هند الملاح
نشرت الناشطة نادين جوني عبر حسابها الخاص على فايسبوك صورا لسائق سيارة اجرة اقلها، وقالت انه قام بالتحرش بها "منذ صعودي على متن سيارته انشغلت بهاتفي المحمول لكن قبل وصولي الى المكان الذي كنت اقصده لاحظت حركة غريبة الى جانبي التفت فوجدت يد السائق على عضوه الذكري وكان في السيارة فتاتان غيري". نادين قررت مراقبته للتحقق من الموضوع "كي لا اظلمه إلا ان يده لم تتوقف عمّا كان يقوم به، الامر كان تحرشا واضحا، التقطت له صورا بأوقات مختلفة وتوقيت الصور واضح ما يثبت ما اقول".
لم يخطر ببال نادين تسجيل فيديو او تصوير نمرة السيارة بعد نزولها "الموقف سبب لي التوتر"، لم يخطر ببالها سوى تصويره كي تنشر صورته لفضحه.
منشور نادين لاقى جدلا واسعا وآراء متضاربة كان ابرزها السؤال عمّا اذا كان يحق لها التشهير بالسائق، فهل يجوز قانونيا نشر صورته؟
"القانون اللبناني يعاقب على التشهير خاصة اذا كان الاعتداء غير مؤكد، لكن القانون لا يتضمن أساساً مواد تعرّف التحرّش وتعاقب عليه"، تقول المحامية لمى كرامة في اتصال مع موقع "الجديد"، لافتة الى ان التحرش اذا كان لفظيّا او معنوياً ولم يتسبب بأذى جسدي للمرأة لا يعاقب عليه: "القانون في هذه الناحية يأتي ضد المرأة". فتؤكد كرامة اهمية حملات فضح المتحرشين في ظل غياب قانون يحمي المرأة المتعرضة للتحرش.
على الرغم من ان لا قانون يجرم المتحرش الا انه يمكن ان يطبق عليه المواد المتعلقة بالمس بالاداب العامة ومواد القانون الجزائي العام، بحسب كرامة، إلا ان هذا المفهوم يبقى فضفاضاً قانونياً، و"هنالك آراء قانونية تعرّف التحرش كأي تصرف غير مراد يتعلق بجنس الشخص يحدث بغرض انتهاك كرامة الشخص أو تخويفه أو خلق بيئة غير آمنة". وبالتالي، يبقى توصيف التحرش والمعاقبة عليه كجرم مرتبطين بعوامل فردية لا يحكمها نصّ واضح.
ما هي الاليات التي يمكن للفتاة اتباعها في حال تعرضت للتحرش؟!
بشكل عام، وللأسف، لا يوجد آليات داخل المؤسسات الرسمية والخاصة للتبليغ عن التحرّش الذي تتعرّض له العاملات في سياق الوظيفة أو العمل لمتابعة الشكاوى واتخاذ الإجراءات اللازمة"، تقول مايا عمّار المسؤولية الاعلامية لجمعية "كفى"، لافتة الى انه غالباً ما لا تتشجّع النساء على التبليغ.
يمكن للنساء اللواتي تعرّضن لتحرّش التبليغ في أقرب مخفر، وعلى القوى الأمنية الاستماع لشكوى المرأة وأخذها على محمل الجدّ، بحسب مايا، مضيفة انه "هناك أساليب أخرى ابتكرتها النساء بسبب غياب العدالة والمحاسبة، ومنها فضح المتحرّش وتوثيق الانتهاك، لرفع الوعي حول المسألة وتشجيع الضحايا على التكلّم، ولتهديد متحرّشين آخرين بافتضاح أمرهم".
إلا ان حالات التحرش غير متشابهة، تقول احدى القيمات على موقع "متعقب التحرش" ناي الراعي لموقع "الجديد"، "لذلك لا يوجد وصفة عمليه تتبعها الفتاة في حال تعرضها للتحرش او لتجنبه فلا مسؤولية عليها في هذا الموقف".
تتيح "خريطة متعقب التحرش" للفتاة التبليغ عن الحالات التي تتعرض لها بشكل مجهول "فهناك استمارة تبليغ فيها اسئلة قصيرة وهي اداة لتوثيق الموضوع لنتمكن في النهاية من تقديم اقتراحات بخطوات عمليه للسلطات المختصة للحد من الفعل كأن نمد اليد لاصحاب النقل العمومي قريبا نظرا لتكرار حالات التحرش في سيارات الاجرة ووسائل النقل العام.
إذاً لم يترك القانون للمرأة التي تعتبر الحلقة الاضعف في هذه القضية، خيارا سوى تصوير المتحرش والتشهير به لتجبر المتحرشين الاخرين على التفكير اكثر من مرة قبل الاقدام على هكذا خطوة.

