شدد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل على انه "مهما خيّبنا المجتمعان الدولي والعربي، سنبقى نجول وسيبقى شعبنا يناضل لإنقاذ روح لبنان والشرق الأوسط، أي ثقافتهما من الخطر".
وقال باسيل في كلمة القاها في اجتماع مجلس الامن بنيويورك حول ضحايا "الهجمات والاضطهاد الاثني او الديني في الشرق الاوسط" : "نحن كالبابا يوحنا بولس الثاني أبناء أمّةٍ عاشت أكبر اختبارات التاريخ وصمدت معتمدةً، لا على طاقات القوة المادية، بل على ثقافتها فقط".
وتابع وزير الخارجية متوجهاً الى اعضاء مجلس الامن: "نأتي إليكم من حضارةٍ فينيقيةٍ ابتدعت الحرف وصدّرته إلى العالم...، نأتي إليكم من صيغةٍ لبنانيّةٍ فريدةٍ بالمناصفة في التشارك بالحكم بين المسيحيين والمسلمين"، مشيراً الى اننا اضطهدنا و"ذنبنا الوحيد أننا بصدفة جينية ولدنا في مجموعات بشرية طائفية، واعتقدنا أن الأمم المتحدة وجدت لتحمي أمثالنا، فكان داعش النكسة الكبرى لنظام الأمن الجماعي".
وتساءل باسيل: "ماذا حلّ بالعراق، بلاد ما بين النهرين، وماذا حلّ بسوريا بلاد ما بين الخلافتين، وماذا حلّ بلبنان بلاد ما بين الحضارتين؟".
واضاف: "نتساءل لماذا يضحّى بمبادئنا على مذبح المصالح ولماذا نذبح على يد داعش وإسرائيل، تحت سمع العالم وبصره، الذي يكتفيبتدوين الأحداث وإرسال التقارير؟"، مضيفاً: "نتساءل عما إذا ما كانت ازدواجية معايير المجتمع الدولي وكيله بمكيالين يغذّيان توتّرات العالم؟".
وتطرق باسيل الى موضوع الاقليات، وسال: "ماذا تبقّى من قيمة للأقلية إذا كانت تعيش تحت رحمة أيديولوجية الأكثرية؟ وإذا كان تناقص عددها يؤدّي بها إلى ثقافة الانعزال الأقلوي؟ وإذا ما أصبح وجودها للوجود، أقصر طريق لها إلى الزوال؟".
وتابع: "ماذا بقي من قيمة للأقلية إذا انخفضت في العراق من مليونين إلى أقلّ من 300 ألف؟ وإذا انخفضت في تركيا من 15% إلى 1%؟وفي بيت لحم من 85% إلى 12%؟ وفي القدس من 53% إلى 2%؟ وإذا هجّر 700 ألف من الأيزيديين والمسيحيين في الموصل دفعة واحدة؟ وخطف مطرانين دون تحريك ساكن؟ وإذا هجّر الأشوريين نتيجة هذا السكوت؟ وإذا هدمت تماثيل سرجون الأكادي في الموصل؟ وإذا مسخت رئاسة الجمهورية في لبنان بصلاحياتها وسخّرت بأشخاصها حتّى أصبح لا يسمح باعتلائها إلا لمن هو من أهل الذمة؟".
واضاف باسيل: :"هل يبقى من أقلية إذا سمح لدولة أن تولد باسم الإسلام، وهي تفسير راديكالي معتور للإسلام".
وسأل: "ألا يستحق كل هذا تحريك الآلة العسكرية بما هو أكثر من طلعات جوية ودعم الجيوش الشرعية التي تقاتل على الأرض وتقدّم الشهداء كجيشنا اللبناني البطل؟"، مضيفاً: "ألا يستحق كل هذا تحريك آلة العدالة الدولية بما هو أكثر من بيان، ودعم مسعى لبنان لدى المحكمة الجنائية الدولية؟".
وشدد باسيل على ان المسيحية ثقافة حياة ومجموعة قيم إنسانية تخصّ كلّ الناس، وسأل: "أتعتقدون أن المسيحية تبقى في العالم إن لم يبقَ مسيحيون في أرض المسيح؟ وأنّ النبع يبقى يسيل إذا جفّ المصدر؟".
واضاف سائلاً: "أتعتقدون أنّ الإسلام يبقى إن شوّه في منطقتنا وأبلس في منطقتكم وتصارع ذبحاً في أرجاء المعمورة؟، وأتعتقدون أن اليهودية، إن خلق لها كيانٌ أحاديٌّ منغلقٌ رافضٌ للآخر، يمكنها وحدها أن تحمل رسالة الخير في وجه الشر؟"
وسل باسيل ايضاً متوجهاً الى الحاضرين في اجتماع مجلس الامن: "أتعتقدون أن الحرية تعني فقط أن نسمح بتعرية مريم والمسيح، وبهتك محمد في الرسوم، فيما يحاكم فقط من يلفظ أي كلمة معادية للسامية؟".
وشدد على قيمة المشرقي هي في بقائه في أرضه لأنه يحفظ التعدد والتنوع فيها ويمنعها أن تتحول إلى بقع أحادية طائفية، متصارعة في ما بينها، ومتصارعة كلّها للغرب، مشيراً الى ان حسن استقبال المشرقي في السفارات والمطارات والداخليات لن يحميه ولن يحمي مستقبليه بل أن صموده في أرضه هو ما يحمي حضارته ويحمي حضارتكم ومجتمعكم.
وطالب باسيل بقرار دوليّ يعطي الحماية للأقليات في الشرق ويضع الخطوط الحمر الجغرافية والمعنوية لها على أن تكون آلية التنفيذ جامعة لكلّ دولة ورادعة لكلّ مجموعة.
وطالب ايضاً بإعادة من هجّر على يد الدواعش منذ القرن التاسع عشر، وبانشاء بصندوق أممي لإعادة "إعمار حضارات هدمت، وشعوب هجّرت وثقافات شوّهتت في مختبرت الـrealpolitic."
وشدد على ان إسرائيل، الأب الشرعي لداعش منذ عشرات السنين، و"هي وداعش دعاة حرب فيما نحن بناة حضارة ودعاة سلام".