افتتح رئيس المحكمة العسكرية العميد حسين عبدالله أمس جلسة محاكمة واستجواب يُعاونه القاضي المدني محمد درباس، في حضور مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجّار، ثم نادى: "أحمد محمد هلال الأسير الحسيني", فتقدّم الاسير بخطوات متأنية من قوس المحكمة مرتدياً عباءة بنية، منتعلاً حذاء رياضياً ومُعتمراً قلنسوة بيضاء.
وفي السياق اشارت صحيفة "الجمهورية" الى ان عبد الله وبعدما سأل الاسير عن موكليه وجواب الاخير انهم لم يحضروا، أكمل تعداد أسماء بقية المتهمين في أحداث عبرا والمحكومين غيابياً.
أمّا الاسير فواصل تمشيط ذقنه وهو يستمع إلى خطوات المحكمة على لسان عبدالله: "بالنظر إلى عدم حضور وكلاء الدفاع عن الاسير، وغيابهم المتكرّر، عملاً بالمادة 59 من قانون القضاء العسكري قرّرت المحكمة تسطير كتاب لنقابة المحامين في بيروت لتكليف محامٍ له قبل موعد الجلسة 4 نيسان 2017".
بعدها، رفع أحد الموقوفين يده طالباً الكلام: "بتسمحلي إحكي؟"، يجيبه عبدالله: "الجلسة الجايه". لكنّ الموقوف أصرّ على الكلام: "صَرلي 5 سنين أنا والشباب موقوفين... العميد شامل روكز قال ببرنامج خلال إنترفيو معو "شِفت مسلّحين من كلّ الاحزاب على الأرض...". وأضاف: "الشيخ لم يعلّمنا الإرهاب، نحن لم نتعلّم الإرهاب". فيقاطعه موقوف آخر: "بَدنا العفو". فحاول عبدالله وضعهم عند حدّهم "بَدّك منبر إعلامي؟ هيدا الكلام مش للمحكمة، بينقال للنيابة العامة".
فيأخذ موقوف ثالث الكلام: "منذ 3 سنوات تمّ إستجوابنا، لم يعد بوسعي الانتظار، "ببوس إيدَك يا حضرة القاضي!".... فيحاول عبدالله تهدئة الأجواء بنبرة حاسمة: "عم نعمل اللازم، عم نعمل أكتر من اللازم لتمشي المحاكمة".
وتابعت الصحيفة انه حيال لجوء المحكمة إلى نقابة المحامين، أكّد الناطق الاعلامي باسم وكلاء الدفاع عن الاسير المحامي محمد صبلوح أنّ هذه الخطوة لن تبدّل شيئاً في الملف، موضحاً أنه "ليس الكتاب الاول الذي يُسطّر إلى نقابة المحامين، سبق والتقينا النقيب أنطونيو الهاشم وأكّد لنا تَعذّره انتداب محام طالما أنّ الموكل لم يعزل وكلاءه".
وقال لـ"الجمهورية": "لا نزال نعتكف عن حضور الجلسات، ونضمّ أصواتنا إلى أصوات الموقوفين".
وأضاف: "لذا، نستغرب على أيّ أساس تمّ تصنيف الإرهابيّين وتوقيفهم؟ مَن حَدّد بأنّ فلاناً إرهابياً وغيره لا، بين مجموعات الأسير و"سرايا المقاومة" و"حزب الله"؟ مَن مَيّز بين الطوائف في موضوع الإرهاب؟".
وفي سياق متصل، إستنكر وكيل أهالي شهداء عبرا وبحنين المحامي الدكتور زياد بيطار، تَغيّب وكلاء الأسير المتكرّر، مُثنياً على موقف المحكمة، قائلاً: "إتّخذ الرئيس عبدالله قراراً بتسطير كتاب الى نقابة المحامين لتعيين محامين للدفاع عن الأسير إستجابة لطلبنا السير بالمحاكمة بعيداً عن الممطالة والتسويف، وهذا يَدلّ على إصرار القضاء العسكري بعهد الرئيس العماد ميشال عون الحفاظ على دماء شهداء الجيش اللبناني بعيداً من التأثيرات السياسية حيث سينال المجرم عقابه والمظلوم حريته"، لافتاً إلى "أنّ العفو العام لن يشمل أبداً قتلة الجيش اللبناني لأن لا مساومة على دماء شهدائنا".
