كتب هادي الأمين :
قبل ايام وافقت غرفة الهيئة الاتهامية في جبل لبنان، المؤلفة من القضاة ربيع حسامي زينة حيدر وانياس معتوق، على اول اخلاء سبيل للموظفة س. بزي التي اوقفت في ملف الفساد في نافعتي الاوزاعي والدكوانة. هذا الملف الذي فتحه امن الدولة باشارة المحامي العام في جبل لبنان نازك الخطيب التي احالته الى شعبة المعلومات للتوسع بالتحقيق منذ نحو شهرين، ووصل عدد الموقوفين فيه الى ١١٠ بينهم رئيسة هيئة ادارة السير هدى سلوم ورئيس مصلحة تسجيل السيارات ايمن عبد الغفور ورؤساء مصالح وموظفين وسماسرة، وآخرهم ١١ طبيب تم الاستماع الى افاداتهم امام الخطيب نفسها، والتي اصدرت قرار بتوقيفهم لتنظيمهم تقارير طبية مزورة للراغبين بالحصول على دفاتر سوق من دون اجراء الكشف الطبي اللازم.
اكثر من شهرين من التحقيقات والاستجوابات ادت الى توقيف هذا العدد من المتورطين، ووصلت خلالها القاضية الخطيب الى رأس الادارة والى كبار الموظفين وصغارهم، وصادرت مليارات الليرات وعدد من الهدايا الثمينة كالذهب والسيارات، لكن منذ تحويل الملف الى قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان نقولا منصور يبدو ان العد العكسي بدأ لصالح الموقوفين، وبدأت رحلة الموافقة على اخلاءات السبيل واولها كان س.بزي.
وفق مصادر قضائية متابعة للملف فان الجرم المرتكب من قبل بزي والتي تم الادعاء عليها بالجناية، يحتمل ان يكون جنحة، كون الموظفة تقاضت وفق الحيثيات القضائية رشوة (لقاء عمل مشروع) وعملت على تسهيل معاملات من يدفع لها على حساب باقي المواطنين وهو ما يعد اخلالا بمبدأ المساواة، ولم تتقاضى الرشى للتزوير والتلاعب بالبيانات كغيرها من الموظفين المدعى عليهم بالجناية، والتي لا يمكن اعتبارها جنحة وفق المصادر، كون الرشوة اتت (لقاء عمل غير مشروع) وهو التزوير اضافة الى الاخلال بمبدأ المساواة.
الا ان قرار الهيئة الاتهامية بالمصادقة على قرار قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان نقولا منصور باخلاء سبيل س.بزي يوجه الانظار على موقف غرف الهيئة الاتهامية وقرارها المرتقب بشأن باقي طلبات اخلاء السبيل المقدمة من باقي الموقوفين، والتي بدأت تقدم تباعا، وقد وافق قاضي التحقيق نقولا منصور على اخلاء سبيل المقدم من الموظفة س.فاعور، علما انها من بين الحالات المدعى عليها بجرم الجناية التي لا تحتمل وفق المصادر ان تصنف جنحة، ففعلها وفق تحقيقات شعبة المعلومات هو تقاضي رشى لقاء تزوير بيانات لامرار معاملات غير شرعية ويعد (عمل غير مشروع)، هذا فضلا عن ان الطلب ياتي بعد اقل من شهر ونصف فقط على التوقيف وهي مدة قصيرة جدا نظرا للجرم المدعى به، وعليه استأنفت النيابة العامة هذا القرار قبل ان يتحول الى الهيئة الاتهامية.
في حال الادعاء بالجنحة ينص قانون العقوبات على ان التوقيف رهن التحقيق مدته شهرين، تمدد لمرة واحدة لتصل الى اربعة اشهر، بينما في حال الادعاء بالجناية تصل مدة التوقيف الى ستة اشهر تمدد لمرة واحدة لتصل الى سنة كحد اقسى، وهنا علامات الاستفهام حول موافقة منصور على اخلاء سبيل الموظفة التي اثبتت التحقيقات ارتكابها جناية من خلال التزوير وفي هذه الفترة الزمنية القصيرة.
من هنا تخشى مصادر قضائية متابعة للملف من ان تكر سبحة اخلاءات السبيل بفعل التدخلات السياسية التي تمارس على القضاء من مختلف الجهات وعلى اعلى المستويات، وهو امر زاد عن حده المعقول فيما خص القاضية نازك الخطيب، التي تواجه جملة من التدخلات والعرقلات والمعارك القضائية، وليس آخرها طلب كف يدها المقدم من رئيس مصلحة تسجيل السيارات ايمن عبد الغفور، الذي اتخذ منحى فريق رئيسته هدى سلوم الساعي جاهدا لسحب الملف من الخطيب، ولكف يدها باي ثمن لكي لا تصل بتحقيقاتها الى ما بعد بعد سلوم. وكانت اخر محاولاتهم التي شارك فيها القاضي منصور من خلال قراره بالموافقة على ابطال محاضر التحقيق التي اجرتها القاضية نازك الخطيب مع هدى سلوم، وكانت غرفة الرئيس بيار فرنسيس له بالمرصاد وابطلت قرار منصور الذي وقعه في الظاهر لصالح هدى سلوم بذريعة عدم وجود كاتب خلال التحقيق مع سلوم من قبل الخطيب.
وفق المعلومات لم تبلغ حتى الساعة القاضية الخطيب بتمييز محامي سلوم قرار الهيئة الاتهامية الذي صدر لصالحها، لكنها في الوقت عينه تنتظر قرار البت بطلب كف يدها المقدم من رئيس المصلحة ايمن عبد الغفور والذي لم تعين بعد الغرفة المكلفة بدراسته.
وبدلا من ان يسرع القضاء ويتعاون مع الخطيب لاطلاق يدها في الملف الذي اوقفت فيه حتى الساعة مئة وعشرة متورط من خلال تحقيقاتها وفرع المعلومات، والتي من شأنها ان تطال رؤوسا في الدولة استفادت من فساد النافعة بمليارات الليرات والهدايا، يتعاون بعضهم مع الفاسدين لحمايتهم. لكنهم يجب ان يعلموا جيدا انه لكل قاض اسم، ولكل فضيحة قضائية عنوان، ولكل مقام مقال.