ما بعدَ "الفلَقة" الفرنسية ليس كما قبلَها/ وبانقضاء أربعٍ وعشرين ساعة على "نيتراتٍ" فجّرها
إيمانويل ماكرون في الحُكم "وكلن يعني كلن".. فإن الجسدَ السياسيَّ اللبناني استفاق على أوجاعٍ مؤلمة وجروحٍ وحروقٍ من الدرجة الخطِرة/ ولم تسمحِ الجراحُ البالغة بالردودِ الفورية، حيث دوّى الصمتُ في الأجنحةِ السياسية ما خلا إعلاناتٍ مُتقطّعة عن التمسّكِ بالمبادرةِ الفرنسية/ ولمّا كان الرئيسُ الفرنسي قد خصّ حِزبَ الله وأمل بالهجاءِ والاتهام من العيارِ الثقيل.. فإنَّ أولَ ردٍّ رسميٍّ سيكونُ للأمينِ العامّ لحزبِ الله السيد حسن نصرالله مساءَ غد/ أما بقيةُ الطاقمِ السياسيّ فإنّه تعاملَ معَ التوبيخِ الفرنسيّ كأنّ "
الدنيا عم بتشتي"/ فبعبدا كانَت باردةَ الأعصاب وحَرَصَت على تكريمِ السفيرِ الفرنسيّ لدى لبنان برونو فوشيه ومنحِه وسامَ الأرزِ الوطنيّ/ وإذ اكّد الرئيس ميشال عون أمامَه تمسّكَه بمبادرةِ ماكرون، رأت أوساطُه أننا مقبلونَ على أيامٍ صعبة/ وهذا ما يُحتّمُ تأليفَ حكومةِ المهمة سريعًا وخلافًا لمَن يرغَبُ في أن يكونَ على تماسٍ معَ الانتخاباتِ الرئاسية الأميركيةِ تسهيلاً لمُهمتِه/ لكنّ هذه المواقفَ لا تتعدّى كونَها تسابقاً سياسياً وعودةً إلى زمنِ التأليفِ قبلَ التكليف.. لاسيما أنّ أيَّ بوادرَ لم تَصدُرْ عن الرئاسةِ حِيالِ الدعوةِ الى الاستشاراتِ النيابيةِ الملزِمةِ سريعًا/ وكأنّ الدرسَ الفرنسيَّ لم يعلّم.. وقد أخذوا جميعُهم يحذّروننا من الأيامِ الصعبةِ والمراحلِ القاسيةِ والوصولِ الى جَهنمَّ بالتقسيط/ فلا الرئيسُ بادر.. ولا الثنائيُّ الشيعيُّ شعرَ بأنّ عليهِ مسؤوليةَ التنازل.. فيما حَزَمَ
مصطفى أديب حقيبتَه الدبوماسيةَ وسافرَ عائدًا الى برلين/ أما الرئيس
سعد الحريري الذي طالته جروحٌ طفيفةٌ مِن ماكرون فقد تعرّض لظلمٍ فرنسيٍّ عندما فُسّرت مبادرتُه على غيرِ مَحمِلِها.. فهو لم يضمنْها ميثاقيةً ومذهبية ولم يجيّرِ الماليةَ لطرفٍ بعينِه، إنما أعلن إسنادَها لمرةٍ وحيدة الى الطائفةِ الشيعية.. على أن تبقى التسميةُ في عُهدةِ مصطفى اديب/ لكنّ الرئيس
نبيه بري أطاحَ هذه المبادرةَ لدى حشوِها بأسماءٍ عشَرةٍ يختارُ منها الرئيسُ المكلّفُ فسقط الاقتراحُ بمِطرقةِ رئيسِ مجلسِ النواب/ وبعد مغادرةِ اديب صامتاً عما جرى فإنّ الرئيس َالمؤسّس
نجيب ميقاتي طرح خِيارَ الذَّهابِ الى حكومةٍ تكنوسياسية.. ستةُ وزراءَ للاقطابِ السياسيةِ وأربعةَ عشَرَ وزيرًا مِن أهلِ الاختصاص/ وهذهِ المرةَ لا ينأى
ميقاتي بنفسِه بل يدخلُها الى قلبِ الصراعِ الحكوميِّ مستعيدًا زمنًا تقدّمَ فيه ميقاتي كمُخلّص ولفترةٍ انتقاليةٍ لا تتعدّى ستةَ أشهرٍ جرَت فيها الانتخاباتُ النيابية/ والزمنُ يُعيدُ نفسَه معَ استبدالِ الانتخاباتِ بالإصلاحاتِ معَ تأكيدِ ميقاتي الثوابتَ عينَها: أنا لا أتقاعسُ عن القيامِ بدوري/ حيّدَ ميقاتي الرئيسَ سعد الحريري وأبقاه خارجَ التسميات.. وسفّر مديرَ مكتبِه مصطفى اديب واعاده الى الحقيبةِ التي جاء منها/ لم يشأْ إدخالَ حسان دياب ناديَ الرؤساءِ الاربعة لأنّ رؤساءَ الحكومةِ يلتقونَ على "فكر" كما قال.. فهل يكونُ ميقاتي خِياراً؟// لا اجوبةَ عن الاسئلةِ بعيدةِ المدى.. لكنّ الاقربَ في التساؤل ماذا سيكونُ موقِفُ الثنائي الشيعيّ مِن ضرب ماكرون المبرّح؟/ استناداً إلى النائب
جميل السيد فإنّ على حزبِ الله الخروجَ ممّا سماهُ "الوسَخ" السياسيَّ الداخلي، والإبقاءَ على المقاومةِ النضِرة/ ورأى أنّ حزبَ الله يدفعُ ثمنَ الفاسدين إلى جانبه.. فهو انغمس في اللُعبة ويَدفعُ فواتيرَها/ ورداً على اتهام ماكرون قال السيد إنّ الرئيس نبيه بري هو من يتمسكُ بالمالية.. فيما حزبُ الله متمسكٌ بالوجودِ السياسي على قاعدةِ أسماءٍ يقدّمها إلى الحكومة/ وأكد السيد أنّ الممارسة في وِزارةِ المالية لم تَحمِ أيَ قرارٍ سياسي بل كانت للتسويات والصَفَقات المتبادَلة.