الشاعر شوقي بزيع يرثي صديقه محمد بن عيسى: يا "سي محمد " كيف هو حال عشيات أصيلة الآن؟

2025-03-04 | 14:48
الشاعر شوقي بزيع يرثي صديقه محمد بن عيسى: يا "سي محمد " كيف هو حال عشيات أصيلة الآن؟

رثى الشاعر شوقي بزيع صديقه محمد بن عيسى قائلاً: "ليومين اثنين وأنا عاجز عن كتابة جملة أتصالح من خلالها مع فكرة غيابك, يا صديقي محمد بن عيسى. صحيح أن الموت هو الحقيقة الوحيدة التي يتعذر تكذيبها, وصحيح أنه ليس لمن ألِف الموت مثلي, ومن يقف مثلوم القلب على أنقاض بلاد تهدمت, أن يفاجئه بعد, أي رحيل فردي أو خسارة مماثلة, ولكن الصحيح أيضاً أنك أنت بالذات من أتى نبأ موته مدوياً وصادماً الى حد الذهول والإنكار . ذلك أنك لا تتقاطع مع الموت في أي مظهر أو صورة, وأنت المتربص بالعذوبة كالينابيع, والمحتشد بالفتنة كنظرات العاشقين, والصاخب كقصيدة لم تتم كتابتها بعد .

وإذا كانت أصيلة قد أهدتك الحياة قبل ثمانية وثمانين عاماً,  فأنت من أسكنتها شغاف قلبك , وأهديتها ضوء عينيك وغلال أحلامك الوفيرة . وكما عمل السياب على تحويل قريته جيكور , المنسية بين نخيل أبي الخصيب , الى محجة دائمة للكتاب ومحبي الشعر , وتحويل نهر بويب الصغير الى أسطورة, أخذت أنت على عاتقك في أواخر سبعينيات القرن المنصرم , ومعك ثلة من أترابك الفنانين, المهمة ذاتها والهدف النبيل إياه, جاعلاً من موسم أصيلة الثقافي مسرحاً مفتوحاً للأدب والفكر والفن, ومنصة دورية للتنوير, يتنادى لإذكاء شعلتها مثقفون وسياسون ومبدعون, قادمون من أربع رياح الأرض .

على أنك لم تكن لتصيب النجاح في المهمات الكثيرة التي أنيطت بك , وزيراً للخارجية والثقافة, وسفيراً لبلادك في أرفع المحافل الدولية, وناشطاً ثقافياً باذخ الحضور, لو لم يكن لك من المؤهلات ما جعلك فريداً في حيويتك, ونادراً في تواضعك, وعميقاً في بساطتك, وقادراً على التعامل بحنكة مع أكثر صنوف المثقفين نزقاً وفردانية .        

ورغم أنني لم أنضم الى مواسم أصيلة إلا قبل سنوات قليلة خلت , فقد تكفلت دماثة خلقك وابتسامتك الآسرة بتقليص المسافة التي تفصل أحدنا عن الآخر , وبانتقالنا السريع الى خانة الصداقة, تماماً كما هو حالك مع جميع الذين عرفوك . ولطالما تساءلت منذ لحظة تعارفنا الأولى, كيف استطعت أن " تقسّم جسمك في جسوم كثيرة " كما فعل جدك الأكبر عروة بن الورد ؟ وكيف أمكنك الجمع بين كبرياء المتنبي وهشاشة أبي فراس?  وكيف استطعت أن تختزل في داخلك كل هذا القدر من المفارقات , موائماً بين طراوة الدموع وقسوة الشتاء الغاضب .

لا أعرف يا " سي محمد " , كما يحلو لمواطنيك أن يخاطبوك , كيف هو حال عشيات أصيلة الآن . لا أعرف ما الذي ستفعله من بعدك جدران " زنقاتها " المزينة بالنقوش . وأية غلالة من الحزن سيتلفع بها غروب شموسها على الأطلسي . ولا أعرف جملةً مناسبة أختتم بها هذا الوداع الحزين , أفضل من قول غارسيا لوركا في رثاء صديق له " سيمر وقت طويل قبل أن يولد , إن وُلد, رجل بهذا النقاء, وهذا الغنى في المغامرة ".

 
 
 
اخترنا لك
اليونيفيل تسلم الجيش "حقل ألغام"
09:53
رئاسة مجلس الوزراء تنشر مشروع قانون الفجوة المالية
09:52
الجديد تكشف مضمون قانون الفجوة المالية الذي سيناقشه مجلس الوزراء الاثنين
09:25
مكتب نتنياهو: نائب رئيس مجلس الأمن القومي مثل إسرائيل في اجتماع الناقورة لبحث نزع سلاح حزب الله
08:33
الرئيس عون رحب بالاتفاق الأميركي الفرنسي السعودي لعقد مؤتمر دولي لدعم الجيش
07:45
الرئيس عون أمام السفير سيمون كرم: نؤكد أولوية عودة سكان القرى الحدودية إلى قراهم ومنازلهم وأرضهم كمدخل للبحث بكل التفاصيل الأخرى
07:30
إشترك بنشرتنا الاخبارية
انضم الى ملايين المتابعين
Download Aljadeed Tv mobile application
حمّل تطبيقنا الجديد
كل الأخبار والبرامج في مكان واحد
شاهد برامجك المفضلة
تابع البث المباشر
الإلغاء في أي وقت
إحصل عليه من
Google play
تنزيل من
App Store
X
يستخدم هذا الموقع ملف الإرتباط (الكوكيز)
نتفهّم أن خصوصيتك على الإنترنت أمر بالغ الأهمية، وموافقتك على تمكيننا من جمع بعض المعلومات الشخصية عنك يتطلب ثقة كبيرة منك. نحن نطلب منك هذه الموافقة لأنها ستسمح للجديد بتقديم تجربة أفضل من خلال التصفح بموقعنا. للمزيد من المعلومات يمكنك الإطلاع على سياسة الخصوصية الخاصة بموقعنا للمزيد اضغط هنا
أوافق