كشف وزير المال
علي حسن خليل ان قيمة الخسائر المترتبة على الخزينة نتيجة الفساد الجمركي حصراً بلغت 700 مليون
دولار سنويا بالحد أدنى، فيما رجحت تقديرات غير رسمية وصول الرقم الى حدود مليار و200 مليون دولار.
وتشير ملفات توثق بالارقام والوقائع مخالفات وارتكابات مالية جمة عابرة للطوائف والمذاهب والاحزاب، اذ اشارت صحيفة "
السفير" الى ان شبكات التهريب والتزوير نجحت في صهر أصحاب الانتماءات الدينية والسياسية المختلفة، الذين يتوزعون الادوار والاختصاصات والمرافئ والمكاسب والنفوذ.
ولفتت الصحيفة الى ان مافيات التهريب وتزوير البيانات الجمركية تضم في صفوفها سماسرة وتجارا ومخلصين جمركيين، محسوبين سياسياً على قوى متصارعة، لكنهم يتعاونون ويتكاملون في "السوق" ضمن شبكات منظمة، تدار بطريقة محكمة.
وقد تبين بعد التدقيق ان هناك أربع مجموعات مركزية و مختلطة تدير عمليات التحايل الجمركي في مرفأ
بيروت (التلاعب بالرسوم والبيانات وتمرير البضائع عبر الخط الاخضر "المتسامح".) فيما تتفرغ مجموعات أخرى للتهريب البري من
سوريا واليها عن طريق معابر تجمع أيضا
أنصار النظام السوري وخصومه.
وفي
المطار شبكات متخصصة تتولى تمرير بضائع غير مصرح عنها في البيانات الجمركية المزورة، وبالتالي غير خاضعة للكشف الهادف الى التثبت من سلامتها وجودتها.
الى ذلك علمت الصحيفة ان هناك خطين ناشطين للتهريب عبر المطار ينطلقان من الهند والصين ويمران في دبي كمحطة انتقالية وصولا الى
لبنان، موضحة ان الخطير ان من بين البضائع المتسربة خلافا للقانون أدوية ومتممات غذائية تُستورد بشكل اساسي من الهند، في حين تُعد الصين المصدر الاساس لاستيراد الالبسة والهواتف.
كما ان لهذه المافيات شركاء في الادارات الرسمية يتوزعون المهام وفق تكوين هرمي يبدأ من التغطية السياسية والمستوى الاعلى في الادارة ثم يتدرج ليشمل موظفين في الرتبتين الوسطى والعادية، انتهاء ببعض عناصر ومسؤولي الاجهزة الرسمية في المرافئ.
وفي هذا الاطار اشار وزير المال الى ان مافيات التهريب والتزوير تملك مفاتيح وجواسيس داخل الجمارك، تسمح لها بان تكون أقوى من شبكات الرقابة الرسمية، وتاليا بأن تعطل مفعولها وتأثيرها.
وامام هذا الواقع المزري، بادر وزير المال الى إجراء تشكيلات في جسم الجمارك هي الاوسع من نوعها، طالت 36 مراقبا و34 ضابطا و845 خفيرا ورتيبا، موضحا انه مصمم على تكرار التشكيلات دوريا بمعدل مرة كل شهرين ونصف شهر تقريبا، لأن بعض المراكز والدوائر باتت محميات للموظفين الذين يشغلونها، ما أدى الى استشراء الفساد كما كشف عن وجود 17 إحالة من قبله الى
القضاء.
وأكد خليل انه يسعى في الوقت الحاضر الى إرباك المتورطين في المافيات الجمركية وعدم منحهم فرصة لالتقاط الانفاس، وصولا الى ضبط عمليات التهريب وتخفيف الهدر المالي، وذلك في انتظار نضوج الحلول المتوسطة والطويلة المدى.