حسن درويش
أصدرت المحكمة العسكرية أمس حكماً وجاهياً بإعدام الإرهابي أحمد الأسير، جاء بمثابة حبة "مسكّنٍ" لأهالي عسكريي
الجيش اللبناني الذين استشهدوا في معركة عبرا.
"أنت لا تمثّلني. أنا لا أعترف بك ولا بالمحكمة التي عيّنتك لأنها إصبع بيد النظام
الإيراني الصفوي. أشرفلك ما تحكي بإسمي، كلّ ما يصدر عن هذه المحكمة هو باطل وهي سياسية خاضعة للهيمنة
الإيرانية". بهذه الكلماتٍ تحدّى الأسير المحكمة العسكرية ووقف وحيداً في قاعتها بعدما ألقي القبض عليه عام 2015 أثناء محاولته الهرب عبر مطار
بيروت الدولي الى مصر ثم نيجيريا.
منذ بداية عهد رئيس الجمهورية السابق
بشارة الخوري وحتى نهاية عهد الرئيس إميل لحود، جرى تنفيذ 53 حكمًا بالإعدام في
لبنان، بينهم 14 إعداماً خلال ولاية الرئيس الياس الهراوي. وآخر حكم بالإعدام صدر في عهد لحود بحق كل من أحمد منصور وبديع حمادة وريمي أنطوان زعتر في 17 كانون الثاني 2004. واليوم، ما تزال عقوبة الإعدام موجودة دستورياً إلّا أنها لا تُطبّق، فالحكومات
اللبنانية المتعاقبة منذ عام 2004 انتهجت منحى يرمي الى عدم تنفيذ الأحكام التي تلحظ عقوبة الإعدام والعمل بما يسمى "Moratorium"؛ أي وقف تنفيذ عقوبة الإعدام بشكل غير رسمي.
أخذ قانون العقوبات اللبناني الصادر في عام 1943 وتعديلاته بإنزال عقوبة الإعدام على بعض الجرائم الخطيرة جدًا. وفي عام 1994، صدر القانون رقم 302/1994 الذي أنزل عقوبة الإعدام في القتل العمد والدافع السياسي وبمن يقتل إنسانًا عن قصد ومنع منح فاعل الجريمة الأسباب المخففة. لكن هذا القانون ألغي بالقانون رقم 338/2001، وأعيد العمل بالمادتين 547 و548 عقوبات، اللتين تعاقبان على القتل القصدي بالأشغال الشاقة المؤقتة أو المؤبدة، وليس بالإعدام.
تجدر الإشارة الى أن مقدمة الدستور اللبناني نصت في الفقرة (ب) على أن "لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول
العربية وملتزم مواثيقها، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة
الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات من دون استثناء". ونصّت الفقرة (ج) على أن "لبنان
جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة". ولعلَّ أهم المواثيق والمعاهدات الدولية التي يلتزمها لبنان، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يؤكد حق كل فرد بالحياة والحرية والأمان على شخصه وعدم جواز إخضاعه للتعذيب أو العقوبات القاسية أو غير الإنسانية أو الحاطّة بالكرامة، ويعتبر منبع المواثيق والمعاهدات الدولية. كما تعتبر المبادىء الواردة في مقدمة الدستور اللبناني جزءًا لا يتجزأ منه، علمًا بأن تسلسل القواعد القانونية يبدأ من الدستور، تليه المعاهدات الدولية، ومن ثم القوانين. وقد اكدت المادة /2/ أ.م.م. وجوب تطبيق المعاهدات الدولية في حال تعارضها مــع القانون العادي، لذلك لا تنفيذ لحكم الإعدام في لبنان.