صدام حسين
أصدرت الحكومة السورية قراراً بتخفيض أسعار نحو ثمانية آلاف سلعة ومادة استهلاكية.
وحسب لائحة التخفيضات التي صادق عليها وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السوري عبد الله الغربي، فإن نسبة انخفاض أسعار بعض السلع تصل إلى النصف تقريباً.
وصرح الوزير السوري بأن هذه التخفيضات "تأتي في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة لتخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين السوريين، والناجمة عن تداعيات الحرب والحصار الاقتصادي الذي تتعرض له البلاد".
مؤشر تعافي؟
الباحث والمحلل الاقتصادي السوري شادي أحمد تحدث إلى موقع "الجديد" من دمشق عن القرار الجديد للحكومة السورية، حيث أكد أن قرار تخفيض الأسعار يعتبر أحد مؤشرات تعافي الاقتصاد السوري، لكن هذه المؤشرات ليست كاملة حتى الآن حسب وصفه، لأن الخلل في المؤشرات الكلية لا يزال قائماً، والاقتصاد السوري بحاجة الى وقت حتى يستعيد توازنه، ولا ينفي أحمد أن هذا القرار بمثابة بداية لتصحيح العلاقة بين متوسط دخل المواطن المنخفض وبين هامش أرباح التجار المرتفع لا سيما بعد استقرار سعر الصرف لمدة سنة وتحسنه خلال الشهر الماضي، (الدولار الأميركي الواحد يعادل نحو 429 ليرة سورية اليوم).
ماذا عن القوة الشرائية؟
وفي هذا السياق يرى الخبير الاقتصادي أن القوة الشرائية ليست مرتبطة فقط بسعر الصرف بل بالمستوى العام للأسعار، وهذه القوة لن تعود إلا إذا عادت العجلة الانتاجية للاقتصاد السوري، من منتجات صناعية وزراعية منتجة بالليرة السورية، وهذا بحاجة لعودة المعامل السورية الى سابق عهدها، كما يحبذ أحمد فكرة بقاء سعر الصرف عند مستويات الاستقرار، لأن انخفاضه الشديد سوف يخلخل السوق.
ويتحدث أحمد بالتفصيل في موضوع القدرة الشرائية للمواطن السوري حيث يرى أن رفع القدرة الشرائية لا يحدث فقط برفع الرواتب والأجور بل بتصحيح هيكلي كامل، لأن السوق السورية سوف تبتلع أي زيادة في الرواتب و بالتالي لن يشعر بها المواطن، معتبراً أن الوضع في البلاد يقتضي ربط الأجر بتطور الانتاج.
من المستفيد؟
ويضيف أحمد لـ "الجديد" أن انخفاض الأسعار سوف يحسن المستوى المعيشي للمواطنين السوريين بمستويات متباينة، وسوف يصيب بشكل مباشر الفئات التي تعتمد على الدخل الثابت، ويحسن مستوى الأسر السورية المعتمدة على نظام الإغاثة، ولكن الشريحة غير المستفيدة هي من يعمل بشكل متقطع ودخل غير مستقر، وهؤلاء حسب أحمد سوف يجدون صعوبة في المواءمة بين انخفاض الأسعار ومستويات الدخل.
الوزير الغربي قال بعد إصدار القرار إنه سيتم تقييم الأسعار كل أسبوعين حسب حركة الأسعار بالسوق السورية، ويوضح أحمد هنا، أن الوزير الغربي يريد اعتماد الأسعار التأشيرية وبالتالي قد تحدث تخفيضات أخرى وقد تحدث ارتفاعات حسب سعر الصرف و الاسعار العالمية.
حبر على ورق!
وبعد كل قرار بتخفيض الأسعار في سوريا تنتشر آلاف الشكاوى من المواطنين السوريين عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، حول عدم التزام التجار بالأسعار الجديدة وبقاء هذه القرارات حبراً على ورق دون تطبيق فعلي على أرض الواقع.
ويرى أحمد في هذا السياق أن استجابة التجار لقرارات التخفيض الجديدة تعتمد على مسارين، الأول هو مسار قوى العرض والطلب في السوق، ويقول إن الغريب في الأمر هو أنه بالرغم من العرض الكبير، وتوفر جميع المواد بكثرة لكن أسعارها لا تنخفض، وهذا ما أطلق عليه أحمد مصطلح "الكساد التضخمي".
أما المسار الثاني حسب أحمد هو مسار الرقابة التموينية على الأسواق، ويرى أنه مسار صعب قليلاً لأن وزارة التجارة الداخلية السورية ليس لديها سوى 800 مراقب و هم لا يكفون جميع الأسواق السورية في المحافظات، لذلك يجب على الحكومة أن تتدخل بالعرض المقرون بالسعر المناسب.
احتكار
وحول احتمال احتكار التجار للسلع كرد فعلٍ على قرار التخفيض، يرى أحمد أن التجار لا يستطيعون احتكار كامل المواد في ظل الظروف الراهنة، وخاصة المواد التموينية بسبب فائض العرض في السوق، لذلك سوف يلجأون الى تخفيضات قد لا تكون بذات النسبة التي حددتها وزارة التجارة الداخلية السورية و لذلك لا بد من توسيع التنافسية فيما بينهم من أجل كسر بعض الأسعار والاحتكارات.