رزان شرف الدين
منذ بداية الحرب السورية والمرصد السوري لحقوق الإنسان يفرض نفسه كمصدر رئيسي للمعلومات لدى كثير من المؤسسات الإعلامية العربية الغربية التي باتت تسنتد إليه لمتابعة ما يجري في سوريا من انتهاكات ولجمع الأخبار الميدانية وأخبار المعارك وحصيلة القتلى والجرحى.
الظهور المفاجئ لمرصد ينشر أخباراً عاجلة وآنية عن مجريات أحداث تدور داخل المدن السورية ومقره بريطانيا ومعروف أن شخصا واحدا يديره وهو رامي عبد الرحمن، يثير تساؤلات وشكوكا حول الدقة والمصداقية في أخباره، وحول التقسيم الذي يتبعه في فرز الضحايا بين شهيد وقتيل.
للاستفسار أكثر عن الموضوع حاولنا التواصل مع مدير المرصد رامي عبد الرحمن عبر صفحته الخاصة على الفيسبوك فوجدنا اسماً آخر ملاصقاً لاسمه، فسألناه أيهما الحقيقي، أجاب: "رامي عبد الرحمن الاسم الحركي منذ 30 عاما! بينما الاسم في الهوية هو أسامة سليمان". وأوضح انه ليس الوحيد الذي يعمل في المرصد وإنما هناك مجموعة تحرير مؤلفة من 10 أشخاص فيما يعتمد على 236 ناشطا في سوريا، دون توضيح أماكن توزعهم.
كنا نرغب في استكمال الحديث مع مدير المرصد إلاّ أنه ولدى متابعتنا للأسئلة المتعلقة بعمل المرصد قطع الطريق علينا متذرعاً بانشغاله فيما أبدى ترحيباً بأي سؤال يخص الوضع الميداني أو أخبار المعارك!
معظم وكالات الأنباء العربية والغربية وعلى رأسها "رويترز" ووكالة الصحافة الفرنسية وشبكة "BBC" و"cnn" تستند إليه على الرغم من انتشار مراسليها في المدن السورية، وتعتبره مصدرا موثوقا، ولكن كيف ينظر الصحافيون السوريون أنفسهم لمرصد رامي عبد الرحمن أو أسامة سليمان؟!
خالد جرعتلي، ناشط سوري، لا يأخذ أخبار المرصد على محمل الجد، عازياً ذلك إلى المغالطات التي ترد في أخباره وسوء تقديره لما يجري ميدانياً والذي غالباً ما يكون معاكساً للواقع.
ولفت جرعتلي، في حديث مع "الجديد" إلى أن معظم السوريين لا يرون في المرصد "مصدراً موثوقاً"، ويقول: "كوني معارضا فهذا لا يعني ألاً أنتقد أخطاء المعارضة أيضاً".
من جهته، يؤكد الصحافي هادي العبدالله أن الكثير من السوريين مدنيين وناشطين لم يعد لديهم أي ثقة بأخبار المرصد لأسباب كثيرة، "أولها شخصية تخصّ مدير المرصد المثيرة للجدل وحقيقة انتمائه، وثانياً الإزدواجية في النقل، فمثلاً عندما يقصف نظام الأسد أي منطقة تحت سيطرة الثوار يذكر المرصد أرقاماً للضحايا أقل بكثير من العدد الحقيقي بحجّة أنه لا يمكن التأكد من مصادر مستقلة وفي حال عدّل الرقم يؤخّر ذلك إلى اليوم التالي أي بعد أن يخف زخم تداول الخبر".
ويتعمّد المرصد تضخيم انتصارات داعش والنصرة، وفقاً لعبدالله: "عندما سيطرت فصائل المعارضة على جسر الشغور بريف إدلب كانت معظم الفصائل مشاركة في العملية (الجيش الحر وفصائل إسلامية بالإضافة لجبهة النصرة)، عندها أورد المرصد الخبر بعنوان "تنظيم القاعدة يسيطر على جسر الشغور"، يومها شعرنا أنها رسالة مبطنة للتحالف الدولي بوجوب قصف جسر الشغور أو على الاقل غض النظر عن قصف طائرات الأسد للمنطقة بحجة وجود القاعدة، أي: شرعنة القصف!"
لا تختلف وجهة نظرة السوريين المعارضين للنظام عن تلك التي للموالين له، فالصحافي علاء حلبي يرى أنّ "المرصد المعارض" استفاد من الظروف المحيطة بسوريا وصدّر نفسه بداية الأحداث كمصدر معتمد لوكالات الأنباء، مع العلم أنه عبارة عن جهود لمكتب يديره شخص واحد مقيم في بريطانيا، واعتمدته دون أن تبحث في خلفيته"، وعن طريقة عمل المرصد يوضح حلبي أنه يعتمد على مجموعات "السوشيال ميديا" كمصدر لمعلوماته، إذ يكفي أن تقوم عشرة حسابات على "تويتر" أو "فيسبوك" بنشر خبر ما حتّى يتبناه ويصدّره للوكالات كخبر موثوق.
ويختم حلبي حديثه بالتأكيد على أنّ "تجربة سنوات الحرب الخمس الماضية أثبتت معاداة قسم كبير من الموالين والمعارضين للمرصد، علماً أنه استفاد من هذه المواقف في زيادة الترويج لنفسه متخذّاً من الانتقادات التي طالته من الطرفين كدليل على حياديته! وهو أمر غير صحيح نهائيا".
يختلف الموالون والمعارضون السوريون سياسياً ويجتمعون "مهنياً" في وقت تنشغل فيه وكالات الأنباء بتسجيل سبق صحفي وخبر عاجل قد يكون صحيحاً، وقد تتعمّد بعضها تقديمه إن توافق وتوجهاتها أو العكس، وقد يرى البعض في كتلة التناقضات حوله نقطة إيجابية تُحسب له فيما لا يزال آخرون يبحثون عن مصداقيته!.