باسل الامين
منذ طفولته كان حتّر يعتبر سوريا بلده الثاني بعد الأردن، تولدت لديه مواقف قوميّة مدافعة عن سوريا رافضاً التطبيع ومعاهدة وادي عربة بين إسرائيل والأردن. عاش حتّر حياته شاهداً على هزائم عربية متعددة جميعها وليدة الصراع العربي-الاسرائيلي من كامب ديفيد الى احتلال بيروت وبغداد. في ظل هذه السطوة التاريخيّة وجد نفسه يساريّاً مستنكراً للمشروع الغربي في الشرق الأوسط.
هو كاتب وصحافي أردني ولد سنة 1960 من عائلة مسيحيّة تنحدر من مدينة الفحيص القريبة من العاصمة عمان. تخرج من الجامعة الأردنيّة قسم علم الاجتماع والفلسفة وحصل على شهادة الماجستير في فلسفة الفكر السلفي المعاصر، له إسهامات فكرية عدة في نقد الإسلام السياسي، والفكر القومي والتجربة الماركسية العربية. إسهامه الأساسي تركز في دراسة التكوين الاجتماعي الأردني. لطالما عُرف أنه من رموز الحركة الوطنيّة الأردنيّة.
عمل حتر صحفياً وكاتباً في عدد من الصحف المقروءة والمواقع الالكترونية كان من بينها صحيفة المجد الإسبوعية التي تأسست أواسط التسعينيات من القرن الماضي وهي صحيفة تابعة لحزب البعث العربي الاشتراكي المقربة من النظام السوري، وصحيفة العرب اليوم، كان رئيس تحرير في موقع "كل الأردن" الألكتروني أواسط العقد الماضي، عمل مستشاراً إعلامياً ورئيساً للدائرة الثقافية في البنك الأهلي، كما كتب في جريدة "الأخبار" اللبنانيّة، وكان كثير التردد إلى العاصمة بيروت وضيفا على العديد من المنابر الإعلامية. سجن مرات عدة أطولها في الأعوام 1976، 1977 و1979، بتهمة إطالة اللسان على الملك حسين.
تعرض لمحاولة اغتيال سنة 1998، الذي بقي يصارع للنجاة بروحه أياماً وليالي طويلة في المشفى. تلقى ناهض حتر حينها عرضاً كريماً من إدارة جريدة "السفير" للتكفل بمصاريف علاجه في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، وللتعبير عن آرائه الجريئة على صفحاتها. فقبل الرجل العرض، واستقر به الحال في مكاتب الجريدة يتخذها مشغلاً ومسكناً معاً. لكنّ متاعب ناهض لم تنته بانتقاله من عمّان إلى بيروت، بل واجه المتاعب أيضا بسبب آرائه واتهم من قبل الخصوم بأنه من يساريي البلاط الأردني، ما أدى به الى العودة الى عمان.
كان يعيش حتّر لحظات من القلق والخوف على سوريا في ظل الأزمة، وكان يؤمن دائما بأنها ستنتهي يوما ما " لكي نسمع فيروز في الصباحات، ونعزق فتيت الخبز للعصافير، ونسقي الفل والياسمين، ونقرأ الشعر، ونحس لذّة اليانسون في كأس العَرق". ودائما ما كان يعبّر عن خجله بأنه ليس شهيداً، لكنه لم يكن يعلم بأنه سيكون يوما ما شهيد الكلمة الحرّة، ويقول: "غير أن ما يعزّيني أنني أستطيع أن أردّد مع أمل دنقل: فاشهدْ يا قلمْ أننا لم ننمْ أننا لم نضعْ بين لا ونعم".