وبعد الانتهاء من جلسة الأسير وفي ملف متفرّع عن أحداث عبرا، إستجوب عبدالله بهاء محمد البرناوي (30 سنة)، والمخلى سبيله محمد عبد الرحمن شمندر (56 سنة) شقيق الفنان الفار "فضل شاكر"، والفلسطيني بلال محمود بدر (28 سنة) بتهمة الانتماء إلى تنظيم مسلح والمشاركة في معركة عبرا ضد الجيش اللبناني.
وقد نفى البرناوي انتماءه إلى جماعة الاسير ومشاركته في أيّ معركة، قائلاً: "أعمل في الموبيليا، أصنع غرفاً خشبية وغيرها، بحُكم عملي كنجار أعددت منزل ابنة الفنان فضل ولا تربطني به علاقة شخصية ولم أتردّد إلى مسجد بلال بن رباح، كِلّن 3 مرات طلعتُن... بيِنعَدّو"، نظراً إلى أنّ منزلي يقع على مقربة من الجامع. وقبل إعلان الاسير ثورة مسلحة".
ورداً على سؤال القاضي له عن حَمله بندقية حربية خلال مشاركته في تشييع في صيدا، رَدّ البرناوي: "لم أشارك في التشييع بدعوة من الاسير وحملت السلاح "تَحسّباً إنّو يصير شي" وهذه غلطة أعترف بها"، لافتاً إلى أنه "تَعَرّف إلى بلال بدر في الريحانية، ولم يلتق به من قبل".
أمّا شمندر المُخلى سبيله، وهو كان قد أوقف عام 2006 لمدة 9 أشهر للاشتباه بانتمائه إلى "جند الشام"، فقد وقفَ أمام قوس المحكمة بلباسه الرياضي وعيونه تنضح اشمئزازاً من انغماس شقيقه فضل شاكر بـ«حركات ما إلنا شِغِل فِيا"، على حدّ تعبيره.
وردّد مراراً على مسامع عبدالله: "ليس لديّ انتماء لأيّ مخلوق، لا "جند الشام" ولا غيره، سَلّمتُ نفسي للعميد خضر حمود، وعملتُ كبائع عطور، ولاحقاً مع شقيقي في مطعم ألحان. ومع احتدام أحداث عبرا عملت في العمارة في مجدليون "ناطور عَ الشَغّيلة".
ماذا رأيت خلال أحداث عبرا؟ يسأله عبدالله، فيجيب شمندر: "لم أر شيئاً. كنت في المنزل، إبني عبد الرحمن خرج لملاقاة عمّه كونه مرافقاً له، وبعدما خرج لم أره، فقد قتل هذا ما عرفته لاحقاً".
وتابع: "مع تطور الاحداث، عملتُ جاهداً لإخراج أخي من الملجأ، بعد سلسلة إتصالات مع الامنيين توجهتُ إلى المسجد حيث رأيت فضل والاسير، ونجحت في إخراج شقيقي وتوجهنا إلى منزل أحد الأقارب، وتركته في عبرا. وفي اليوم الثاني دخلت برفقة ابني إلى مخيم عين الحلوة إلى حين سلّمتُ نفسي".
ونفى مشاركته بأيّ معركة او انتماءه لأيّ مجموعة أو حَمله السلاح، أو أن يكون على تواصل مع شقيقه: "أنا في قطيعة مع فضل منذ 3 سنوات، هو من الشخصيات المتقلّبة، أقنَعته مراراً بتسليم نفسه من دون نتيجة".