بين القديسين والشياطين/ انقسم أحد الفاتيكان/ وأحد غزة// ففي أصغرِ دولةٍ على الخارطة اجتمع العالمُ كشاهدٍ على القداسةِ بعد الإبادة/ وفي أصغرِ بقعةٍ على الأرض/ كان
العالم يشاهد شياطينَ
إسرائيل وقد خرجت من جحورِها في غزة/ وأطلقتِ النارَ على خطة السلام// وبين التطويبِ والتصويبِ تنَقَلَ المشهد/ وكان
لبنان ثالثهما إذ حضر في حاضرة الفاتيكان/ بلقاء الحبرِ الأعظم ورئيسِ الجمهورية على زيارةِ السلام والرجاءِ المرتقبة الشهر المقبل/ وبلقاءٍ لبنانيٍ لبناني بين عون والراعي/ انتهى إلى أن لبنان كان ولا يزال أرض السلام والتعايش وهذا ما يطالب به الجميع// انفض الجمع في روما/ ولم يَشفع يومُ القديسين لغزة/ فتفرغ العالم ليشاهد إسرائيل/ وقد كللت خروقاتِها لاتفاق
ترامب المبرم في شرم الشيخ بالغارات العنيفة على القطاع/ بعد امتناعها عن فتح معبر رفح لدخول المساعدات/ وتجاوز نشاطُ قوات
الاحتلال حدودَ "الخط الأصفر"/ وعدم إدخال المستلزمات الضرورية لإعادة ترميم وتأهيلِ البنية التحتية/ والتأخر في الإفراج عن النساء والأطفال المعتقلين/ وجملةُ هذه العوامل شكلت صفعةً لسلام "الوهم" الذي سَوَق له ترامب وصفق له نتنياهو/ واليوم ذهبت السكرة/ وتبين أن من تُشكِلُ له الحربُ رافعةً لبقائِه السياسي/ وحين تتسع الهوة بينه وبين نتائجِها يهرب منها إليها بإشعالِ نارِها من جديد/ بالتكافلِ مع وزير أمنِه المتطرف إيتمار بن غفير الذي حرض نتنياهو على إصدار أمرٍ للجيش باستئناف القتال بكامل قوته في قطاع غزة/ في المقابل نقلت القناة الثانية عشرة
الإسرائيلية عن مسؤولٍ أميركي أن إسرائيل أبلغت واشنطن قبل تنفيذ الضربات على غزة/ وأضافت القناة إن المستوى السياسي قَرَرَ إغلاقَ جميعِ المعابر المؤدية إلى القطاع/ وعلى هذه التطورات ترتسم علامةَ استفهامٍ كبيرة/ هل عودةُ الحربِ على غزة خطوةً مدروسةً اميركياً وإسرائيلياً؟ خصوصاً وأن الخارجية الأميركية أبلغت مسبقاً الدول الضامنة بتقارير قالت إنها موثوقة عن انتهاكٍ وشيك للاتفاق من قبل حركةِ حماس/ أم أن استئناف الحرب هو فرملةٌ لعملية السلام التي أطلقها ترامب وبالتالي ستشهد أول مواجهة بين الرئيس الأميركي ونتنياهو؟/ الواضح حتى اللحظة أن الغارات تجددت/ وأن الأطقم الصحافية في القطاع عادت وارتدت دروعَ الحرب// وإلى أن تتضح الصورة/ يبدأ المشهد الداخلي بعد عودة الوفد اللبناني من الفاتيكان/ من حيث انتهى الطرحُ الرئاسي على مسألة التفاوض غير المباشر/ وبحسب المعلومات فإن حركة الاتصالات بين الأطراف السياسية ستتكثف لمناقشة الأفكار التمهيدية بعد الحديث عن شكل الفريق اللبناني التقني/ مع التأكيد أنه حتى اللحظة فإن ورقة توم باراك تشكل الأرضية الأساسية للدولة اللبنانية/ وإن كان حزبُ الله يلاقي الحكومة
اللبنانية فلن يقبل التفاوض تحت النار/ فيما الشق الثاني من الثنائي يستند إلى نموذجِ هوكشتاين لكنه ينظر إلى المسألة بعين الحذر.