اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز، أن الفوز الانتخابي لصادق خان المسلم إبن سائق الحافلة الذي صار رئيس بلدية لندن، هو الحدث السياسي الأكثر أهمية في الأسابيع الأخيرة، وليس ظهور دونالد ترامب مرشحاً محتملاً للحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية.
وبحسب الكاتب روجر كوهين، لم يفز ترامب بأي منصب سياسي بعد، بينما سحق خان، مرشح حزب العمال، المحافظ زاك غولدسميث ليتولى مسؤولية واحدة من أكثر المدن نبضاً بالحياة في العالم.
ويقول كوهين في مقاله إنه وبفوزه على الإفتراءات التي حاولت ربطه بالإسلام المتطرف، يقف خان إلى جانب الانفتاح ضد الانعزال والاندماج عوض المواجهة وإتاحة الفرص للجميع ضد العنصرية وكراهية النساء، "إنه نقيض ترامب".
وقبل انتخابه قال خان: "أنا لندني، أنا أوروبي، أنا بريطاني، أنا إنجليزي، أنا مسلم من أصول آسيوية من إرث باكستاني، وأب وزوج".
ويلفت كوهين إلى أن القرن الحادي والعشرين يمتاز بتعدد الوجوه والهويات وبازدهار المدن التي تحتفل بالتنوع، لا بالتحدي والتهور والتعصب أو بشعار "أمريكا أولاً" وبناء الجدران.
ويضيف أنه بناء على إقتراح ترامب عدم السماح للمسلمين غير الأمريكيين بالدخول إلى الولايات المتحدة، فإنه لن يسمح لخان بزيارة أمريكا"، الأمر الذي سيكون بمثابة "كارثة كاملة وشاملة ويجعل أمريكا مثار سخرية في عيون عالم أصابه الذعر فعلاً من صعود المرشح الجمهوري. ويكتسب انتخاب خان أهمية كبيرة في نظر كوهين كونه يدحض القول السطحي إن أوروبا يسيطر عليها الإسلاميون الجهاديون، كما يكشف أن الأعمال الإرهابية تحجب مليون قصة نجاح بين الجاليات المسلمة الأوروبية. وكونه أحد سبعة أولاد لعائلة باكستانية مهاجرة، ترعرع خان في منزل عام وبات محامياً في مجال حقوق الإنسان ووزيراً. وحصل على 3،1 مليون صوت في انتخابات لندن، وهو تفويض شخصي لم يتجاوزه أي سياسي في التاريخ البريطاني.
ويعتبر انتخاب خان مهماً لأن أكثر الأصوات تأثيراً ضد الإرهاب الإسلامي تأتي من المسلمين. وقال خان في خطاب بعد هجمات باريس العام الماضي، إن للمسلمين "دوراً خاصاً" ليلعبوه في مكافحة الإرهاب "ليس لأنهم مسؤولون أكثر من غيرهم كما يزعم البعض خطأ، ولكن لأنه يمكننا أن نكون أكثر فاعلية في معالجة التطرف أكثر من أي شخص آخر".
ومد خان مد يده إلى الجالية اليهودية البريطانية متنصلاً من زحف معاداة السامية إلى صفوف حزب العمال الذي علق عضوية رئيس بلدية لندن السابق كين ليفينغستون الشهر الماضي.
ولاحظ جورج إيتون في صحيفة ذا نيو ستايتسمان أن "خان سيكون شخصية ذا أهمية عالمية. وانتخابه هو توبيخ لكل المتطرفين، من دونالد ترامب إلى أبو بكر البغدادي، اللذين يؤكدان أنه لا يمكن للأديان أن تتعايش سلمياً".
ويخلص كوهين إن ترامب هو سياسي من نتاج الخوف والغضب الأمريكيين. فمنذ أسابيع أُنزل طالب من رحلة على متن طائرة لشركة "ساوث إيست إيرلاينز" بعدما سمعه الركاب يتحدث بالعربية. وأخرج أستاذ رياضيات إيطالي من رحلة لطائرة تابعة لشركة "أميركان ايرلاينز" بعدما شوهد وهو يدون معادلات رياضية وهو جالس في مقعده. إن ترامب الذي يصفه نورم أورينشتاين بانه "الشخص الأقل شعوراً بالأمان والمسكون بشعور العظمة" هو انعكاس لأمريكا الخائفة التي ترى التهديدات في كل مكان (حتى في أستاذ رياضيات إيطالي). وعندما أعلن ترامب "إن أمريكا اولاً ستكون الفكرة الأساسية لإدارتي" فإن بقية العالم سمع أمة غاضبة تعرض عضلاتها.