تظهر الثغرات الفاضحة تباعاً لخطة العودة الى المدرسة، التي أطلقها وزير التربية طارق المجذوب، ومنها صرخة هيئة التنسيق النقابية الساعة الحادية عشرة قبل ظهر
اليوم أمام وزارة التربية بشعار "يوم الغضب" للمطالبة برفع الغبن عن معلمي الرسمي والخاص والتقني والمهني وموظفي الدولة، ولاسيما بعدما قطع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال
غازي وزني وعداً بتقديم راتب شهري على دفعتين، ما أثار امتعاض الهيئة.
في المعلومات أن هيئة التنسيق النقابية عملت جاهدة اليوم لجمع المربين من حولها رغم أن أزمة البنزين قد تحول دون وصول المربين.
في الأجواء العامة، أعرب عدد من المعلمين عن أسفهم لغياب سيناريوات عدة ممكنة لخطة العودة تتلاءم مع الواقع المأسوي للبنان، رغم أحقية التعليم الحضوري في المدارس والذي بات ضرورياً للتلامذة وحاجة ماسة لذوي الصعوبات التعلمية بعد عام ونصف عام من انخراطهم في التعليم عن بُعد.
في هذا التحقيق، عبّر المتحدثون باسم النقابات التعليمية عن رفضهم الإلتحاق بالتدريس لأنهم على يقين تام أن أولياء التلامذة عاجزون مثلهم عن دفع رسوم التنقل من المنزل الى المدرسة مثلاً، ولاسيما بعد رفع الدعم عن البنزين.
وقال رئيس رابطة التعليم الثانوي الرسمي نزيه جباوي لـ"النهار" إن "يوم الغضب هو لرفض الواقع المأسوي للمربي، والذل الذي يواجهه يومياً كأي مواطن أمام طوابير محطات البنزين أو لدفع كل مدخراته لإدخال مريضه أو لعجزه الكامل عن تأمينه السلة الغذائية"، رافضاً "أي تهمة توجه إليه بأخذ التلامذة رهائن وعدم الاكتراث بإقفال المدارس لأن أولياء التلامذة وكل مكونات العملية التربوية عاجزون عن فتح المدارس في هذه الظروف".
وأكد "أننا لن نعود الى التدريس قبل الحصول على حقوقنا من خلال إيجاد حلول للرواتب وتصحيحها، أي زيادة الرواتب وفقاً للمنصة التي تراعي القدرة الشرائية للمواطن والمعلم"، مشيراً الى أن "متوسط راتب الأستاذ الثانوي يصل الى 3 ملايين ليرة لبنانية شهرياً وهو يوازي ثمن بضع صفائح بنزين بعد رفع الدعم عن الوقود، إضافة الى أنه يغطي تكاليف مليون ليرة لإيجار البيت أو دفع المبلغ الشهري للإسكان، إضافة الى دفع ما بين مليون ومليون ونصف لنفقات مولّد الكهرباء، ما يعني أن معلم الثانوي يتقاضى ما بين 100 و150 دولارأً في دوام تعليمي أسبوعي يصل الى 20ساعة، فيما يراوح متوسط معدل ساعات التعليم ما بين 24 و27 ساعة أسبوعياً للمتوسط والابتدائي".
وعما إذا كانت الدولة عاجزة عن تغطية هذه الزيادات المتوقعة من الأسرة التعليمية أجاب: "الدولة ليست مفلسة بل مسروقة ومنهوبة، ما يفرض رفع الغطاء عن السارقين ومحاسبتهم. إن الدولة وفقاً للخبراء رصدت 6 ملايين
دولار لدعم المواد الغذائية والوقود والقمح، وهذا ما يستفيد منه التجار، ما يستدعي احتساب جزء من هذا الدعم ليستفيد الناس منه".
يصب كلام رئيس رابطة التعليم المهني والفني
عبد القادر الدهيبي في خانة ما ذكره جباوي مع تأكيد جديد لـ"النهار" "أننا لن نلتحق بالمعاهد والمدارس إذا لم تكن هناك خطة لتصحيح أوضاع المعلمين الذين يراوح عددهم ما بين 1200 الى 1500 في الملاك و 14 ألف متعاقد"، مشيراً الى أن "هذه الصرحة هي نوع من الإنذار لأنه لا يمكن لأي من مكونات الأسرة التربوية أن يصل الى المدرسة في هذه الظروف الإقتصادية والإجتماعية الخانقة".
وقال: "لقد عكسنا حسن نية تجاه وزير التربية طارق المجذوب عندما التزمنا مراقبة الإمتحانات الرسمية. ولكن خابت آمال 12 ألف معلم أساسي في الملاك و12 ألف متعاقد من الوعود بتحسين رواتبنا دون أي نتيجة ملموسة الى الآن مع ما وعد به وزير المال غازي وزني من إعطائنا راتبا واحدا كاملا على دفعتين، ما زاد من غضبنا".
أما نقيب معلمي الخاص رودولف عبود فأسف في اتصال مع "النهار" للوضع الصعب لـ40 ألف مربٍ في المدارس الخاصة، مشيراً الى أن "بعض المعلمين يتقاضون راتباً شهرياً يراوح ما بين مليون ومليون ونصف مليون ليرة، مع العلم أن بعض المدارس لم تسدد مستحقات رواتب المعلمين كافة وأغفلت الى اليوم دفع الدرجات الست"، لافتاً الى "أننا نطالب بحلول قبل بداية السنة الدراسية، ولاسيما في ما خص القانون 46 وإقرار الدرجات الست".
وفي ما خص إدارات المدارس، أكد منسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب يوسف نصرلـ"النهار" أن "أي زيادة لرواتب الأساتذة، وهي مطلب محق، لن تكون على حساب الأقساط لأننا نعمل على توفير نوع من المطالب اولها الدرجات الست والزيادة على الرواتب التي
نتطلع الى أن تدعمها الدولة، أو الجهات المانحة أو المغتربون وسواهم من الجهات..."
أما الأمين العام للمدارس الإنجيلية نبيل قسطه فقد أكد لـ"النهار" أهمية "خطوة حملة العودة الى المدرسة، التي أطلقها وزير التربية، والتي هي حاجة ضرورية لذوي الصعوبات التعلمية"، مشيراً الى "أننا التزمنا وعودنا مع الهيئة التعليمية في مدارسنا من خلال زيادة رواتبهم، وذلك تقديراً لكفاياتهم، وهذا ما سنعلن عنه قبل افتتاح السنة الدراسية".
بدوره، رأى مدير مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية الدكتور
ناصر ياسين في اتصال مع "النهار" أن "المشكلة الأساسية للمعلمين في القطاعين الخاص والرسمي تكمن في صعوبة تغطية تكاليف التنقل، ما سيحول دون وصولهم الى مدارسهم"، موضحاً أن "إقرار خطة نقل مدروسة تقلص تكاليف التنقل بالسيارة وتأمين الوقود لها لأن من يتقاضى 3 ملايين ليرة شهرياً لا يمكنه دفع تكاليف تعبئة الوقود لسيارته، في حال رفع الدعم عن البنزين".
وخلص إلى اعتبار أن "العام الدراسي لن ينطلق إلا باطلاق نوع من المبادرات الخاصة لدعم المدارس الرسمية، ومن ضمنها تفعيل دور المجتمع المحلي والبلديات والجمعيات والمنظمات الدولية، مشيراً الى أن المسألة "تتطلب رصد موازنة بـ300 مليون ليرة كحد أدنى لتوفير مادة المازوت للتدفئة في مدارس الأطراف وجبل
لبنان، وهذا قبل رفع الدعم"...