بوكو حرام خسِرت فأراً والأمنُ العامُّ اللبنانيُّ الذي يُمسكُ بمِلفِّ الأسرى ربِح معركةَ الأسير واصطادَه من عمقِ تزويرِه وتخفّيه وتبديلِ شكلِه
وربِح معه أيضاً دموعاً مِن وزنِ عيونِ أمهاتِ وأبناءِ العسكرِ الذين استُشهدوا في سبيلِ عودةِ صيدا إلى صيدا وإزالةِ إرهابٍ غريبٍ عنها
أحمد الأسير كان منتحلَ صفةِ الشيخ يرتفعُ على مئذنةٍ ومسجدٍ بتكفيرِ الآخرين يَرهَنُ خلفَه شباباً بإغراءاتِ الآخرةِ بعدَ سلبِهم أموالَ الدنيا ويلعبُ بأمنِ الناسِ وصولاً إلى تقطيعِ أوصالِ طرقِهم وابتزازِ الدولةِ بسياسييها ووزرائِها الكبارِ وقدّم نفسَه على أنه قائدٌ جماهيريّ مُفدّى تخفّى وزوّر وحاولَ الهربَ مِن مطارِ رفيق الحريري الدَّوليِّ قاصِداً نيجيريا عَبرَ القاهرة بعدما وصلَه قبولُ اللُّجوءِ الإرهابيِّ لدى جَماعةِ بوكو حرام النيجيرية التابعةِ لداعش والقاعدة وبحسَبِ الأعرافِ البطوليةِ فإنّ القائدَ لا يهرب والشيخَ الجليل لا يرتكبُ الآثامَ بالتزوير
بل إنّ القادة ورجالَ الساح وفقهاءَ الدين يقاتلونَ معَ أنصارِهم حتّى الموت ويفتدون قضيتهم لو كانت لهم قضية لكنَّ الفارّ سَعى للفِرارِ وبكلِّ جُرأةٍ من مطارٍ دَوليّ وليس عَبر ممرات التهريب غيرِ الخاضعة لعيونِ الأمن وفي المعلومات أنَ أحمد الأسير غادر مخيم ًعين الحلوة قبل خمسةَ عَشَرَ يوماً وأرسل فيما بعدُ صورًه لتزوير جوازِ سفرٍ باسمٍ مستعار لكنّ فصائلَ المخيمِ المتعاونةَ معَ الدولة فعلت فعلَها ونسّقت مع اللواء عباس ابراهيم ووُضِعَ الأسيرُ تحتَ المراقبةِ منذ لحظةِ خروجِه من عين الحلوة إلى ساعةِ الصِّفِر في مَطارِ بيروت على أنْ ينضمَّ الأسيرُ في المرحلةِ المقبلة إلى موقوفي عبرا للمحاكمة أمام المحكمةِ العسكرية بعد إجراءِ التحقيقات وأياً تكن الأحكامُ فإنّ مجردَ نبأِ توقيفِه أعاد الاعتبارَ إلى ثماني عَشْرةَ عائلةً فَقدت أبناءَها في معركة صيدا الأخيرة ومن حقِّ الشهداءِ أنفسِهم أن ترتاحَ أرواحُهم وهم الذين انتزَعوا مدينةً من تحتِ الإرهاب وأعادوا صيدا بوابةً للجنوب وقاتلوا في عَبرا ضِمن معركةٍ فرضَها الأسير كما كان يَفرِضُ الإتاواتِ على أنصارِه ونصرُ آبَ الثاني الواقعُ زمنياً على مَرمى يومٍ واحدٍ مِن النّصرِ الأولِ عامَ ألفين وستة هو هديةُ اللواء عباس إبراهيم إلى أهالي الشهداء أسير ٌ واحدٌ يعيدُ الى الراحلينَ كرامتَهم ويمنحُهم أوسمة ً ومفاتيحَ مُدُن ويمسحُ عن وجوهِ الأحبةِ بعضاً من حُزنِهم
فأحمد الأسير بشخصِه وكِيانِه المصطنعِ لا يَرتقي إلى قطرةِ دمٍ هُدرت من جنديٍّ شهيد لكنّ توقيفَه خبرٌ أدخلَ البسمة إلى بيوتِ العسكر بعد سنتينِ على الحُرقة