حسان الزين عن فقرة "أولاً" في برنامج #وهلق_شو : تملأ فراغاً تلفزيونياً وسياسياً وإعادة الإعتبار للمعلومة والتحليل والحوار الهادئ

2023-11-25 | 04:30
حسان الزين عن فقرة "أولاً" في برنامج #وهلق_شو : تملأ فراغاً تلفزيونياً وسياسياً وإعادة الإعتبار للمعلومة والتحليل والحوار الهادئ

كتب الصحافي حسان الزين مقالا في صحيفة "نداء الوطن" جاء فيه :

حازت فقرة «أولاً» التي يفتتح بها برنامج «وهلق شو؟» مع جورج صليبي على قناة «الجديد» حلقاته، نسبة عالية من المتابعة والإهتمام، وبات لها جمهورها الخاص. لا شكّ في أن لضيفيها الدائمين، الإعلاميين حسين أيوب وجان عزيز، دوراً رئيساً في ذلك، لكن وراء الأمر عوامل أخرى، منها ما هو سياسي وإعلامي، ومنها ما يخصّ المحطة والبرنامج وإدارة صليبي هذه الفقرة.

فيما كان النظام العالمي الأحادي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية يتعرّض لزلزال الحرب الروسية في أوكرانيا، التي حشدت الغرب كلّه في مواجهة موسكو، كان السؤال عن الشرق الأوسط وخريطة النفوذ فيه ينمو ويكبر ويزداد غموضاً. وفيما كانت دائرة السلام والتطبيع مع إسرائيل تتّسع عربياً برعاية ومباركة أميركيتين، كان دور إيران يتمدّد في ظل مفاوضات قاسية ومتعرّجة وغير مباشرة بين طهران وواشنطن التي يُردّد أنها تنسحب من المنطقة. وسط هذه الرياح كان لبنان ملفّاً. وفيما كان هذا البلد المنهار اقتصاديّاً ومالياً والمأزوم سياسياً واجتماعياً، في غمار مفاوضات ساخنة مع «العدو الإسرائيلي» في شأن حدوده البحرية الجنوبية، ومع عواصم القرار وشركاته في شأن ثروته النفطية، كان يتّجه بشكل واضح نحو فراغ رئاسي مع انتهاء ولاية ميشال عون في 31 تشرين الأول 2022.

 

وسط هذا المجهول أطلّت فقرة «أولاً». ربما يكون ذلك نتيجة لإحساس إداري بأهميّة تجديد برنامج مخضرم هو عمدة البرامج السياسية على القناة القلقة الباحثة عن التجدّد، لكنّه أيضاً استجابة لعطش فئات واسعة من المشاهدين ملّت السّجالات الصاخبة والمواقف الحادّة والشعبوية المكرّرة.

 

هكذا، وفي ظلّ تلك الأجواء الضبابيّة، جاءت فقرة «أولاً» ضربة معلّم. فأولاً، هي تستضيف إعلاميَين لكلٍّ منهما اسمه وشخصيّته ومسيرته المهنية والسياسية، ولكلٍّ منهما متابعون حيث يكتب أو حيث يطلّ. والأهمّ من ذلك أنّ هذين الضيفين الدائمين اللذين يملك كلٌّ منهما مروحة متنوّعة وممتدّة ونافذة من الصلات والعلاقات والمصادر هما من فئة واسعة ومتينة في الإعلام اللبناني ما زالت تقيم وزناً للمهنيّة والعقل، وتقدّمهما على المواقف والمصالح الخاصّة أو الانتمائية، حتّى في خضمّ التعبير عن الرأي الشخصيّ. وإذا كانت اللعبة التلفزيونية للفقرة تقوم على تقديم رؤيتين أو صوتين مختلفين، فإنّ أيوب وعزيز مؤهّلان بجدارة لهذا الحوار الخفيّ الهادئ ظاهراً والمتنوّع إلى حدّ التناقض في كثير من الأوقات ضمناً. ولعلّ هذا النموذج الغني بالمعلومات والتحليلات هو أحد أسرار حضور هذه الفقرة وجاذبيّتها، وهو ما أهّلها لتملأ فراغاً إعلامياً تلفزيونياً وسياسياً أحدثه البؤس والانقسام الشعبويان في المشهد الإعلامي والحياة السياسية. بل إنّ قوّة «أولاً» تكمن في إعادتها الاعتبار للمهنيّة الإعلامية والعقلانية السياسية والديمقراطية في الاختلاف والتنوّع. كذلك في إعادتها الاعتبار للمُشاهد الضجر من الأصوات المرتفعة الأحاديّة التي تريد أن تملي عليه المواقف المسبقة الجاهزة والمعطِلة للعقل.

 

وفي هذا السياق، لا بدّ من التوقف عند إدارة صليبي هذا الحوار. وهي إدارة تعيد الاعتبار للمقدّم الذي يفتح الأبواب ويفسح المجال أمام المعلومات والتحليلات بعيداً من نزعة تأجيج الصخب وسكب الزيت على النار المأخوذة بمطامع رفع نسبة المشاهدة. وهذا ما حمى فقرة «أولاً» وأمّن تحصيلها «الريتينغ» من هويّتها كمساحة للمعلومات والتحليلات والمقاربات من زوايا مختلفة والحوار الهادئ من دون جلبة واتّهامات وما إلى ذلك.

