عيدُ الفِطرِ النوويِّ حلَّ على إيرانَ احتفالاتٍ ومظاهرَ نصرٍ بعدَ ستةٍ وثلاثينَ عاماً من الصومِ بالعقوباتِ والإغلاق وقبلَ حلولهِ فإنك تستطيعُ أن تَضبِطَ العيدَ بالوجهِ الشرعيِّ في شوراعِ الجُمهوريةِ وعلى وجوهِ السياسيين وفي آمالِ الناسِ الذين حَصَدوا جَنى صمودِهم وفي أولِ أيامِ "حِسبةِ" النوويِّ أَصبحَتِ المَواقفُ مُكتمِلة تدافُعٌ أوروبيٌّ نحوَ السوقِ الإيرانية هواتفُ طمأنةٍ مِنَ الرئيسِ الأميركيِّ إلى كلٍّ مِن نتنياهو والملِك سلمان لتبديدِ القلقِ المشترك والعربُ درَجات مَن تقبّلَ التهانيَ كأصحابِ العيدِ إلى الترحيبِ بحَذَر لكنّهم في الحصيلةِ آخرُ المقرّرين وسينتظرون حلَّ مشكلاتِهم على السُّلّمِ النوويِّ وبالتدرّج سوفَ تأتي اليمنُ أولاً وربما يقعُ دورُ لبنانَ في أسفلِ اللائحة وما بينَهما العراقُ وسوريا وخطرُ الإرهاب ولذلك فإنَّ اتصالَ أوباما بالملِكِ السُّعوديِّ جاءَ مُتضمّناً العُنوانَ اليمنيّ معَ إعلانِ البيتِ الأبيضِ أنّ الرجلينِ ناقشا الحاجةَ المُلِحَّةَ إلى وَقفِ القتالِ في اليمن وضمانِ مُساعدةِ كلِّ اليمنيينَ عَبرَ القنواتِ الإنسانيةِ الدولية حاول أوباما تبديدَ مخاوفِ المَملكة وفي اتصالٍ شبيه حَقن نتنياهو بمخدّرٍ أميركيٍّ يقومُ على ثوابتِ ضمانِ أمنِ إسرائيل لكنّه في خلاصةِ الأحكامِ فعلَ ما تَقتضيهِ مصالحُ أميركا في العالَمِ والمِنطقة وإنْ وضعَ إيرانَ على حدودِ الدولِ النووية وما إن بَزَغَ فجرُ الاتفاق حتى طلَعت الجلسةُ علينا وضَرَبَ مجلسُ النوابِ موعِداً مع جلسةِ انتخابِ الرئيس تَحمِلُ الرقْمَ ستةً وعِشرين وفيها وُضعَ رئيسُ الجُمهوريةِ على مُفاعلٍ نوويٍّ وطردٍ مركزيّ لكنّ طريقَ فيينا لم تَمُرَّ مِن ساحةِ النجمة وليس مِن بينَ الحاضرينَ أيُّ ظريف باستثناءِ الرئيس فؤاد السنيورة الذي لولا كلامُ الناسِ لرافقَ لوران فابيوس على أولِ طائرةٍ تُقلِعُ إلى طهران ربما نَحنُ لم نَقرأِ الرئيسَ السنيورة جيّداً في السابق فالرّجلُ اتّضحَ أنّه يَسعى لعَلاقاتٍ جيدةٍ بإيران وهو عبّرَ اليومَ عن أمورٍ تَجمعُنا معها وعن تاريخٍ طويلٍ مِن العَلاقاتِ بينَ إيرانَ والدولِ العربية نحنُ كلبنانيينَ فَهِمناهُ خطأً طَوالَ سنواتِ الحكمِ وما بعدَها فليسَ السنيورة هو مَن ساقَ إلى إيرانَ ثلاثةَ عَشَرَ اتهاماً دُفعةً واحدةً في احتفالِ الرابعَ عَشَرَ مِن آذارَ في البيال قبلَ ثلاثةِ أشهر لقد شُبَه لنا أنّه هاجَمَ طهران "فزاعةَ الفرسنة" واتّهمَها بتورّيطِ لبنانَ واللبنانيين في حروبٍ هنا وهناك وإطالةِ أمدِ الشغورِ الرئاسيّ وتَفعيلِ التصادمِ بينَ السّنّةِ والشيعة والعملِ على "مشروعٍ فارسيٍّ" للمِنطقة فالسنيورة بعدَ النوويّ ليس كما قبلَه مِن صقورٍ إلى حمائم ولو عاد به الزمن رئيساً لوقّعَ معَ طهران عقودَ السلاحِ للبنان ولأنارَ بيروتَ مِن مفاعِلِ بوشهر الكهرَبائيّ وبمواقفِه اليوم فقدِ استبقَ الرئيس سعد الحريري ليسَ إلى الاعتدال إنما إلى الانبطاح هذا هي العلامةُ الفارقةُ الوحيدةُ التي لمسناها في لبنانَ بعدَ الاتفاقِ النوويّ أما البقيةُ فتكادُ تُسمّى علامةً فارغة بحيثُ لا يتوقّعُ أن يصلَنا مِن نعيم فيينا سِوى تعزيزِ قدرةِ حلفاءِ إيرانَ في لبنان الذين سيكافأُؤن على أقلِّ تقديرٍ بفوائدِ الملياراتِ المسترجَعةِ منَ العقوبات.