علاء حلبي - سوريا
بتواتر متسارع تسير عمليات إغلاق ملف الجنوب السوري كاملاً ضمن مسارين: عسكري وسياسي، رغم التعقيدات التي يشوبها هذا الملف وتضارب مصالح القوى الإقليمية والدولية فيه.
خلال الأيام الماضية تمكن الجيش السوري من استعادة مناطق عديدة ليغدو نحو 60 % من مساحة
المحافظة في قبضة الجيش السوري عن طريق عمليات عسكرية خاطفة ومصالحات لعبت
روسيا فيها دوراً محوريا.
ما يجري في درعا يطابق إلى حد كبير ما جرى في الغوطة الشرقية، حيث قام الجيش السوري بالسيطرة على اللجاة في درعا وتمكن من فصل الريفين الشرقي والغربي للمحافظة من جهة، وتضييق الخناق على مسلحي القنيطرة، بالإضافة إلى فصل ريف درعا عن ريف السويداء ضمن عمليات المصالحة التي شهدتها مدن وبلدان المحافظة الحدودية مع الأردن.
الكاتب والباحث السوري محمد نادر العمري يرى أن مسألة حسم ملف المنطقة الجنوبية كاملاً أصبح وشيكاً وقد يتم خلال أسبوعين سواء عن طريق العمليات العسكرية، أو المصالحات.
وفي وقت يخوض فيه الوسطاء الروس محادثات مكوكية في درعا مع ممثلي الفصائل المسلحة، وما يتسرب عن الوصول إلى اتفاق تارة، ورفض المسلحين الاتفاق تارة أخرى، يرى العمري أن ما يجري يتعلق بمجموعة من العوامل أبرزها وجود فصائل تابعة لـ "جبهة النصرة" (هيئة تحرير الشام)، وتنظيم "داعش"، وهي فصائل ترفض الاتفاق ويجري التعامل معها عسكرياً، بالإضافة إلى انتظار بعض الفصائل تدخلاً من القوى الإقليمية والدولية الداعمة لها أو على أقل تقدير رفع مستوى المكاسب لديهم من الاتفاقات عن طريق رفضها وتأخيرها.
بالتوازي مع ذلك، يرى العمري أن الجيش السوري تمكن من إحداث خرق أمني وشرخ كبير في هيكلية المجموعات المسلحة عن طريق تسوية أوضاع نحو الفي مسلح خلال الفترة الماضية، الأمر الذي ضرب البنية الداخلية للفصائل المسلحة.
ويستند العمري خلال قراءته للأوضاع في المنطقة الجنوبية على مجموعة من العوامل أبرزها تخلي
الولايات المتحدة الأميركية عن الفصائل "صراحة"، بالإضافة إلى الموقف الأردني المخيب بالنسبة للمسلحين، الأمر الذي وضع المسلحين في موقف صعب يشبه ما حدث في الغوطة الشرقية.
في غضون ذلك، تلعب روسيا دوراً محورياً في عمليات المصالحات في المنطقة الجنوبية، ضمن شروط تقبل بها الحكومة
السورية، أبرزها تسليم السلاح الثقيل وترحيل من يرغب أن يتم ترحيله إلى
الشمال السوري، ومنح مدة 6 أشهر لتسوية أوضاع من يرغب بالبقاء.
من جهتها، أعلنت عدة فصائل تابعة لـ "الجيش الحر" مبايعتها لتنظيم "جيش خالد بن
الوليد" التابع لتنظيم "داعش" في ريف درعا، في حين أعلنت "هيئة تحرير الشام" النفير العام في ريف القنيطرة قرب المناطق منزوعة السلاح بمحاذاة الأراضي السورية التي تحتلها
إسرائيل.
وكثف جيش
الاحتلال الإسرائيلي خلال الأيام الماضية حضوره قرب المناطق منزوعة السلاح، بالتوازي مع رفع مستوى التواصل بين الحكومة
الإسرائيلية والقوات الروسية للوصول إلى اتفاق لإعادة وضع المناطق منزوعة السلاح إلى ما كانت عليه قبل عام 2011 وعودة تنشيط دور قوات حفظ السلام الدولية التي تتمركز في تلك المنطقة.