتين 56 و57: احتساب المدة المحددة المعطاة لرئيس الجمهورية لتوقيع القوانين العادية أو المستعجلة اعتباراً من تاريخ إيداعها رئاسةالجمهورية.
المادة 58: احتساب مهلة الأربعين يوماً المعطاة لمجلس النواب لإقرار القانون الذي يحمل صفة الاستعجال اعتبارا من تاريخ أول جلسة عامة تعقد بعد وروده إلى المجلس. (مع مراعاة المادة 32)
المادة 64: اعتبار الحكومة مستقيلة إذا لم تقدم البيان الوزاري بمهلة شهر من مرسوم تشكيلها.
المادة 65: اعتماد مهل لتوقيع الوزراء ورئيس الحكومة على مشاريع المراسيم الصادرة عن مجلس الوزراء أسوة برئيس الجمهورية.
ج- في مواد دستورية مختلفة
المادة 18: إعطاء رئيس الجمهورية حق اقتراح القوانين. (على أن توضع آلية للطرح)
المادة 19: إعادة صلاحية تفسير الدستور إلى المجلس الدستوري على أن يعدل قانون تنظيم المجلس الدستوري.
المادة 21: تخفيض عمر الناخبين من 21 إلى 18 سنة.
المادة 28: عدم الجمع بين النيابة والوزارة (فصل السلطات).
المادة 32: ضرورة التصويت على الموازنة فور ورودها الى الهيئة العامة قبل أي عمل تشريعي آخر.
المادة 36: إضافة اعتماد التصويت الإلكتروني في المجلس النيابي.
المادة 53: حق إقالة الوزراء وتبديل الحقائب الوزارية بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، والاستمرار في تعيين نائب رئيس الحكومة في مرسوم التشكيل على أن تحدد صلاحياته في النظام الداخلي لمجلس الوزراء.
المادة 69: - عدم اعتبار الحكومة مستقيلة في حال شغور رئاسة الجمهورية.
- إضافة اعتكاف رئيس الحكومة الى أسباب اعتبار الحكومة مستقيلة. (تحدد مدة الاعتكاف لاحقا).
د - تصحيحات لغوية وشكلية في بعض المواد
ملاحظة: سيصدر لقاء الجمهورية كتابا يتضمن وقائع المؤتمر ويشمل المواد المقترح تعديلها بصيغتها الدستورية.
مواضيع تحتاج الى مزيد من النقاش:
- اعادة الاستشارات النيابية لدى التأخر في تشكيل الحكومة.
- اعتماد النائب الرديف.
- تخفيض نصاب انتخاب رئيس الجمهورية او حل المجلس النيابي. ثم تخفيض النصاب اذا لم يتمكن المجلس الجديد من تأمين الثلثين.
- اعتبار النائب مستقيلا في حال تخلفه دون عذر عن جلسات متتالية.
- تحديد الحالات التي تنطبق على البند ي تقضي حل مجلس النواب او مجلس الوزراء او غيرها.
خامسا - الخلاصة :
نظامنا جيد يلزمه تطبيق بدءا بقانون الانتخاب، اللامركزية الإدارية، إقرار الموازنات، تأمين استقلال السلطة القضائية، تأليف هيئة إلغاء الطائفية السياسية التي نص عليها الدستور وهي في مطلق الأحوال هيئة حوار وطني. فالحوار أصبح وظيفة أساسية من وظائف الحكومات بالإضافة إلى الديموقراطية والإنماء(3XD ). مع العلم إن تشكيل هذه الهيئة لا يعني إلغاء المناصفة إلا عند الوصول إلى العلمانية المؤمنة ولكن يمكن البدء بقوانين انتخاب تؤدي الى اختيار النواب على قاعدة غير طائفية للمحافظة على المناصفة بين الطوائف وليس بين الطائفيين وتشكيل مجلس الشيوخ.
ولكي نبعد لبنان عن الصراعات الخارجية ونعتمد سياسة خارجية مستقلة للبنان كما جاء في خطاب القسم، علينا العمل على تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية كما جاء في البند 12 من اعلان بعبدا والانسحاب فورا من التدخل في سوريا وغيرها كي يصار لاحقا الى ادخال التحييد في مقدمة الدستور وتحديدا في الفقرة ب منه.
وختم سليمان: أرى ان مستقبل لبنان جيد وسيكون هذا البلد محط اهتمام ودعم دوليين لأنه استطاع أن يمثل النموذج والرسالة في مناخ من الطائفية والعنصرية والقتل على الهوية والتطهير العرقي، لبنان بقي ربما وحده في العالم سفينة نوح.