 

 

صليبي: البداية وإغناء البرنامج

لا يُخفي صليبي فرحته بالفقرة «الناجحة»، التي ولدت فكرتها «في إطار عملية التطوير المستمرّة للبرنامج». ويروي أن الدافع كان تقديم «فقرة ثابتة في البرنامج تتضمّن تحليلاً ومعلومات ولا تقتصر على صوت واحد إنما على رؤيتين أو وجهتي نظر. ووقع الاختيار على عزيز وأيوب صاحبي الصدقية عند كثيرين». لكن، وفق صليبي، «جان عنده تجربة تلفزيونية، فيما حسين صاحب التجربة الطويلة في الصحافة المكتوبة، كان دائماً بعيداً من أجواء التلفزيون، ونجد صعوبة في إقناعه باستضافته في حلقة. لذا، قلقنا ألا يوافق. وإذ أبدى الزميلان استعدادهما لخوض التجربة، قال حسين إنه يرغب في تجربة حلقة أو اثنتين، ونقيّم بعد ذلك النتائج... ومشي الحال. ومرّت سنة (ونحو شهر) مع هذه التجربة التي أثبتت تميّزها وأغنت البرنامج، وأرضت الناس لما فيها من رؤية ومعطيات وحوارٍ راقٍ ومتزنٍ وموضوعي».

ويكشف صليبي أن في تجربته معهما «كثيراً من السلاسة والتوافق والتنسيق في شأن العناوين والموضوعات التي سنتناولها في كل حلقة. أنا وهما متناغمون متناسقون».

 

عزيز: إنحسار الحرية

بعد ذلك، يقول عزيز، «كرّست الأصداء الإيجابية الفورية للفقرة، في قناعتنا، أنها تصلح لتكون أسبوعية. وهكذا كان». ويعتقد أن «أهمية الفقرة تكمن في تقديمها وجهتي نظر لأحداث الأسبوع. وجهتان أحياناً تتكاملان، أو تتقاطعان، أو تتمايزان أو حتى تختلفان... قبل أن تلتقيا على واجب البحث عن حقيقة وتكوين رأي عام واعٍ واحترام مشاهد وأولوية وطن ومصلحة عامة». يتابع: «الأهم أن القناة كانت منبراً لا قيد ولا شرط لها، إلا الحقيقة واحترام المتلقي. وهذه إشكالية أعرفها وخبرت تعقيداتها ومطباتها جيداً بحكم تجاربي الإعلامية والسياسية، خصوصاً في ظل تطوّرات ساخنة وحساسة كالتي طرحتها الفقرة خلال سنة كاملة».

ويشرح: «مسألة صفقة ترسيم الحدود مثلاً، وفضح مرتكبيها، جعلت اسمي على اللائحة السوداء لعدد من المحطات. وحدهما الجديد وإم تي في كسرتا الحظر وأثارتا القضية. وهذا مثل واحد للدلالة على مساحة الحرية المنحسرة بخطورة كبرى في البلد، مقابل فتحها لنا كاملة في الجديد بلا سؤال ولا تمنٍ ولا مراجعة، ولا حسابات تجارية أو سياسية أو شخصية».

 

 

أيوب: لغة العقل والمنطق

 

تقييم أيوب «هو أن الجمهور اللبناني بحاجة إلى الصوت المهني. ليس صحيحاً أن الجمهور يريد أن يطربه الصحافيون، على قاعدة ما يطلبه المستمعون. ردة فعل الناس إيجابية. الناس بحاجة إلى صوتين وأكثر، وهم يفصلون بين الموقف والتحليل المهني الموضوعي المتزن».

 

وإذ يعتبر أيوب أن «الصحافة مهنة مثل الطب والهندسة والنجارة لها أدواتها»، يسأل: «هل المطلوب من الصحافي أن يعلن موقفه ويقود ثورة أو محوراً أو أن يكون مهنياً أولاً؟ أي أن تجمع المعطيات من أكثر من مصدر وتدقّق وتقارن وتحدّد ما هو متقاطع عبر أكثر من مصدر، لتقول للمشاهد هذه معلومة وهذا تحليل، وتحاول أن تتفادى خداع الجمهور بمعلومات وتحليلات مضللة».

 

ويقول: «أغلبية الجمهور تحترم المهنيين. ولولا تجربتي الصحافية المقتنع بها لما أمكن أن أكون شريكاً في منتج يجد صداه الإيجابي. وميزة الجديد أنها لم تفرض علينا أجندة ما. لم نُبلّغ بأن المطلوب مسايرة فلان أو فلان، هذا النظام أو ذاك. ثمة مساحة من الحرية فاجأتني أنا الغريب عن عالم التلفزيون». يضيف: «التجربة تتطلّب مروحة من العلاقات مع الأطياف السياسية، تتطلب قراءة ومتابعة ومراكمة رصيد سياسي وثقافي، وأن لا تغرق في المحليات اللبنانية. هذه التوليفة يفترض أن تجعلك قادراً على أن ترسم مسافة بينك وبين الأحداث. وليس المطلوب من الشاشة أن تتحول إلى متراسٍ وأن يتبادل الضيوف اللكمات كي يستحقوا النجومية. لغة العقل والمنطق والحوار سلاحٌ مهمٌّ وهناك جمهور عريض ينتظره».

Download Aljadeed Tv mobile application
حمّل تطبيقنا الجديد
كل الأخبار والبرامج في مكان واحد
شاهد برامجك المفضلة
تابع البث المباشر
الإلغاء في أي وقت
إحصل عليه من
Google play
تنزيل من
App Store
X
يستخدم هذا الموقع ملف الإرتباط (الكوكيز)
نتفهّم أن خصوصيتك على الإنترنت أمر بالغ الأهمية، وموافقتك على تمكيننا من جمع بعض المعلومات الشخصية عنك يتطلب ثقة كبيرة منك. نحن نطلب منك هذه الموافقة لأنها ستسمح للجديد بتقديم تجربة أفضل من خلال التصفح بموقعنا. للمزيد من المعلومات يمكنك الإطلاع على سياسة الخصوصية الخاصة بموقعنا للمزيد اضغط هنا
أوافق