جنرالاتُ الكرة تَحكُمُ العالَم والأرضُ تَدورُ حولَ أقدامِ أبطالِ الملاعب، ويستمرُّ دورانُها من الليلة حتى الأحدِ العالمي الذي سيَرفَعُ الكأس ومن الآن وحتى ليلِ الثامن عشَر ستَحتجِبُ الأحداثُ عن الصدور وإنْ صَدرت فإنها لن تَلقى أقداماً مُصغية فالكُرة سَحرتِ
الدنيا ولم يَعُدْ هناكَ مِن متّسعٍ للسَحَرة السياسيين والأسماءُ أيضاً تحتلُّ الصفوفَ الأولى للتداول، لكنّ أهمَّها عربياً تلك التي حَولّتِ المغرب إلى صلاةٍ يومية من المُستحبِّ أداؤُها عندَ العَشية وأمَلَ العربُ الذين امتَهنوا الخَسارات، من ضياعِ
الأندلس إلى فِلَسطين، أن يُسجِّلوا نصراً في المحافلِ الرياضية ويُجرُونَ حواراً مباشراً معَ الغرب على الأرضِ القطرية فالمغرب لم تَصِلَ إلى نِصفِ النهائي صُدفة، لا بل خاضتْ مَساراً مُحكماً، فرَبِحت على
بلجيكا وهَزمت كندا وأَزاحتِ الرأسَ الإسبانية، وأَخرجت
رونالدو مَلِكَ اللُعبةِ باكياً وسَطَ المنتخبِ البرتغالي وقَدّمتِ المغرب أداءَ محترِفاً أتقنتْه في الملاعبِ الأوروبية، فتدرّبت على فنونِها ومفاتيحِها وتفوّقت على مدّربيها ونتائجُ هذا الأداء ستَظهرُ الليلة من مبارياتِ المغرب-فرنسا الدولةِ التي تَضُمُ جاليةً مغربيةً كبيرة أصبحَ في معظمِها مواطنون فرنسيون وتحسباً للمواجهةِ الأهلية بينَ فريقين برأسٍ واحد، تحصّنت باريس بأرتالِ الشرطة ورجالِ الأمن وفيما وصل الرئيس
إيمانويل ماكرون إلى الدوحة لحضورِ المباريات فإنّ قواتِ الدرك الفرنسية دَهمت مكتبَ حزبِ النهضة الذي يتزعّمُه ماكرون في مَقرِّ شركة "
ماكينزي" وذلكَ في إطارِ تحقيقٍ في تمويلِ حملةِ الرئيس لعامِ ألفين وسبعةَ عَشَر من قِبَلِ شركةِ استشاراتٍ أميركية بشكل غير قانوني "ويلّي متلنا يجي لعنا"، حيث أُفيدَ بأنّ زيارةَ ماكرون إلى بيروت حُدّدت في الرابع والعشرين من الجاري لتفقُّدِ قواتِ بلادِه العاملة في نطاقِ اليونيفيل وإجراءِ بعضِ اللقاءاتِ السياسية وستكونُ زيارةُ ماكرون في الوقتِ اللبناني الضائع إذ يتسلّى القادة بجلَساتِ الإضافي فيتّجه الرئيس
نجيب ميقاتي إلى التشاور عِوضاً عن مجلسِ الوزراء يومَ الجُمُعة ويَختتِمُ الرئيس
نبيه بري جلَساتِ انتخابِ الرئيس غداً بهيئةٍ عاشرة يتخلّلُها "سحب على القرعة وتومبلا" لمناسبةِ حلولِ العام الجديد وإذا كانت مؤسّستا مجلسِ النواب ومجلسِ الوزراء معطَّلتيْن بفعلِ فاعلٍ سياسي فإنّ التعطيلَ القضائي المسمّى اعتكافاً بَلغَ حدَّ الفوضى، وأَزهقَ أرواحَ المحاكم وضَربَ أعمالَ قطاعِ المحامين منذُ أيار الماضي ومن هنا لَبِست نِقابةُ المحامين ثوبَ الدفاعِ عن قضيةٍ أصبحت مُلزِمة وطَرحَ نقيبا المحامين في بيروت والشمال ناضر كسبار وماري تيريز القوّال معادلةً
جديدة تَقضي بوقْفِ رواتب، ما لم يَعمل القضاة والاعتكافُ ليس في قطاعٍ واحد، بل يتعدّاهُ إلى قطاعاتٍ حيوية في الدولة، بينَها الإصرارُ على تعطيلِ الهيئة الناظمة للكهرَباء وحِرمانِ المواطنينَ نوراً يغطّي على عَتَمةِ السياسيين وينسحبُ التعطيلُ والاعتكافُ والفوضى المنظمّة على استجرارِ الطاقة، سَواءٌ عَبْرَ أميركا أو إيران التي كادت تُبرِزُ أسماءَ المعرقلين أما العرقلةُ الأبرز والمقيمةُ بينَنا لسنواتٍ طويلة، فهي في مِلفِ النازحين وحِيالَها انبرى اليوم نائبٌ أوروبي ليُدلِيَ بمواقفَ وتصريحاتٍ لم يَجرؤْ حاكمٌ في السلطةِ اللبنانية على التفوّهِ بها إذ حذّرَ عضوُ البرلمانِ الأوروبي الفرنسي تيري مارياني من تَبِعاتِ استمرارِ بقاءِ النازحين السوريين على الأراضي اللبنانية، قائلاً: "نحنُ نغتالُ لبنان" وسيَفوتُ الأوان في غضونِ أشهر إنْ لم نتحرّك مشيراً الى انه "لن يعودَ هناك لا مدارس ولا مستشفيات اذا استمر الوضعُ على ما هو عليه.