كشفت اعترافات السوري عبدالله يحيى رحمة النقاب عن هويّة المبادر إلى احتجاز العسكريين في عرسال ومن شارك في المفاوضات لإطلاق سراحهم، خصوصا أن تنظيم "الدولة الاسلامية" كان يبدل كل فترة من يتولى المفاوضة باسمه لأسباب
أمنية على الأرجح.
فقد نقلت صحيفة "
السفير" عن رحمة ااعترافه بكل ما رآه بام عينه في عرسال في 2 آب، حينها كان ابن الـ25 عاماً الهارب من القصير مقاتلاً في صفوف "فجر الإسلام" بقيادة عماد جمعة.
وبحسب اعترافاته فانه في ها
اليوم وما إن سمع رحمة بخبر توقيف رئيس مجموعته عماد جمعة عند حاجز وادي حميد، حتى هرول مسرعاً إلى السوري يحيى الحمد الملقّب بـ "أبو طلال" ليؤكّد له خبر إلقاء القبض على جمعة، مطمئناً إياه في الوقت عينه الى أنّه يفاوض رئيس بلدية عرسال لإطلاق سراحه.
بعد ساعات قليلة، وردت معلومات إلى "أبو طلال" تشير إلى أنّ جمعة ما زال موقوفاً في إحدى غرف حاجز وادي حميّد، فسارع إلى الطلب من السوري عمر دباح الحسين الملّقب بـ "العمدة" والمحسوب على جبهة "النصرة" أن يتدخل لإطلاق جمعة.
وعلى الفور، توجّه "العمدة" على رأس مجموعة مؤلّفة من 150 مسلحاً (كان رحمة من بينهم) تابعين لـ"لواء فجر الإسلام" إلى منطقة الملاهي في خراج عرسال، على متن سيارات "بيك اب".
وبعد تبادل لإطلاق النار مع عناصر الحاجز وإصابة خمسة منهم، تراجع هؤلاء إلى خلف الملاهي. كان خبر نقل عماد جمعة من عرسال قد بات يقيناً، فقامت مجموعة من المسلحين بالهجوم على "المهنيّة"، حيث استشهد ضباط وعناصر تابعون للجيش.
وبعد فترة وجيزة، تغيّرت المعطيات مجدداُ، ليُبلغ "أبو طلال" (الذي كان في مبنى بلدية عرسال) عبدالله رحمة و"العمدة" أنّ جمعة "سيعود إلى عرسال" وفق ما أكّد له رئيس بلديّة عرسال الذي تدخّل لدى
قيادة الجيش لإطلاق سراح الموقوف.
انتظر الرجلان عند مبنى بلديّة عرسال حتى انقلبت الأمور رأساً على عقب: المسؤول العسكري لـ"الدولة الاسلامية" في حينه "أبو حسن الفلسطيني" قاد عملية أدت إلى اقتحام حاجز للجيش اللبناني في منطقة وادي الحصن وأسر عناصره، بعدما استولى على كل الأعتدة والآليات العسكريّة الموجودة بداخله.
أنتجت هذه العمليّة في ما بعد
حالة من الهرج والمرج داخل عرسال، التي دخل إليها مسلحون من مختلف
المجموعات المسلحة وسيطروا عليها.
وتابعت الصحيفة نقلاً عن اعترافات ساعات وكان مبنى مخفر درك عرسال هو هدف الإرهابيين، حيث قامت مجموعة تابعة لـ"النصرة" يقودها السوريان ميماتي شروف (25 عاماً) واسكندر عامر (35 عاماً) باقتحام مخفر
قوى الأمن الداخلي في البلدة.
حينها، شمّر الشيخ مصطفى الحجيري "أبو طاقية" عن ساعديه وشارك شخصياً في خطف الدركيين الـ15 ليتمّ نقلهم إلى المستشفى الميداني الذي يديره الحجيري، وفق إفادة رحمة الذي قال إنه كان في المكان، وبعد ذلك تولى نحو 40 مسلحاً من "النصرة" اقتياد الدركيين إلى مسجد البلدة (يقع في مبنى المستشفى نفسه).
ونقل رحمة عن الحجيري انه أبلغ المتحفظين على نقل الدركيين إلى هذا المكان بأنه "يحمي العسكريين" في المستشفى.
وإلى جانب المعلومات التي يكتنزها رحمة، فإنّ أرشيف الشاب الذي درس الفيزياء في جامعة حمص، ظهر خلال الاستجواب متخماً بفنون التنقل من مجموعة إلى أخرى. إذ ما إن بلغ الشاب الـ21 عاماً حتى كان مقاتلاً إلى جانب "كتائب الفاروق" بقيادة السوري موفّق الجربان الملقّب بـ"السوسي"و هو اليوم من أبرز قياديي "الدولة الاسلامية".
وبعد سقوط القصير، انتقل رحمة إلى القلمون، وسرعان ما نقل البارودة من كتفٍ إلى آخر، ليعلن انتماءه إلى "لواء فجر الإسلام" بقيادة عماد جمعة مقابل 300
دولار شهرياً. وما إن أعلن جمعة مبايعته لـ"الدولة الاسلامية" بعد مضايقات تعرّض لها الأخير من أمير "جبهة النصرة" في القلمون أبو مالك التلي، حتى قام رحمة بالأمر نفسه وهو الذي ظهر في فيديو المبايعة الذي انتشر على "يوتيوب".
غير أن عمليّة توقيف جمعة أعادته خانة إلى الوراء من دون أن يفكّ بيعته لـ"
داعش"، ليعود مقاتلاً مع مجموعة "السوسي"، الذي أضحى الأمير العسكري للتنظيم في جرود القلمون وعرسال. وتسلّم رحمة منه مهمّة تأمين المحروقات والألبسة والعتاد العسكري من عرسال لفصيل مؤلّف من 75 عنصراً مرابطين في جرود قارة حتى فترة قصيرة من توقيفه في أيلول الماضي.
وقد كان رحمة، الذي انتقل في أيّار 2015 إلى عرسال نهائياً، يخطّط لمغادرة
لبنان إلى
تركيا بجواز سفر مزوّر، قبل ان يجري توقيفه من الاجهزة الامنية
اللبنانية.